عالم نفس أمريكي يكشف آثار “الطفولة الرقمية” في الصحة النفسية للصغار

يحذر عالم النفس الأمريكي جوناثان هايدت، من التحول الجذري في طريقة نشأة الأطفال وتطورهم النفسي والاجتماعي، بعدما أصبح الأطفال يقضون وقتا أطول أمام الشاشات بدلا من اللعب والتفاعل الحقيقي.
وفي كتابه الصادر العام الماضي، 2024، أطلق جوناثان هايدت، مصطلح “الجيل القلق” (The Anxious Generation) لوصف الجيل الذي نشأ مع الشاشات أكثر مما عاش في العالم الواقعي، وهو الجيل الذي أعاد تعريف الطفولة في عصر الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي.

من اللعب إلى الانغلاق
يرى هايدت أن التحول بدأ منذ العقد الماضي حين فقدت الطفولة معناها الاجتماعي التقليدي، فلم يعد اللعب في الشوارع أو التفاعل المباشر جزءا من يوم الطفل، بل حلت محل هذه التجارب طفولة رقمية تعتمد على الهواتف، والألعاب الإلكترونية، ومنصات التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4كيف تصنع موسيقى أفلام الرعب خوفا يلاحقك حتى بعد انتهاء العرض؟
- list 2 of 4السودان.. مبادرة طبية في “الدبة” ودعم نفسي للأطفال النازحين من الفاشر (فيديو)
- list 3 of 4“تخاف من أي ضوضاء”.. شاب في غزة يساند شقيقته الصغيرة الناجية من القصف الإسرائيلي (فيديو)
- list 4 of 4كيف يؤثر الطلاق في الأطفال نفسيا واجتماعيا؟
يقول المؤلف إن هذا التحول لم يغيّر فقط طريقة تعلم الأطفال وتواصلهم، بل “أعاد تشكيل أدمغتهم حرفيا”، مسببا ارتفاعا مقلقا في معدلات القلق والاكتئاب وإيذاء الذات لدى المراهقين، وخصوصا الفتيات.

الهواتف الذكية.. بوابة إلى الوحدة
وبحسب الكاتب، فإن الطفرة في اقتناء الهواتف الذكية بعد عام 2012 تزامنت مع بداية “أزمة الصحة النفسية العالمية بين المراهقين”.
ويستشهد هايدت بدراسات تظهر أن قضاء ساعات طويلة على وسائل التواصل يؤدي إلى اضطراب النوم، وانخفاض تقدير الذات، وشعور متزايد بالعزلة الاجتماعية، رغم “الاتصال الافتراضي الدائم”.
ويضيف أن العالم لم يدرك بعد مدى “الاختبار النفسي” الذي يخضع له جيل بأكمله يعيش تحت ضغط المقارنة المستمرة والمراقبة الرقمية.

جيل بلا مناعة نفسية
ويرى المؤلف أن المشكلة لا تكمن فقط في التكنولوجيا، بل في تراجع الاستقلالية واللعب الحر في الطفولة الحديثة، فالأطفال اليوم -بحسب هايدت- يعيشون في بيئات “آمنة أكثر مما ينبغي”، وهم محرومون من فرص المغامرة والتفاعل الواقعي التي تُكوّن لديهم المرونة النفسية.
ويحذر هايدت من أن الإفراط في الحماية ومنع الأطفال من خوض تجارب الحياة يجعلهم يدخلون المراهقة “بجهاز عصبي غير مدرّب على التحدي” ما يفسر هشاشتهم في مواجهة القلق والضغوط.

دعوة لإعادة بناء الطفولة
في ختام كتابه، يقدم هايدت توصيات عملية أبرزها:
- تأخير اقتناء الأطفال للهواتف الذكية حتى سن المراهقة المتأخرة.
- تقليص وقت الشاشات لأقل من ساعتين يوميا خارج الدراسة.
- إحياء ثقافة اللعب الحر والتفاعل الواقعي.
- الضغط على شركات التكنولوجيا لتحمّل مسؤولية آثار منتجاتها في الصحة النفسية.
ويختم قائلا: “لقد صممنا طفولة رقمية دون قصد، والآن علينا إعادة تصميمها بعناية قبل أن ننتج جيلا يعيش متصلا لكنه وحيد، ومتفاعلا لكنه خائف”.