دراسة: ارتفاع معدلات الوفاة بين الشباب.. ماذا عن الشرق الأوسط؟

من الواجبات تصحيح الوعي وتصويب النظر في مفهوم السعادة ومصادرها بعيدا عن السعادة الزائفة التي لا تصمد أمام ابتلاءات الحياة (شترستوك)

كشفت دراسة حديثة نشرتها مجلة “ذي لانسيت” أن معدلات الوفيات بين الشباب والمراهقين في العالم شهدت ارتفاعًا مقلقًا خلال السنوات الأخيرة، رغم التراجع العام في معدلات الوفيات عالميًّا بعد جائحة “كوفيد 19”.

الدراسة الصادرة عن معهد القياسات الصحية والتقييم (IHME) ضمن مشروع “العبء العالمي للمرض”، وُصفت بأنها “جرس إنذار” للحكومات وصنّاع القرار في قطاع الرعاية الصحية، إذ تشير بياناتها إلى أن الفئة العمرية الشابة أصبحت تواجه تحديات صحية متزايدة، رغم الاتجاه العام لانخفاض الوفيات في الفئات الأخرى.

مدمن مخدرات يستخدم أنبوب ماء زجاجي لتدخين الشبو (رويترز)

أسباب متفاوتة

وقال الباحثون المشاركون في الدراسة إن ارتفاع معدلات الوفيات بين الشباب والمراهقين يعود إلى أسباب متفاوتة، من تعاطي المخدرات والانتحار في أمريكا الشمالية، إلى الإصابات والأمراض المُعدية في دول إفريقيا جنوب الصحراء.

اقرأ أيضا

list of 4 itemsend of list

ومن بين نتائج الدراسة، التي شارك في إعدادها 16 ألفا و500 عالم وباحث، أن الأمراض المُعدية لم تعد تشكل الخطورة الكبرى، على خلاف الأعوام الماضية، إذ أصبح ثلثا حالات الوفيات عالميا نتيجة أمراض غير مُعدية، ومن أكثرها خطورة مرض نقص تروية القلب (الإقفاري)، ومرض السكري والسكتات الدماغية.

وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في علاجه، إذ وجد الباحثون أن اتخاذ الإجراءات الوقائية ضد العوامل الخطيرة، مثل خفض مستويات سكر الدم المرتفعة، وخفض مؤشر كتلة الجسم المرتفع (BMI) قد يمنع نصف إجمالي حالات الوفيات والإعاقات.

الانتحار هو السبب الثاني للوفاة عالميا في فئة الشباب (بيكسباي)

ارتفاع وفيات الشباب

وبحسب الدراسة، فقد انخفضت معدلات الوفاة إجمالا عام 2023 في 204 دول ومنطقة حول العالم، حيث انخفض متوسط معدل الوفيات عالميا بنسبة 67% بين عامي 1950 و2023.

لكن الدراسة كشفت تسجيل أكبر زيادة في معدلات الوفيات بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عاما في دول أمريكا الشمالية ذات الدخل المرتفع بين عامي 2011 و2023، وذلك بسبب ارتفاع معدلات الانتحار، وتعاطي جرعات زائدة من المخدرات، والإسراف في تناول الكحول.

وخلال الفترة نفسها، ارتفعت الوفيات في الفئة العمرية الواقعة بين 5 سنوات و19 عاما في أوروبا الشرقية، ودول أمريكا الشمالية ذات الدخل المرتفع، ومنطقة البحر الكاريبي.

وأظهرت الدراسة أيضا ارتفاع معدلات الوفيات بنسبة 61% بين الإناث في الفئة العمرية الواقعة بين 15 و29 عاما في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، مقارنة بالتقديرات السابقة، وكانت أبرز أسبابه هي الوفيات أثناء الحمل والولادة، وإصابات الطرق، والتهاب السحايا.

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن الدكتور كريستوفر موراي، مدير معهد القياسات الصحية والتقييم في كلية الطب بجامعة واشنطن، أن ارتفاع معدلات الوفيات وخصوصا في أمريكا الشمالية “مرتبط بشدة بتصاعد حالات القلق والاكتئاب لدى هذه الفئة، لا سيما بين النساء”.

وأضافت أنه بينما حظيت اضطرابات الصحة النفسية باهتمام واسع، لا يزال الجدل حول أسبابها مستمرا، ويتساءل الدكتور موراي عما إذا كانت نتيجة لمواقع التواصل الاجتماعي، أم انتشار الإلكترونيات، أم أساليب التربية الحديثة، دون أن يجد إجابة واضحة.

ماذا عن الشرق الأوسط؟

لا ينتمي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لهذا التناقض، فبينما شهدت دول الغرب الثرية تزايدا في وفيات الشباب، وجدت الدراسة أن الأولى شهدت انخفاضا واستقرارا في معدلات وفيات الشباب والمراهقين.

وإضافة إلى ذلك، فإن بعض الظواهر مثل الوفيات المتعلقة بالسرطان في الطفولة ومعدل سنوات العمر المصححة بالعجز الناجم عن إيذاء الذات والانتحار، شهدت انخفاضا في هذه المنطقة بين عامي 1990 و2023.

ولم تُفصح الدراسة عن سبب هذه الظاهرة، وقد أشارت إلى أن هناك عوامل أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسبب خطرا على الشباب والمراهقين.

فقد وجدت أن من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى الوفيات في هذه المنطقة الإصابات والعنف، فهي تشكل نصف حالات الوفيات في الفئة العمرية الواقعة بين 10 سنوات و24 عاما.

ومن الأسباب أيضا، حسب الدراسة التي نشرتها “ذي لانست”، الأمراض غير المعدية، فهي تشكل41% من نسبة عبء الأمراض في هذه الفئة العمرية التي تؤدي إلى الوفاة. غير أن الدراسة كشفت أن نسبة معدل الوفيات للرجال في منطقة الشرق الأوسط ضعف معدل النساء بسبب تعرضهم أكثر للإصابات.

ويوضح باحثو الدراسة أن النتائج التي توصلوا إليها تمثل دعوة عاجلة للحكومات وصانعي القرار، إذ توفّر لهم البيانات الضرورية لتصميم نُظم رعاية جيدة.

المصدر: الجزيرة مباشر + صحف ومواقع أجنبية

إعلان