“ثورة المتوسط” تهدد السواحل المصرية رغم رسائل الطمأنة الحكومية

شواطئ إسكندرية - مصر
شواطئ بالإسكندرية - مصر (رويترز)

لا يجد الزائر لشواطئ مدينة الإسكندرية في مصر على ساحل البحر المتوسط أي صدى لتحذيرات بشأن احتمال التعرض لموجات مدّ عاتية.

فقد تفاقم الزحام في سواحل متفرقة بالمدينة تقلصت مساحتها بفعل موجات المد التي تركت آثارها على مناطق سيدي بشر وميامي والعصافرة وستانلي والعجمي وغيرها عبر نحر لم يتوقف منذ عشرات السنين، ويشي بأن شيئًا ما يمكن أن يحدث.

يشير أبو مصطفى، أحد المصطافين بشاطئ قرب منطقة سيدي جابر، إلى حواجز صخرية متراكمة وضعتها هيئة حماية الشواطئ لمواجهة أي مد محتمل، لكنه يقول للجزيرة مباشر إنه جاء من القاهرة مع أسرته للاستمتاع بالبحر، ولا يريد أن يسمع شيئًا عن تلك التحذيرات.

كما يشير في سخرية إلى رايات سود وحمر رفعتها جهات الإنقاذ للتحذير من ارتفاع الأمواج قائلًا “مفيش فايدة”، وبدا أنه لم يعد كافيًا رفع رايات التحذير؛ فكان اللجوء إلى مكبرات الصوت في مشهد متكرر يقول إن أمواج المتوسط لن تكون كما كانت في السابق.

جاء ذلك في حين يتصاعد الجدل بشأن ثورة المتوسط على خلفية تحذير أطلقه عالم الزلازل الهولندي فرانك هوغربيتس، عن زلازل جديدة في أرخبيل دوديكانيز اليوناني.

والخبير الهولندي المثير للجدل، توقع حدوث زلازل قوية عدة وهزات أرضية في مناطق مختلفة من العالم، وحدثت بعض توقعاته بالفعل، وكان أهمها زلزال عنيف ضرب تركيا وسوريا في شهر فبراير/شباط من العام الماضي.

تحرك حكومي

من جهته شكّل مجلس الوزراء المصري فريق عمل بقيادة وزيرة التنمية المحلية منال عوض و6 محافظين لدراسة التحذيرات التي صدرت في عدد من الدول المطلة على البحر المتوسط.

وحاول مجلس الوزراء المصري تهدئة المخاوف، واستبعد إمكانية حدوث تسونامي، وقال عبر حسابه على “فيسبوك”، إن المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية نفى خطورة الموقف مؤكدًا أنه “لا صحة لانحسار مياه البحر نتيجة موجات (تسونامي)”، لكن الهيئة العامة للأرصاد الجوية واصلت تحذير المصطافين.

ويواصل المعهد القومي لعلوم البحار تأكيد أن انخفاض منسوب المياه في بعض الشواطئ يعد ظاهرة “تحدث بشكل طبيعي نتيجة التغيرات المناخية، وتكون مرتبطة بحركتي المد والجزر، ولا علاقة لها مطلقًا بحدوث أعاصير مدمرة”، معتبرًا أن النشاط الزلزالي المسبب لموجات تسونامي ضعيف للغاية.

وأصدرت سلطات محافظة الإسكندرية قرارًا برفع الرايات الحمر، ومنع المواطنين من النزول إلى شواطئ العجمي وغرب الإسكندرية، حفاظًا على أرواحهم.

التطرف المناخي

ويشهد حوض المتوسط حالة من حالات التطرف المناخي، وليس مجرد التغير على حد وصف أستاذ الجيولوجيا بجامعة المنوفية تحسين رجائي، الذي توقع في حديثه للجزيرة مباشر الدخول في دوامة من الأعاصير والفيضانات والزلازل.

وأشار رجائي، إلى أن إعصار “دانيال” في اليونان ثم شمال ليبيا، وزلزال المغرب، اللذين حدثا في شهر واحد هو سبتمبر، وخلفا آلاف القتلى والجرحى، يدخلان في هذا الإطار.

ومؤخرًا كشف تقرير التقييم المتوسطي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة عن أن التغير المناخي والبيئي في حوض المتوسط يحدث بوتيرة أسرع من التوقعات العالمية، ويشير التقرير إلى توقعات بارتفاع حرارة المتوسط في المناطق العميقة بالمقارنة مع بحار العالم الأخرى.

كما يرى الخبير الدولي وأستاذ هندسة السدود محمد حافظ، أن ما يحدث اليوم لمياه البحر المتوسط هو أمر “غير عادي”.

 

تحرك أوروبي

من جهة ثانية توقع صالح إبراهيم الباحث في المعهد القومى لعلوم البحار والمصايد أن تكون مصر عرضة أكثر لتقلبات مناخية شديدة في الفترة المقبلة، موضحًا للجزيرة مباشر، أن سواحل البلاد على البحر المتوسط تشهد مقدمات لذلك.

وأشار إبراهيم إلى ارتفاع منسوب سطح البحر قرب دلتا النيل بما يهدد المساحات الزراعية والمياه الجوفية، فضلًا عن التسبب في تمليح التربة.

وذكر الباحث أن المعهد القومي لعلوم البحار أعد سيناريوهات ودراسات لم تجد حتى الآن الاهتمام الكافي بما يتناسب مع حجم الكوارث المتوقعة، وحذر الباحث من مشاريع أوروبية للتخلص من مياه البحر المتوسط الزائدة حفاظًا على سواحلها، لكن عبر إنشاء قناة مائية باتجاه منخفض القطارة المصري، وقال إن هذا المشروع سوف يسبب ضررًا بالغًا للبيئة وللتربة الزراعية في الدلتا.

ولم تترك الأمم المتحدة مؤتمرًا للمناخ إلا وحذرت من غرق المدن الساحلية على البحر المتوسط وتحديدًا الإسكندرية، وتوقعت أكثر السيناريوهات تفاؤلًا أن يصبح ثلث المدينة تحت الماء أو غير صالح للسكن بحلول عام 2050، في حين يتوقع أن يرتفع مستوى البحر المتوسط بمعدل متر واحد خلال الثلاثين عامًا المقبلة.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان