منزل صغير يتحول إلى نسخة من قبة الصخرة.. قصة مسجد مركز الصلاة في شيكاغو (فيديو)
من منزل صغير كان يستضيف حلم وفكرة إنشاء مسجد إلى نسخة من “قبة الصخرة”، هكذا يتربع “المركز الإسلامي للصلاة” وبجواره مبنى أكاديمية القرآن على تلة خضراء في ضاحية أورلاند بارك في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، يزين المدينة معلمًا ومسيرة ممتدة إلى عشرين عامًا في خدمة المجتمع المسلم منذ افتتاحه في عام 2004.
المسجد عبارة عن مركز متكامل لخدمة المجتمع المسلم بهدف الحفاظ على الهوية الإسلامية لمسلمي شيكاغو، ويُذكر أن أغلبية المسلمين في محيط الجامع من أصول فلسطينية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالمدعي العام للجنائية الدولية يطلب اعتقال رئيس المجلس العسكري بميانمار
الهند.. مقتل 3 مسلمين خلال احتجاجات ترفص تحويل مسجد تاريخي إلى معبد هندوسي (فيديو)
أمريكا تحظر استيراد منتجات 30 شركة صينية
برامج متنوعة لخدمة المجتمع
برامج المسجد تتنوع بين خدمات إسلامية أبرزها إقامة الصلوات والشعائر خصوصًا في شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، بجانب تعليم القرآن في أكاديمية القرآن التابعة للجامع التي لها مبنى مخصص بجواره، إلى برامج صحية واجتماعية متنوعة، والمسجد يعمل به أكثر من 140 موظفًا وموظفة بدوام كامل وجزئي.
قصص النجاح والتحديات
يقول مالك علي -أحد مؤسسي المسجد- للجزيرة مباشر “أولًا يجب أن ننسب الفضل إلى أهله، فهذا المسجد ‘مركز الصلاة’ كان رؤية للدكتور منذر كراد، الذي كان لديه حلم ببناء مسجد، وليس مجرد مسجد، بل مسجد على غرار ‘قبة الصخرة’ في المسجد الأقصى المبارك في القدس”.
التحديات في بناء مسجد مركز الصلاة
وعن التحديات التي واجهت تصميم المسجد على غرار قبة الصخرة، أوضح قائلًا “بلا شك عملية بناء المسجد استغرقت وقتًا وجهدًا كبيرين، وكان لها تحدياتها الخاصة، فلم يكن بإمكانك نسخ مسجد بهذا الشكل، ولكن بتوفيق من الله اقتربنا من تصميمه بهذه الصورة، وهذا شيء كنا فخورين به للغاية، فعند البناء كانت الألوان تحديًا والقبة أيضًا، فلم يكن هناك الكثير من شركات الإنشاءات في الولايات المتحدة التي يمكنها تصميم قبة مثل هذه”.
وتابع حديثه “يمكنني أن أخبركم أن أحد أكثر الأيام إثارة هو ذلك اليوم الذي وضعنا فيه تلك القبة على سطح المسجد، لقد كان عملًا كنا فخورين به للغاية، ونتمنى ألا يكون فقط محفورًا أمام أعيننا ولكن في قلوبنا أيضًا”.
ولخص الدكتور منذر كراد -صاحب فكرة ومؤسس مسجد مركز الصلاة- بناء المسجد الذي بدأ حلمًا من منزل صغير ليكون أحد أشهر مساجد شيكاغو، قائلًا “كان حلمًا، حلمًا حقيقيًّا، فعندما كان لدينا حلم لبناء مسجد، فالله فتح الأبواب أمام عزيمتنا، والله جعله ممكنًا”.
دور المتطوعين والمجتمع المسلم
وفي حديثه، قال كراد إن التوفيق في بناء وتصميم مسجد مركز الصلاة بهذا الشكل، كان بركة من الله، ووجَّه الشكر إلى المتطوعين للمسجد وأكاديمية القرآن الكريم، موضحًا أن “هؤلاء هم العمود الفقري للمسجد والأكاديمية”.
ورأى كراد أن المجتمع المسلم المحيط بالمسجد هو أحد أفضل المجتمعات في الولايات المتحدة، الذي لولاه ما كان النجاح ممكنًا.
خدمة المجتمع من خلال المسجد
أما الإمام والمدير العام للمسجد الشيخ كفاح مصطفى، فقال إن المركز الإسلامي للصلاة يخدم المجتمع المسلم في منطقة جنوب غرب شيكاغو، وتحديدًا في ضاحية أورلاند بارك بولاية إلينوي.
وأضاف كفاح للجزيرة مباشر أن تصميم المسجد على غرار قبة الصخرة في فلسطين، والمنطقة المرتفعة التي يقع فيها وبجواره أكاديمية القرآن، يدفع كثيرًا من الأمريكيين من غير المسلمين إلى زيارة المسجد والتقاط الصور أمامه، بل يطالب بعضهم باعتباره ضمن تراث شيكاغو ومعالمها.
وأوضح أن مركز الصلاة ليس مجرد مسجد، وقال “إنما هو مركز خدمات بداية من الصلوات الخمس والتراويح وشهر رمضان والعيدين، إضافة إلى خدمات تتعلق بإجراءات الزواج والطلاق لخدمة المجتمع المحيط بالجامع وحتى من مناطق مختلفة في شيكاغو”.
دعم الناشئين والشباب
وأفاد بأن أبرز خدمات المسجد تتوزع في قسمين، أحدهما موجَّه للناشئة والشباب، والآخر لتعليم القرآن الكريم. وبخصوص الأول، فالمسجد لديه برامج حسب الفئات العمرية، فهناك برنامج أسبوعي لتلاميذ المرحلة الابتدائية ثم المتوسطة ثم الثانوية، وبرنامج أسبوعي مخصَّص لطلاب الجامعات والشباب، يتم فيه تناول المشكلات التي يعيشونها سواء في المدارس أو الجامعات والحياة العامة.
وفيما يخص خدمات تعليم القرآن الكريم من خلال أكاديمية القرآن، فالمسجد لديه أكثر من 160 تلميذًا وتلميذة في الحضانة القرآنية من عمر سنتين إلى 5 سنوات، كما أن هناك برنامج تحفيظ يرتاده أكثر من 240 طالبًا وطالبة من شتى الأعمار في دوام ما بعد اليوم الدراسي، ليومين أو 3 أيام أسبوعيًّا.
ولمن لا يستطيع الانتظام في دوام ما بعد اليوم الدراسي، أشار الإمام إلى أن المسجد لديه برنامج خاص ليوم واحد فقط أسبوعيًّا لنحو 5 ساعات يوم السبت تسمى مدرسة نهاية الأسبوع، يتعلمون فيها أساسيات اللغة العربية، والسور القصيرة من القرآن الكريم، فضلًا عن بعض الأدعية والأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالآداب الإسلامية العامة.
خدمات اجتماعية متنوعة
وكشف مصطفى أن المسجد لديه أنشطة مختلفة جدًّا في قسم الخدمات الاجتماعية، فعلى سبيل المثال تم افتتاح أول عيادة للعلاج النفسي بالمسجد، وهذه العيادة أو المركز النفسي يقدّم خدمات يُدرب فيها مسؤولو برامج الناشئة على التعامل مع الأمور النفسية التي يعانيها الطلاب سواء التنمر في المدارس أو العنصرية ضدهم، أو الخوف والضغط النفسي، وهذه كلها يتم علاجهم فيها بشكل جماعي، وهي بإشراف طبيب مختص.
ومن ضمن برامج المسجد وخدماته، زيارة المرضى المسلمين في المستشفيات، وبرنامج الحفاظ على الأسرة المسلمة من خلال حملات تثقيفية توعوية لما قبل الزواج وخلال الزواج وما بعد الزواج، كيف تحافظ على الأسرة وتنتقي وتختار الزوج أو الزوجة الصالحة، كما تشمل خدماته جلسات توعوية مكثفة للمسلمين الجدد.
وأشار مصطفى إلى أن المركز الإسلامي للصلاة ليس مجرد مسجد بالمفهوم السائد في الدول العربية، إنما هو مركز خدمات لكل احتياجات العائلة المسلمة.
فريق عمل متكامل
وأوضح أن المسجد لديه أكثر من 140 موظفًا وموظفة ما بين دوام كامل وجزئي، فلا بد أن يكون المسجد قادرًا على تقديم هذا الكم من الموظفين، إلى جانب 4 أئمة يتناوبون على خدمات المجتمع المسلم ما بين الفئات العمرية المختلفة.
وقال “عنواننا في خدماتنا للمجتمع المسلم أننا نريد أن نعبد الله بخدمة المجتمع المسلم”، موضحًا أن خدمات المسجد لا تقتصر فقط على المسلمين، بل هناك تواصل قوي مع غير المسلمين فيما يتعلق بدور المسنين والفقراء في شيكاغو، وهذا من باب أن يعم خير المسلم على من حوله من غير المسلمين، فالإسلام رحمة للعالمين.
صلاة الجمعة والأعياد
وأوضح الشيخ كفاح أن المسجد في يوم الجمعة يقيم صلاة الجمعة مرتين لاستيعاب أعداد المصلين، وفي كل صلاة جمعة نحو 3 آلاف مصل من الرجال والنساء. وفي الأعياد، يتم استئجار مركز اجتماعات كبير نظرًا لعدد المصلين، موضحًا أنه في العيد الماضي أقيمت صلاة العيد 3 مرات، بحضور نحو 15 ألف شخص.
وأشار إلى أن المسجد لا يتلقى أي دعم أو تبرعات من الدولة أو المؤسسات المانحة، بل كل الخدمات التي يقدمها تتم من خلال تبرعات المجتمع المسلم المحيط بالجامع “هم يتبرعون ويدعمون كل برامج المسجد، وهناك عشاء خيري سنوي يُقام لجمع التبرعات من المجتمع المسلم”. إضافة إلى ذلك، فاز المسجد أخيرًا بمناقصة شراء مدرسة ابتدائية بالقرب منه، على مساحة تبلغ نحو 23 ألف متر مربع، والمبنى بمساحة حوالي 45 ألف قدم مربعة، لتوسيع خدمات المسجد للطلاب وأبناء المجتمع المسلم.