تغلُب عليه الهوية الإسلامية.. تعرف إلى أبرز معالم حي “تشارشمبا” في إسطنبول (فيديو)

في المنطقة الخلفية لحي الفاتح بالجزء الأوربي من مدينة إسطنبول التركية يقع حي (تشارشمبا)، الذي يصفه البعض بأنه أحد أكثر الأحياء تدينًا في البلاد.
وذلك ليس فقط لأن أكثرية نساء الحي محجبات، وليس للمظهر العام المميز لرجال الحي (اللباس الإسلامي الذي يعود تاريخه إلى حقبة الدولة العثمانية، واللحى الطويلة)، بل للسمت العام المحافظ، الذي ينعكس على المعاملات اليومية في الحي.
ويعد حي تشارشمبا من معالم إسطنبول، التي يفصلها مضيق البوسفور إلى قسمين، ومن ثم فهي تقع بين قارتي آسيا وأوربا، ورغم المتغيرات التي شهدتها المدينة، منذ قيام الجمهورية التركية عام 1923، حافظ حي تشارشمبا على مظهره العام، الذي يضفي عليه خصوصية.
عند دخول الحي يتبدى منذ اللحظة الأولى طبيعته المحافظة، إذ ترتدي النساء “الشرشف الأسود” الذي يغطي كامل الجسد، باستثناء الأنف والعيون، بينما يرتدي الرجال القمصان الطويلة والسراويل الواسعة، وفوقهما جبة، وعلى الرأس يضعون العمامة التي تتميز بأشكالها المختلفة.
والشرشف، من الملابس الإسلامية التقليدية، هو النسخة التركية من العباءة العربية، ويشبه الشادر الإيراني، إذ يُغطي الجزء السفلي من الوجه، ويمسك القماش مع دبوس يوضع تحت الأنف، ويستخدم منذ عهد الإمبراطورية العثمانية.
@aljazeera_mubasher “تشارشمبا” الحي التركي الأكثر تدينًا.. ما أهم ما يميز هذا الحي ؟ #turkey #تركيا
حكاية التدين
يقول عثمان دلجي، أحد سكان الحي، للجزيرة مباشر “يتميز الحي بالهدوء والتدين المعتدل، الذي بدأ مع قدوم، محمود أفندي، كي يتولى إمامة جامع إسماعيل أغا عام 1954، وبدأ بالانقلاب الناعم على علمانية المنطقة، إذ كان يطرق الأبواب ويسأل الناس عن حاجتهم، ويساعد الجميع دون انتظار مقابل، إلى جانب دعوة الأهالي إلى إرسال أطفالهم لتلقي التعليم الديني بالمسجد”.
وأضاف دلجي “قام محمود أفندي بتدريس الدين بطريقة سلسة، الأمر الذي جذب آلاف الطلاب والمريدين إليه، وساعده في تكوين تلك الجماعة القائمة على الدعوة إلى الله والتبليغ والإرشاد، ومع مرور الوقت أصبح حي تشارشمبا معقلًا لأتباع جماعة محمود أفندي، ورغم تدين أبناء الحي إلا أن محالهم وبيوتهم مفتوحة للأجانب وغير المسلمين في محاولة لنشر منهج محمود أفندي”.

“محمود أفندي”
ولد محمود أفندي (اسمه الحقيقي: محمود أسطى عثمان أوغلو) في مدينة طرابزون شمال تركيا عام 1929، ونشأ على التعليم الديني إذ حفظ القرآن الكريم وهو في عمر السادسة، وتلقى علوم اللغة العربية وآدابها إلى جانب اللغة الفارسية، وفي سن السادسة عشر أجازه الشيخ دورسون فوزي أفندي -الذي تلقى لديه العلوم الشرعية- في العلوم النقلية والعقلية.
وفي عام 1954 تم تعيين محمود أفندي، إمامًا لمسجد إسماعيل أغا، وظل به حتى أُحيل للتقاعد عام 1996، وخلال سنوات قليلة أصبح للشيخ الجديد تأثير كبير في سكان الحي ما أزعج السلطات الحاكمة آنذاك تحديدًا بعد انقلاب 1960، ودفعهم إلى نفيه إلى وسط تركيا في ولاية إسكي شهير.
معالم تشارشمبا
يتميز حي تشارشمبا بوجود أزقة خاصة، تلبي احتياجات النساء، وأخرى للرجال، كمحال حياكة الملابس النسائية، وحياكة الملابس الرجالية، وأخرى للاحتياجات الأساسية كالأغذية والملابس والكتب الدينية والأوقاف الإسلامية، والزينة والحلى المرتبطة بالدولة العثمانية.
ولدى جماعة محمود أفندي، مدارس منزلية خاصة بهم تدرس القرآن الكريم، وتفسيره، والعلوم الشرعية بأفرعها كافة، واللغة العربية وآدابها، وتعد دعاة ترسلهم في مختلف أنحاء البلاد وإلى الخارج لنشر منهجها، وحاليًا تنشأ الجماعة أول جامعة خاصة.