أين يقع المكان الأكثر سخونة في الكون؟ علماء هارفارد يجيبون

يبلغ معدل حرارة نواة هذه المنطقة حوالي 10 تريليون كلفن “أكثر من 10 تريليون درجة فهرنهايت ومئوية”

توجد الثقوب السوداء وسط أجرام كونية نائية تسمى النجوم الفلكية "كوازارات" (رويترز)

في الوقت الذي تُعتبر فيه الشمس أحد أكثر الأجسام حرارة في نظامنا الشمسي، فإن درجات حرارتها تعد شيئًا لا يُذكر إذا ما قورنت بالحرارة الشديدة التي تمتلكها أجرام سماوية أخرى.. فما هو أسخن مكان في الكون؟

الإجابة وفقًا لدانيال بالومبو الباحث بجامعة هارفارد، تكمن بالقرب من ثقب أسود عملاق يتغذى وينتج أشعة هائلة من المواد التي تتحرك بسرعة الضوء.

وحتى الآن، يُعتَبَر “الكوازار” (3C273) هو أسخن مكان مُسجل في الكون، حيث يمثل منطقة تشع بسطوع حول ثقب أسود ضخم جدا، يبعد عن الأرض نحو 2.4 مليار سنة ضوئية.

وتوجد الثقوب السوداء وسط أجرام كونية نائية تسمى النجوم الفلكية (كوازارات). وهذه الثقوب عبارة عن حيّز في الفضاء به مادة مكثفة للغاية لا تسمح حتى للضوء بسرعته المطلقة بالنفاذ من خلالها وتفادي جاذبيتها. ويجري رصد الثقوب السوداء من خلال الآثار الناجمة عنها على المجرات القريبة والنجوم والغبار الكوني.

ويبلغ معدل حرارة نواة هذه المنطقة حوالي 10 تريليونات كلفن (أكثر من 10 تريليونات درجة فهرنهايت ومئوية)، ومع ذلك لا يزال هناك بعض الغموض حول هذا التقدير للحرارة وفقًا لما أضافه بالومبو.

وتنص النظرية العلمية على أن الثقوب السوداء تتمدد وتمتص الكتلة في الوقت نفسه، لكن مع امتصاص هذه الكتلة ترتفع درجة حرارتها مما يوجد إشعاعات ذات ضغط يعمل على طرد الكتلة بعيدًا عن الثقب الأسود. توجد الثقوب السوداء وسط أجرام كونية نائية تسمى النجوم الفلكية (كوازارات)

قرص التغذية

وعلى الرغم من أن هذا الثقب الجاذب يحتوي على مصدر برودة في داخله، فإن حلقة الغاز التي تدور حوله المعروفة باسم قرص التغذية، تعكس الوضع تمامًا؛ إذ يتم سحب الجزيئات إلى داخل الثقب الأسود بسرعات عالية، وتولّد الاصطدامات بين هذه المادة احتكاكًا يمكن أن يتسبب في درجات حرارة تصل إلى تريليونات الدرجات المئوية.

ولتوضيح ذلك، فإن درجة حرارة سطح الشمس تبلغ 10.000 درجة فهرنهايت (5.500 درجة مئوية). وتزداد درجة الحرارة بشكل أكبر عندما يعمل الحقل المغناطيسي القوي للثقب الأسود على تحريك بعض المواد القريبة منه نحو إشعاعات يمكن أن تنطلق إلى الفضاء ملايين السنين الضوئية.

ولكن الإجابة عن سؤال “أين تقع أسخن نقطة في الكون؟” قد تعتمد أيضًا على توقيت طرح السؤال، فوفقًا لكوشيك شاترجي، زميل مبادرة الثقب الأسود بجامعة هارفارد، فالثقوب السوداء هي على الأرجح أكثر الأماكن حرارة واستقرارًا، لكنه يضيف أن “أي مكان تحدث فيه أحداث كارثية، سيكون هو المكان الأكثر سخونة”.

فعند اصطدام جرمين سماويين كبيرين، قد تنتج الانفجارات المترتبة عنه درجات حرارة مرتفعة للغاية. وعلى سبيل المثال، يمكن لاصطدام نجمين نيترونيين أن ينتج درجة حرارة تصل إلى 1.5 تريليون درجة فهرنهايت (800 مليار درجة مئوية).

ويقول بالومبو إن من الصعب أيضًا تحديد أسخن نقطة في الكون لأنه “من الصعب دراسة درجات حرارة الأجسام البعيدة جدا؛ فببساطة لا يمكنك قياسها باستخدام ميزان حرارة”، مشيرًا إلى أنه لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين حول درجات حرارة الثقوب السوداء على وجه الدقة.

ولذا فبدلاً من ذلك، يقوم العلماء بقياس الطاقة الناتجة من الثقوب السوداء العملاقة، التي يمكن أن تنبعث منها إشعاعات ضوئية ساطعة، وتقدير درجة الحرارة بناءً على النماذج التي تأخذ في الاعتبار أطوال تلك الموجات.

ويقول ريتشارد كيلي، الباحث الأول لدراسات الشمس في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) إن مرصد الأشعة السينية المستقبلي سيساعد العلماء على قياس الغازات العالية الحرارة في الفضاء بدقة أكبر. ومع استمرار تطوير أدوات أكثر تقدمًا، قد يجد العلماء مناطق أكثر سخونة من الكوازار 3C273.

المصدر: لايف ساينس

إعلان