العشر الأوائل من ذي الحجة.. كيف تغتنم أفضل أيام الدنيا؟

فضّل الله عز وجل بعض الأزمنة على بعض، ففضّل من الشهور شهر ذي الحجة، وخصَّ منه العشر الأوائل، فرفع قدرها وأقسم بها في كتابه فقال سبحانه {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ، وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: 1-3].
قال المفسرون الليالي العشر هي أيام عشر ذي الحجة، والشفع هو يوم النحر، والوتر هو يوم عرفة.
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيام العشر”. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيلِ اللهِ، إلا رجلٌ خرج بنفسِه ومالِه، فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ”.
وفي رواية: “ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالاستغفار: أسراره وصيغته وأفضل أوقاته.. هل يجوز للغير أو للميت؟
الأذكار المستحبة بعد الصلاة المفروضة.. فضلها وترتيبها
هل الدعاء يغيّر القدر؟ وما هي صيغة الدعوة التي لا تُرد؟
ما أفضل الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة؟
التوبة
أعظم ما يقدمه العبد في هذه الأيام هو التوبة النصوح، التي يُصلح بها ماضيه وحاضره ومستقبله، فبها يتطهر القلب، وتنفتح أبواب الطاعة.
هذه التوبة هي أول وأولى الأعمال في هذه الأيام المباركة، حتى يزيل العبد بتوبته العوائق، ويقطع العلائق، التي تعطله، وتشغله عن طاعة الله عز وجل.

أحب الأعمال إلى الله
بعد التوبة، تأتي الفرائض، فيهتم العبد بإحسانها ثم يُكثر من النوافل، ففي الحديث القدسي: “وما تقرّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه…”.
وقد بيّن رسول الله ﷺ أن أهم العبادات هي الصلاة، والصوم، والزكاة، فقال: “لا يجعلُ اللهُ عزَّ وجلَّ من له سهمٌ في الإسلامِ كمن لا سهمَ له، وأسهمُ الإسلامِ ثلاثة: الصلاةُ، والصومُ، والزكاةُ”.
الصلاة
يحرص المسلم على أداء الصلوات المفروضة في وقتها مع جماعة، ويكثر من النوافل كصلاة الضحى، والرواتب، وقيام الليل.
الصيام وخاصة يوم عرفة
الصيام مستحب في هذه الأيام، وخاصة يوم عرفة، فقد قال ﷺ: “صيام يوم عرفة يُكفر سنتين: سنة ماضية وسنة مقبلة”.
وقد ثبت أن النبي ﷺ كان يصوم التسع الأُول من ذي الحجة.
الزكاة والصدقات
من لم يؤدّ زكاة ماله، فليعجل بها، خاصة في هذه الأيام المباركة، حيث يضاعف الأجر، ومن سبق أن أخرجها فليجتهد في الصدقة.
الأضحية
ومن أعظم الصدقات في هذه الأيام الأضحية، قال ﷺ: “من وجد سعة فلم يضحّ، فلا يقربن مصلانا”.

ذكر الله تعالى
العبادة الجامعة في هذه الأيام المباركة هي الذكر، وهو أفضل الأعمال وأيسرها. فليس لأحد فيه عذر، فإن الله تبارك وتعالى، لم يفرض على عباده فريضة، إلا جعل لها حدا تنتهي إليه، ثم عذر أهلها في حال العذر، إلا الذكر.
قال تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103]، وقال سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 41 – 42].
وقال رسول الله ﷺ: “ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم…؟ ذكر الله”.
وقال أيضًا: “سبق المفردون”، قيل: من المفردون يا رسول الله؟ قال: “الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات”.
وفي الحديث “من هاله الليل أن يكابده، أو بخل بالمال أن ينفقه، أو جبن عن العدو أن يقاتله، فليكثر من: سبحان الله وبحمده، فإنها أحب إلى الله من جبل ذهب يُنفقه في سبيل الله”.
وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: “آخر ما فارقت عليه رسول الله ﷺ أن قلت له: أي الأعمال خير وأقرب إلى الله؟ قال: “أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله عز وجل”.

التهليل والتكبير والتحميد
والذكر، على يسره، هو من أكمل وأفضل العبادات، وهو العبادة الوحيدة، التي نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أيام العشر ففي الحديث قال ﷺ: “ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”. أي: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله.
وتجتمع هذه الأذكار في صيغة تكبيرات العيد: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
سنة مهجورة
ومن السنن التي هجرها المسلمون في عشر الأضحى، الجهر بهذه الألفاظ المباركات، وهذه الباقيات الصالحات، في البيوت، والأسواق، والطرقات وقد كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان للسوق يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، كما في صحيح البخاري.
قال تعالى: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 46]، وقال سبحانه {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا} [مريم: 76].