هل يمكن أن يتحول النجم إلى كوكب؟ علماء فلك يجيبون
تختلف آلية تشكل الكواكب اختلافًا جذريًا عن الآلية التي تتشكّل عبرها النجوم

لا يمكن للنجم أن يتحول إلى كوكب على حد قول مُعظم العلماء، ولكن الحدود بين هذه الأجسام الفلكية يمكن أن تكون متشابكة أحيانًا.
وتتألف النجوم من غلاف غازي حار يحترق بشكل مستمر، أما الكواكب فهي تقع في مدار حول النجوم ولا تولّد طاقة بنفسها، وبينهما توجد أيضًا النجوم البنّية الداكنة التي تشبه النجوم في الحجم والشكل لكنها تبعث ضوءًا أقل.
“النجوم الفاشلة”
وتُسمّى هذه الأجسام “النجوم الفاشلة”، لكن هل يمكن أن يتحول النجم البني الداكن إلى كوكب؟ هذه فكرة مثيرة للاهتمام، ولكن بالنسبة لمعظم الفلكيين، فالإجابة هي “لا”، فاستنادًا إلى الطريقة التي يتكوّنان بها، يختلف كل منهما عن الآخر بلا شك.
وتختلف آلية تشكّل الكواكب اختلافًا جذريًّا عن الآلية التي تتشكّل عبرها النجوم. حيث تتشكّل النجوم عندما تنهار عقدة كثيفة من مادة في سحابة جزيئية (سحب تتألف من الهيدروجين والغبار الكوني) بفعل جاذبيتها الخاصة؛ لتشكل مجموعات جزئية تسمى بالنجوم الأوّلية.
ومع نمو كتلة النجم الأوّلي، وبالتالي جاذبيته يتم ضغط نواته الصغيرة بشكل محكم؛ مما يؤدي إلى ارتفاع كبير في درجة الحرارة، واشتعال اللب؛ لينطلق بذلك الاندماج النووي الحراري. وبمجرد أن يتكون النجم تبدأ عملية تكوين الكواكب من بقايا السحب الجزيئية المنهارة.
أقزام سوداء
وتبقى الأقزام البنية ساخنة -بسبب الاحتكاك بين مكوناتها- فترة تمتد إلى مليارات السنين، ثم تنخفض درجة حرارة سطحها شيئًا فشيئًا حتى تصبح أقزامًا سوداء، وتلك هي المرحلة النهائية من أعمارها.
وتتشكّل النجوم عادة عندما تتجمع الغيوم الغازية معًا بفعل الجاذبية. وبفضل كتلتها الكبيرة، يمكن للنجوم أن تحافظ على الانصهار النووي، حيث يتحول الهيدروجين إلى عناصر أثقل، مثل الهيليوم والكربون والحديد.
أما النجوم البنية الداكنة فلا تتمكن من الحفاظ على الانصهار النووي في هذا النمط، ولكن يمكن أن تحافظ بشكل مؤقت على انصهار كميات قليلة من مادة الديوتريوم.
Could a star ever become a planet? https://t.co/Knm50nSEHO
— Live Science (@LiveScience) September 3, 2023
وبمرور الوقت، تنخفض حرارة النجوم البنية الداكنة على النحو الذي يشبه الكواكب. ومن المؤكد أن العديد من النجوم تنفجر وتتحول إلى مواد أخرى تنتشر في الكون، ثم تتشكل نجوم جديدة من الغاز الباقي. وعندما تتشكل النجوم الجديدة، تدور حولها العناصر الأثقل في هيئة أقراص. وتتشكل هذه المواد الباقية أولًا على هيئة صخور صغيرة وكواكب صغيرة، ثم تتشكل الكواكب تدريجيًّا.
لذا يمكن القول إن النجوم والنجوم البنية الداكنة تتشكل من غاز، أما الكواكب فتتشكل من عناصر أثقل. ومن ثم فلا يمكن للنجم أن يتحول إلى كوكب.
ومع ذلك، تتطور المعارف بمرور الزمن؛ إذ تم تحديد النجوم والكواكب فترة طويلة من التاريخ بناءً على أنماط حركتها في السماء، ولكن في النهاية، علِم الناس أن الكواكب تدور حول النجوم. والآن، يعرف الفلكيون أن النجوم (والنجوم البنية الداكنة) يمكن أن يدور بعضها حول بعض، وأن بعض الكواكب لا تدور حول أي شيء.
وتعقد النجوم البنية الداكنة، التي لم يتم اكتشافها إلا في الستينيات، التعريفات التقليدية بشكل أكبر، حيث تقول إيفجيني شكولنيك أستاذة علوم الفلك في جامعة أريزونا “إنها ليست نجومًا فاشلة ولا كواكب مُغذية بشكل خاص ولكنها أنواع مختلفة تمامًا”.
الجيل التالي من الكواكب
وغالبًا ما يتم تعريف النجوم والنجوم البنية الداكنة والكواكب من خلال الحجم، حيث يزيد حجم النجم على حجم كوكب المشتري بـ80 ضعفًا على الأقل، في حين تزيد النجوم البنية الداكنة على حجم المشتري بما بين 12 و80 ضعفًا.
ولكن العديد من الأجسام السماوية تعقد هذه الفئات، فبعض الكواكب، مثل كوكب المشتري (العملاق الغازي)، يمكن أن تصبح كبيرة بما فيه الكفاية لجذب الغاز بثقلها الجاذبي على نواة صخرية، ويمكن لبعض هذه الكواكب الغازية الكبيرة أن تنصهر بالديوتريوم. وفي الوقت نفسه، تفقد النجوم البنية الداكنة القدرة على الانصهار بالديوتريوم مع مرور الوقت.
وما دامت هذه الأجسام السماوية تعرف بناءً على كيفية تشكّلها، فلن تتحول النجوم البنية الداكنة إلى كواكب، فعلى سبيل المثال تم خفض تصنيف “بلوتو” إلى “كوكب قزم” عام 2006، لأن الاتحاد الفلكي الدولي قام بتغيير تعريفه. وفي المستقبل قد يُعاد أيضًا تصنيف بعض النجوم البنية الداكنة على أنها كواكب.
وعلى الرغم من أنه لن يتحول أي نجم إلى كوكب واحد، فإن النجوم يمكن أن تصبح جزءًا من عدة كواكب، لنفس السبب الذي يجعل الناس يقولون “نحن جميعًا مصنوعون من الغبار النجمي”. إذ عندما ينفجر نجم، تتم إعادة تدوير ذلك النجم في النهاية إلى الجيل التالي من الكواكب.