الإسراء والمعراج.. لماذا المسجد الأقصى؟ ومن كان يحكمه وقتها؟
النبي ﷺ اجتمع بالأنبياء في السماوات ثم نزل إلى بيت المقدس ثانيًا وهم معه وصلى بهم فيه
يأتي الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج هذا العام في ظل عدوان إسرائيلي غير مسبوق على قطاع غزة منذ 4 أشهر راح ضحيته حتى الآن نحو 100 ألف شهيد ومصاب، في أعقاب إطلاق المقاومة الفلسطينية معركة طوفان الأقصى والتي أعلنت ضمن أسبابها “مواجهة مخططات التهويد والتقسيم الزّماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك”.. فما مدى قدسية هذا المكان في الإسلام وقصته في معجزة رحلة الرسول ﷺ إلى السماء.
من كان يحكم بيت المقدس؟
يقول الدكتور جمال عبد الهادي أستاذ التاريخ في كتابه “الطريق إلى بيت المقدس” إن الأرض المقدسة تعرضت للغصب مرات كثيرة على مدار تاريخها الطويل على يد أقوام أطلق عليهم القرآن الكريم اسم (قوما جبارين) ومرة أخرى سماهم (جالوت وجنوده) ومرات كثيرة على يد الآشوريين والكلدانيين والفرس واليونان والروم والأوربيين (الفرنج) الذين تستّروا بستار الصليب، والعبيديين والمغول والتتار، وغيرهم”.
وظلت بلاد الشام في قبضة الاحتلال الرومي لمدة 7 قرون منذ عام 63 قبل الميلاد وحتى عام 13 هجرية.
وتقول المصادر التاريخية إنه في عام 614 ميلادية زحف جيش القائد الفارسي شهربراز إلى (إيلياء) القدس، حيث حاصرها الفرس حوالي 20 يومًا، ثم دخلوها عنوة وجعلوها نهبًا للحرائق.
وقتل اليهود (حلفاء الفرس) عدداً كبيراً من النصارى يقدره بعض المؤرخين بـ57 ألفا. ودمر الفرس كنيسة القيامة واستولوا على الصليب المقدس (الذي يعتقد النصارى أن المسيح صلب عليه) ونقلوه إلى عاصمتهم المدائن.
وأقام الفرس في القدس حكمًا يهوديًا نكاية في الروم المسيحيين.
واختلف العلماء في توقيت الإسراء والمعراج فقيل “قبل الهجرة بسنة، وادعى ابن حزم الإجماع على ذلك، أي في عام 621 ميلادية”، وقال القاضي “قبل الهجرة بـ5 سنين أي في عام 617 ميلادية”.
وعلى كل فقد أسري بالنبي ﷺ إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس وهو تحت الحكم اليهودي.
وفي عام 622 م (السنة الأولى للهجرة)، تمكن هرقل ملك الروم من الاستيلاء على القسطنطينية وقام بمهاجمة جيوش الفرس في عقر دارهم في بلاد فارس. واستولى على أذربيجان سنة 624 ميلادية (العام الذي وقعت فيه غزوة بدر) حيث قام بتدمير أكبر معبد نار مجوسي (انتقاماً لتخريب كنيسة القيامة في القدس).
وفي معركة نينوى، عام627 ميلادية انتصر هرقل انتصارًا حاسمًا على الجيش الفارسي بقيادة راهزاد، ووصل خبر هذه المعركة إلى المسلمين عام 628 بعد أن انصرفوا من مكة عاقدين صلح الحديبية.
ومشى هرقل حافيًا من المدائن إلى القدس حاملاً ما يسمى بالصليب المقدس عام 629 في السنة الثامنة للهجرة النبوية.
لماذا الإسراء إلى الأقصى؟
لا يعرف بشكل دقيق من الذي بنى المسجد الأقصى أول مرة، حيث اختلف المؤرخون فيما بينهم على من وضع اللبنة الأولى لبناء المسجد، فمنهم من قال إن النبي آدم أبا البشر هو من بناه، والبعض يقول إنه سام بن النبي نوح، وآخرون ذهبوا إلى أن سيدنا إبراهيم هو من عمد إلى بناء المسجد الأقصى.
وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذرٍّ قال “قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ مسجدٍ وضعَ في الأرضِ أولًا؟ قال: المسجدُ الحرامُ، قلتُ: ثم أيُّ؟ قال: المسجدُ الأقصى، قلتُ: كم بينهما؟ قال: أربعون سنةً، ثم حيثُما أدركتْكَ الصلاةُ فصلِّ”.
وقد ورد في الأحاديث الصحيحة ما يؤكد أن النبي ﷺ اجتمع بالأنبياء في السماوات ثم نزل إلى بيت المقدس ثانيًا وهم معه وصلى بهم فيه. وفي هذه الرحلة المعجزة أيضًا فُرضت الصلوات الخمس على المسلمين.
وعن حكمة ذلك يقول الدكتور جمال عبدالهادي إن هذا كان توجيهًا من الله عز وجل للرسول ﷺ وأمته من بعده أن بيت المقدس مسؤوليتكم وهو ميراثكم وأنه لابد من تحمل مسؤولية القيادة والسعي إلى تحريره وإقامة حكم الله عليه.