بيزنس التأثير.. تعرف على أسعار شراء المتابعين الوهميين وحسابات مواقع التواصل

يشتري بعض المشاهير والإنفلونسرز صفحات جاهزة لصناعة جماهيرية مختلقة
يشتري بعض المشاهير والإنفلونسرز صفحات جاهزة لصناعة جماهيرية مختلقة

لا تستغرب إذا دخلت مجموعة على فيسبوك، ورأيت الإعلان التالي “صفحة يتابعها ربع مليون شخص معروضة للبيع.. قناة على يوتيوب لديها نصف مليون مشترك بأعلى سعر”.

ففي ظل هوس تسويق الذات بحجم أرقام المتابعين، والبحث عن موطأ قدم في زخم الإعلام الاجتماعي، يسعى البعض إلى المكاسب السريعة، وشراء صفحات جاهزة دون استئذان جمهورها، بل يسوقونهم من صفحة لأخرى ذات اسم ومحتوى جديد، وكأنهم مجرد أرقام لا تعبر عن أناس حقيقيين لهم ذائقة واهتمامات خاصة.

تكشف لقاءات خاصة لموقع الجزيرة مباشر جوانب من صفقات شراء صفحات مواقع التواصل، وهوس بعض المشاهير و”الإنفلونسرز” بشراء المتابعين الوهميين.

شراء المتابعين الوهمين والصفحات الجاهزة يخلق تأثيرا زائفا لبعض المشاهير (غيتي)
أسعار البيع

تواصلنا مع أحد السماسرة في بيع حسابات بمصر، والذي رفض ذكر اسمه، وأوضح أن بيع “الحسابات” تجارة رائجة حاليا، ويختلف الغرض من شراء الصفحة من شخص لآخر، فالبعض يشتري الحساب بهدف الاستعراض بعدد متابعيه، وآخرون يريدون زيادة نسبة مشاهدة مشاركاتهم، أو تكبير قنواتهم وصفحاتهم، أو البدء في صفحات كبيرة، أو الإعلانات والترويج على صفحات كبيرة.

أما عن أسعار البيع، ذكر أن تحديد السعر يتوقف على عدة عوامل: عدد المتابعين، إحصاءات التفاعل على الحساب، نوع المتابعين وتصنيفهم الجغرافي، جنسية المشتري: الخليجي يدفع أكثر فيما يعرف بـ “حساب خليجي”.

وأشار إلى أن الحسابات غير النشطة مقلقة، وتؤثر تحليلات الحساب في تقييم سعر البيع، وعادة ما تكون الأسعار من 15- 35 ألف جنيه مصري (ألف دولار – 2200 تقريبا).

وعند سؤاله عن سعر حساب على موقع فيسبوك يتابعه مليون شخص، رد قائلا “لنفترض أن المنشور يحصد ما يقرب من 20 ألف لايك، والقصة تحقق 40 ألف مشاهدة، عندئذ يباع الحساب تقريبا بمبلغ 50 ألف جنيه مصري (أكثر من 3 آلاف دولار)”.

وبيّن أن دمج الصفحات سهل في فيسبوك، ولا يوجد دمج في تويتر، ويوجد بيع قنوات في يوتيوب، وهناك إقبال في السوق على إنستغرام، لأن فيسبوك يموت سوقيا منذ عامين، على حد وصفه.

تقوم بعض شركات التقنية بخلق متابعين وهميين من خلال برمجيات خاصة (غيتي)
شراء المتابعين الوهميين

يؤكد عبد الله حسني، صحفي مصري متخصص في مجال الإعلام الاجتماعي، انتشار ظاهرة “تجارة الحسابات” في العمل في مجال مواقع التواصل الاجتماعي، قائلا إن الأمر له أكثر من صورة، فهناك شراء للمتابعين الوهميين، من خلال شركات تقنية لديهم برمجيات تساعد الشخص على عمل ألف بريد إلكتروني، ومن ثم ألف حساب على موقع ما، مثل الكثير من الشركات الهندية في بريطانيا، والتي تستهدف السوق الخليجي، وبخاصة من يريدون زيادة أرقام متابعيهم، وتحقيق تفاعل أكبر مع منشوراتهم، فمثلا يُباع الألف متابع وهمي بـ60 دولارا، وتتفاوت أسعار التفاوض بحسب نوع الحساب: هل هو شخصي أم للبيزنس؟

وأشار إلى أن المتابعين الحقيقين يتم شراؤهم بصورة أخرى، وهي شراء الصفحات التي يتابعونها، ويختلف السعر باختلاف الجمهور والبائع والمشتري، ويقوم المشتري بتغيير اسم الحساب والمعلومات، ويصنع هوية جديدة للصفحة، ويُباع الحساب على تويتر الذي يتابعه 10 آلاف متابع، بقيمة 5 آلاف مصري تقريبا، وتختلف القيمة باختلاف طبيعة الحساب وجمهوره.

