مهنة النوّالين في حماة السورية.. تراث عريق مُهدَّد بالاندثار (فيديو)

تُعَد مهنة النوّالين من أرقى الحرف التقليدية وأعرقها في مدينة حماة وسط سوريا، إذ يُعرف النوّالون بقدرتهم الفائقة على نسج قطع فنية، تتنوع بين المناشف الفاخرة والبسط القديمة التي تحمل في طياتها تاريخًا ثقافيًّا غنيًّا، ويتميز أهل حماة عن بقية المحافظات السورية بهذه الحرفة.
ومنذ أجيال، كانت هذه المهنة تعكس براعة اليد البشرية، باستخدام آلات نسج تقليدية يدوية الصنع، تضفي طابعًا فريدًا على كل قطعة مُنتَجة.
ومع مرور الزمن، أصبحت هذه المهنة رمزًا للهوية الحموية، ومصدر رزق للعديد من الأسر، إذ يشكل النوّالون نحو 50% من العائلات في حماة، وفقًا لسامر المدني، أحد أشهر نوّالي المدينة.
في طور الاندثار
وقال المدني للجزيرة مباشر “المهنة متوارَثة في حماة عبر الأجيال، وهي موجودة منذ أكثر من 400 سنة، وتتضمن ثلاث حرف: المد العربي، وبيوت البدو، والمناشف والبرانص وشراشف الحرير التي تمتاز بها مدينة حماة عن جميع دول العالم”.
وأضاف “كان يوجد حوالي 1600 نوّال في مدينة حماة، والآن لم يبقَ سوى 10 نوّالين فقط”.
وأوضح سامر “المهنة تعتمد بأساسها على 3 مواد هي الصوف، والشعر، والقطن والحرير. وكان نصف أهل مدينة حماة يعتمدون على هذه المهنة. والدي علمني المهنة منذ الصغر، والآن حرصت على تعليمها لأولادي لأنها في طور الاندثار”.
وأكد سامر أنه “مهما تطورت الصناعات الآلية، فإنها تبقى عاجزة أمام صناعتنا اليدوية بما تمتاز به من جودة عالية”.
تُستعمل لأكثر من 40 سنة
وتحدَّث ابنه عبد الفتاح المدني، وهو طبيب أسنان ورث المهنة عن والده، قائلًا “تعلمنا المهنة منذ صغرنا من الوالد. تعلمنا كيف نشمع الخيط وكيف نختار نوعية القطن الجيدة. كنا نعملها في صغرنا لمساعدة الوالد وعمي، ولكن بمرور الوقت أصبحنا نحبها بصدق”.
وأضاف “جودة مناشفنا الممتازة تجعلها تُستعمل لأكثر من 30 أو 40 سنة. أشعر بالفخر عند الانتهاء من صنع منشفة ومشاهدة النتيجة”.
وروى عبد الفتاح للجزيرة مباشر أن هذه المهنة أصبحت في طريقها إلى الاندثار مع انعدام السياحة في سوريا منذ ثورة عام 2011، وصعوبة الحصول على المواد الأساسية، وخصوصًا القطن الطبيعي بسبب ارتفاع أسعاره.
وتابع “آمل أن تعود السياحة بقوة بعد تحرير سوريا، لإحياء هذه المهنة ومنعها من الاندثار، وحتى نعلّمها لأولادنا إلى 100 سنة قادمة”.