هل الدعاء يغيّر القدر؟ وما هي صيغة الدعوة التي لا تُرد؟

الإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان، ومقتضاه الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى قدَّر كل شيء في الكون، وأن كل ما يحدث في هذا الكون هو بمشيئته وعلمه السابق.
قال الإمام الطحاوي “كل شيء يجري بتقدير الله ومشيئته، ومشيئته تنفذ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء، فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالاستغفار: أسراره وصيغته وأفضل أوقاته.. هل يجوز للغير أو للميت؟
الأذكار المستحبة بعد الصلاة المفروضة.. فضلها وترتيبها
ما هي آداب الدعاء المستجاب وشروطه؟ ومن هم الذين لا يرد الله دعواتهم؟
ما أنواع القدر؟
قال العلماء القدر نوعان:
- قضاء مبرم:
وهو ما كُتب في اللوح المحفوظ بعلم الله الأزلي، لا يتغير ولا يتبدل، لأنه محكوم بعلم الله السابق لما كان وما سيكون. قال الله تعالى {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا} (الحديد:22).
وهذا النوع لا يُغيّره دعاء ولا عمل، لأنه ثابت في علم الله الأزلي.
- قضاء معلَّق:
وهو ما يكون في صحف الملائكة، ويعلَّق على الأسباب، كأن يُكتب “إن دعا فلان رُفع عنه البلاء، وإن لم يدعُ أصيب به”، أو “إن وصل رحمه عاش 50 سنة، وإن قطعها فعمره 40”.
وهذا النوع من القدر يمكن تغييره بالدعاء وصلة الرحم وأعمال البر. وقد أشار إليه قول الله عز وجل {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (الرعد:39)، أي أن الله يمحو ويثبت ما يشاء في صحف الملائكة، أما ما في أم الكتاب (اللوح المحفوظ) فلا يتغير.
لا يرد القدر إلا الدعاء
قال النبي ﷺ “لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه” رواه أحمد وابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم.
وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما عزم على الرجوع من الطاعون “نفر من قدر الله إلى قدر الله”، أي نفر من قدر الله المقدَّر بالبلاء، إلى قدر الله المقدَّر بالسلامة.
وقال الإمام الغزالي “من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فهو سبب كسائر الأسباب التي خلقها الله لإحداث مسبباتها”.
وقال الشيخ ابن باز “الدعاء من القدر، والقدر نوعان: مبرم لا يُغيَّر، ومعلَّق يرفعه الله بالدعاء والطاعة”.

ما هي صيغة الدعاء الذي لا يُرد؟
ورد في السُّنة العديد من الأدعية التي جاء التأكيد لإجابتها، وأنها لا تُرد، منها:
الدعاء باسم الله الأعظم
قال رسول الله ﷺ “اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}، وفاتحة آل عمران {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}” رواه الترمذي.
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: سمع النبي ﷺ رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد”، فقال “لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب” رواه أبو داود والترمذي.
دعاء ذهاب الهم والحزن
قال رسول الله ﷺ “ما قال عبدٌ قطُّ إذا أصابه هَمٌّ أو حُزْنٌ: اللَّهمَّ إنّي عبدُكَ ابنُ عبدِكَ ابنُ أَمَتِكَ، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فيَّ قضاؤُكَ، أسأَلُكَ بكلِّ اسمٍ هو لكَ سمَّيْتَ به نفسَكَ، أو أنزَلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمْتَه أحَداً مِن خَلْقِكَ، أوِ استأثَرْتَ به في عِلمِ الغيبِ عندَكَ، أنْ تجعَلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ بصَري، وجِلاءَ حُزْني، وذَهابَ همِّي، إلَّا أذهَب اللهُ همَّه وأبدَله مكانَ حُزْنِه فرَحًا”.
دعاء يونس عليه السلام
قال النبي ﷺ “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له” رواه الترمذي وصححه الألباني.