وضرب مثلا بأن هناك حسابا رسميا للاعب محمد أبو تريكة، كما توجد صفحات عديدة غير رسمية تحمل اسمه، أطلقها محبوه وجمهوره، وعادة ما يتابع هذه الصفحات جمهور حقيقي متجانس مثلا معظمهم مصريون ومحبون لكرة القدم ومن جمهور الأهلي، وهذا النوع من الصفحات له حساب خاص لأن جمهوره متفاعل ومتخصص.

وذكر حسني مثالين شهيرين في مجال بيع حسابات مواقع التواصل الاجتماعي:

– ممثل شهير يقدم أغاني مهرجانات قام بشراء قناة على يوتيوب، وغير بياناتها، وعرف المتابعون القصة، وأن قناته الكبيرة ليست مبنية على جماهيرية حقيقية في بدايتها.

– داعية كبير قام متابعوه بإنشاء قناة غير رسمية تحمل اسمه “محبي الشيخ فلان” ووصل عدد متابعيها إلى 800 ألف مشترك، وعندما استعان هذا الشيخ بفريق لإدارة صفحاته على مواقع التواصل، قاموا بالتواصل مع مؤسسي هذه القناة، وطلبوا منهم إما دمج القناة في مقابل العمل مع فريق الشيخ، أو شرائها.

وأوضح أن فيسبوك يحاول خلق نوع من الشفافية transparency في هذا الأمر، وعرض بيانات الدمج في البيانات الرئيسية في الصفحة.

يطالب خبراء الإعلام الاجتماعي بوضع حد لظاهرة بيع حسابات مواقع التواصل لأنها تؤثر في مصداقية الإعلام الجديد (غيتي)
أين حق الجمهور؟

يشير الإعلامي المغربي محمد لشيب إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي نشأت بهدف التواصل الشخصي، لكن مع تطورها وانتشارها، ودخول عوامل سياسية واقتصادية بدأت تنحى إلى القيام بأدوار أخرى مثل التواصل السياسي، والبيع والشراء، ولذلك أتت فكرة البحث عن الجمهور، وسهولة الوصول إليه، لأن تكوينه يحتاج إلى سنوات، ومع سرعة الحياة، يلجأ بعض الناس إلى شراء حساب جاهز في مقابل مادي.

وذكر أن هذه التجارة لها سوق رائجة، ويُدفع فيها أسعار فلكية أحيانا، ولكن تحاول المنصات التصدي لها، وبخاصة تويتر التي تكافح ظاهرة الحسابات الوهمية، المرتبطة بما يعرف باسم “الإنترنت المظلم” الذي تتم فيه الصفقات بناء على عمليات برمجية.

وأكد أن هذه الصفقات غير أخلاقية، وتتنافى مع المبدأ الذي أسست عليه مواقع التواصل، لأنك عندما تشتري صفحة فإنها لا تعبر عنك، والجمهور له حقوق، والمشتري يقوم بتغير هوية الصفحة دون أن يستأذن الجمهور، وهذا الأمر لا ينتبه إليه بعض الناس.

ويرى أن الأمر يتطلب جهدا أخلاقيا، وعملا إعلاميا حقيقيا لتجويد المحتوى، وينبغي أن تعبر الأرقام في حسابك عن حقيقة وجودك، وشتان بين الحسابات التي جنت نجاحها بعرق جبينها، والحسابات التي اشترت عدد متابعيها بالمال.

وأوضح أن هناك برامج ومواقع تحلل الحسابات، وتفرز الحسابات الحقيقية والمفبركة، وتحلل عدد المتابعين النشطين، والمتابعين الوهمين، الذين يمثل وجودهم مجرد “تسجيل دخول”، أو زيادة عدد لا أكثر.

اقرأ أيضأ:

نظرية “الهالة”.. شاهد: كيف يصنع الجمهور “الإنفلونسرز”؟

لماذا يتابع الجمهور برامج المقالب؟

نجومية أخصائية تغذية.. هل غيرت مواقع التواصل معايير الشهرة؟

“تصطفل” و”بنوب”.. شاهد: معاني الكلمات الشهيرة في العامية السورية

النكتة أم المنهج.. هل تلبي قنوات تعليم الإنجليزية احتياجات الشباب العربي؟

“أسعد يوم في حياتي”.. شاهد فرحة أول راتب من يوتيوب

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان