40 عاما من العطاء ولديها مزيد.. “أم الفقراء” طبيبة لبنانية لا تداوي المرضى فقط (فيديو)

بنظرة حانية ونبرة ممازحة، وقعت عين الطبيبة بشرى دبج الكشف على طفلة صغيرة قصدت عيادتها، حالها كحال مئات بل آلاف اللبنانيين الذين توسّموا فيها الرأفة ليس من ألم المرض فقط ولكن من وطأة الظروف الاقتصادية الجاثمة على حياتهم منذ سنوات.

تقول الطبيبة بشرى إن رسالتها منذ أن امتهنت الطب وافتتحت عيادتها عام 1983 حتى الآن أن تساعد المحتاجين وألا تثقل عليهم بكلفة الكشف أو ثمن العلاج قدر الإمكان، وتضيف أن رسوم الكشف التي أتاحتها لمرضاها منذ أن بدأت كانت قليلة في الأساس فتمكّنت من جذب أعداد كبيرة من المرضى رقيقي الحال.

تضيف “كلما زادت خبرتي وازداد الوضع الاقتصادي تدهورًا خصوصًا في الفترة الأخيرة، توجّب على أن أكون إلى جانب المحتاجين”.

من يقصد عيادة الطبيبة بشرى لن يتحمل الكثير لتدبير رسوم الكشف “الرمزي” الذي يتراوح بين نحو 80 سنتًا إلى دولارين، وأحيانًا “لا يدفع المريض أي رسوم سواء للكشف أو المتابعة”.

وتوضح الطبيبة اللبنانية أن رسوم الكشف في عيادتها لديها رمزية حتى يتمكن المريض من شراء الدواء، الذي قد يكلف ما يعادل نصف رواتبهم الشهرية.

ويعاني القطاع الصحي في لبنان تدهورًا شديدًا، في بلد يشهد منذ نحو ثلاث سنوات أزمة اقتصادية ومالية من ضمن الأسوأ على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، وساهم في تفاقمها التداعيات الاقتصادية المزدوجة لتفشي جائحة كورونا، والانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس/ آب 2020، فضلًا عن تفشي الفساد الذي يضرب قطاعات عدة في البلاد.

لا تقف رسالة الطبيبة بشرى عند عتبة عيادتها بالكشف على المرضى وتشخيصهم، وإنما تتجاوزها لتقدم يد العون لهم في توفير العلاج، وتقول “من خلال علاقاتي كطبيبة بالكنيسة الأرثوزكسية التي تصلها مساعدات طبية وأدوية من الخارج، تواصلت مع مطران الكنيسة والقائمين عليها، بهدف إتاحة هذه الأدوية للجميع وليس حصرًا على أتباع الكنيسة”.

في عيادة الطبية بشرى، أرفف رُصت عليها علب الدواء الذي تمنحها شركات الأدوية وتعطيها مجانًا للمرضى، وتوضح” أصبحت هناك ثقة من الشركات التي توقن أنني أوزع الأدوية مجانًا ولا أتربح منها”.

“أم الفقراء، تساعد الجميع ولاتغلق بابها أمام أحد سواء قادر أم غير قادر”.. هكذا تصف إحدى المريضات الطبيبة بشرى وتقول إنها تلبي مطالب الجميع بصرف النظر عن أي اعتبارات.

تبدو عيادة الطبيبة بشرى متواضعة ولا تحمل أي سمات الحداثة في أثاث أو تجهيزات، وتقول “لم أستطع أن أطوّر الكثير في العيادة نظرًا للكلفة العالية، ولأني آثرت أن تُدخر هذه الأموال لمساعدة المرضى”.

وتشكو الطبيبة من الوضع المتردي للمستشفيات في بلدها والكلفة الباهظة التي تُحملها للمرضى، وهو ما يضع عليها عبئًا إضافيًا لمتابعة بعض المرضى بشكل يومي داخل عيادتها الخاصة.

وبينما تتفانى الطبيبة بشرى في أداء رسالتها في نطاقها المحدود، تتعالى تحذيرات دولية بأن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في لبنان سيواصل تدهوره.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان