الاستغفار: أسراره وصيغته وأفضل أوقاته.. هل يجوز للغير أو للميت؟

يُستحب الإكثار من الاستغفار في جميع الأوقات
يُستحب الإكثار من الاستغفار في جميع الأوقات (غيتي)

ما الاستغفار؟

الاستغفار في اللغة هو طلب المغفرة، وأصل الغفر: التغطية والستر، وغفر الله ذنوبه أي: سترها، أي أن الله تعالى يستر على العبد ذنوبه ولا يفضحه، ويعفو عنه برحمته.

قال ابن تيمية في الفتاوى: “الاستغفار هو طلب الغفران من الله باللسان مع التوبة بالقلب، إذ الاستغفار باللسان دون التوبة بالقلب غير نافع”.

والاستغفار مشروع بالكتاب والسنة قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}. (سورة البقرة: 199).

ما فضل الاستغفار وفوائده؟

الاستغفار من أعظم أسباب المغفرة ونيل الرحمة ودفع العذاب، وله فوائد دنيوية وأخروية عديدة، منها:

محو الذنوب سواء كانت كبائر أو صغائر

قال ﷺ: “من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفر له وإن كان قد فر من الزحف”. رواه الترمذي وصححه الألباني.

جلب الرزق والذرية والبركة

قال تعالى على لسان نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}. (سورة نوح: 10–12).

النجاة من العذاب

قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. (سورة الأنفال: 33).

الرحمة

قال تعالى: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. (سورة النمل: 46).

رفع الدرجات ومحو السيئات

قال ﷺ: “طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا” رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

محبة الله

قال تعالى “إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين”. (البقرة:222).

ومن فوائد الاستغفار أيضا:

  • سكينة القلب وراحة النفس والشعور بحلاوة الإيمان.
  • تيسير الطاعات.
  • ذهاب الهم والغم والحزن.
  • ابتعاد شياطين الإنس والجن عن المستغفِر.

ما شروط الاستغفار الصحيح؟

الاستغفار الحق لا يكون مجرد ترديد باللسان، بل لا بد أن يجتمع فيه:

  • الاعتراف بالذنب.
  • الندم على فعله.
  • العزم على عدم العود إليه.
  • التلفظ بصيغ مشروعة.
الاستغفار مستحب في كل وقت (رويترز)

ما صيغ الاستغفار؟

للاستغفار صيغ كثيرة منها: ما ثبت في الصحيحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: “قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم”.

قوله صلى الله عليه وسلم: “أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه”.

ما سيد الاستغفار؟

عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”. رواه البخاري.

ما أفضل أوقات الاستغفار؟

الاستغفار مستحب في كل وقت، لكنه يتأكد في أوقات منها:

وقت السَّحر

قال تعالى {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. (سورة الذاريات: 18)

أدبار الصلوات

عن ثوبان قال: “كان رسول الله ﷺ إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا…”. رواه مسلم.

بعد ارتكاب الذنوب

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}. (آل عمران 135- 136)

عند ختام المجلس

قال ﷺ: “من جلس مجلسًا فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك”. رواه الترمذي.

الاستغفار يُفتح به الرزق وتُمحى به الذنوب (رويترز)

كم مرة أستغفر الله كل يوم؟

لم يُحدد في الشرع عددٌ معين للاستغفار، ولكن يُستحب الإكثار منه.

قال ﷺ: “إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة”. رواه البخاري.

وفي رواية: “إني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة”. رواه مسلم.

هل يجوز الاستغفار للغير؟

يُستحب أن يستغفر المسلم لنفسه ولغيره من المسلمين، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}. (سورة الحشر: 10).

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “من استغفر للمؤمنين والمؤمنات، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة”. رواه الطبراني، وحسّنه الألباني.

هل يجوز الاستغفار للميت؟

يُستحب الاستغفار للميت، وهو ينفعه بإجماع العلماء.

قال تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}. (سورة الحشر: 10)، وهذا يتضمّن الدعاء والاستغفار للأموات من المؤمنين.

وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: “صلى رسول الله ﷺ على جنازة، فحفظت من دعائه وهو يقول: اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نُزُله، ووسّع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقّه من الخطايا كما ينقّى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعِذه من عذاب القبر، أو من عذاب النار”.

قال عوف: “حتى تمنّيت أن أكون أنا ذلك الميت”. رواه مسلم.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان