بعد عام.. كيف عكّرت دماء ريجيني علاقات مصر وإيطاليا

مثَّلت قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني (26 عاماً)، الذي عثر على جثته، في فبراير/ شباط الماضي، بمصر وعليها آثار تعذيب، لغزاً أشعل خلافاً بين القاهرة وروما، على مدار عام كامل.

ومراراً، اتهمت السلطات الإيطالية نظيرتها المصرية بعدم التعاون كما يجب في التحقيقات بشأن الحادث، يقابل ذلك نفي مصري متكرر.

وتوترت العلاقات بشكل حاد بين القاهرة وروما، على خلفية الحادث، فقد استدعت الأخيرة سفيرها لدى مصر، في أبريل/ نيسان الماضي؛ للتشاور معه حول القضية، ولم ترسل سفيراً جديداً إلى مصر حتى الآن.

ورصدت وكالة الأناضول، في تسلسل زمني، أبرز المراحل التي مرت بها قضية ريجيني، ومحاولات التواصل بين السلطتين المصرية والإيطالية لفك لغزها، وتداعيات إشعال فتيل الأزمة الراهنة بين البلدين.

توجه ريجيني إلى مصر كباحث زائر في الجامعة الأمريكية في القاهرة لإنجاز أطروحة دكتواره بشأن الحركات العمالية في مصر، في سبتمبر/أيلول 2015. اختفائه والعثور على جثته

كان آخر ظهور لريجيني بمحيط محطة مترو الدقي (غربي القاهرة) في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2016 ثم عثر عليه مقتولاً غربي القاهرة، يوم 3 فبراير/شباط وعلى جثمانه آثار تعذيب.

في 4 فبراير/ شباط، استدعت الخارجية الإيطالية، السفير المصري في روما للتعبير عن “الامتعاض” لمصرع ريجيني، مطالبة بالكشف عن ملابسات الواقعة.

وفي وقت لاحق لاستدعاء السفير، أجرى السيسي، اتصالا هاتفيًا، مع “ماتيو رينزي”، رئيس وزراء إيطاليا، للتنسيق بشأن استجلاء أسباب مقتل ريجيني.

وصل أول وفد أمني إيطالي، مساء 5 فبراير2016، القاهرة؛ لمتابعة التحقيقات الجارية في قضية ريجيني.

وفي 6 فبراير، نُقل جثمان ريجيني، إلى بلاده، وودعته الجالية الإيطالية بالشموع بوقفة أمام سفارة بلادهم في القاهرة.

أكد وزير الخارجية والتعاون الإيطالي، باولو جينتيلوني، في 8 فبراير/ شباط في أول هجوم إيطالي على مصر أن بلاده لن تقبل من القاهرة “بمزاعم لا أساس لها” في تحقيقات قضية ريجيني.

ووقتها قال السفير الإيطالي (السابق) لدى القاهرة ماوريتسيو ماساري، إن “ريجيني تعرض للتعذيب قبل وفاته”، وهو ما نفته مصر.

في 10 مارس/ آذار 2016، أدان البرلمان الأوربي ما أسماه “تعذيب واغتيال” ريجيني، وطالب السلطات المصرية بالتعاون في التحقيق بمقتله، فيما وصفت القاهرة ذلك بـ”الإيحاءات المرفوضة”.

في 14 مارس عقد مدعي عام إيطاليا جوزيبي بنياتوني، مع النائب العام المصري، نبيل صادق أول لقاء لبحث تطورات قضية ريجيني.

في منتصف مارس، ظهرت قضية اختفاء شاب مصري في إيطاليا، حاولت القاهرة المساومة من خلال قضيته، أمام قضية ريجيني.

وآنذاك اعتبر السيسي، في مقابلة له مع صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية، واسعة الانتشار (غير حكومية)، أن حادث مقتل “ريجيني” في مصر، واختفاء المواطن المصري عادل معوض في إيطاليا، “حوادث فردية”.

 في 24 مارس، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، العثور على حقيبة بها متعلقات ريجيني، وبينها قطعة داكنة تشبه مخدر الحشيش ومتعلقات نسائية، بعد أن “تمكنت من قتل عصابة إجرامية مكونة من 4 أشخاص، والقبض على 3 آخرين، قالت إنهم “متخصصين في اختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه وانتحال صفة الشرطة”.

ووقتها عرضت بعض مقتنيات ريجيني في وسائل الإعلام، وبينها هاتفه الشخصي وبطاقاته البنكية، بيد أن السلطات الإيطالية لم تقتنع بهذه الرواية وطالبت المصريين بـ”الكشف عن حقيقة الجهة التي قتلته”.

في 29 مارس، قالت والدة ريجيني، في مؤتمر صحفي بمجلس الشيوخ الإيطالي (الغرفة الأولى للبرلمان)، إن “ابنها تعرض للتعذيب ولم يكن صحفياً ولا جاسوساً بل كان شاباً يمثل المستقبل”.

وفي 30 مارس هددت إيطاليا، السلطات المصرية بـ”عواقب”، لم تكشف ماهيتها، إذا لم تتعاون في التحقيقات الهادفة إلى كشف المتورطين الحقيقيين في قتل جوليو ريجيني.

وفي 6 أبريل، نشرت صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، رسالة قالت إنها حصلت عليها من شخص يزعم أنه يعمل في الاستخبارات المصرية، ويكشف في رسالته تفاصيل مزعومة عن “تورط” الأمن المصري في “تعذيب وقتل” ريجيني.

عُقد يوما 7 و 8 أبريل الماضي، ثاني اجتماع في روما بين القضاة والمحققين المصريين والإيطاليين، لعرض ما توصلت إليه السلطات في القاهرة.

ووقتها جاء الوفد المصري بملف من ألفي صفحة، مع محاضر تحقيقات شملت نحو 200  شخص كانت لهم صلة بريجيني فيما طلب الجانب الإيطالي تسجيلات فيديو لمكان اختفائه، وسجلات اتصالاته الهاتفية، والتقارير الطبية.

وفي اليوم التالي، أعلن البرلمان الإيطالي، فشل الاجتماع، وعقبت النيابة المصرية، وقتها أن “طلب إيطاليا سجلات مكالمات أفشله”.

في 8 أبريل، استدعت إيطاليا سفيرها لدى القاهرة ماوريتسيو مساري لإجراء مشاورات، إثر قضية ريجيني.

في 4 مايو/ أيار تسلمت النيابة العامة في روما سجلات هاتفية لـ 13 مصرياً (لم تذكر أسماءهم أو أي معلومات عنهم) من نظيرتها في مصر في إطار التحقيقات.

في 10 مايو أعلنت روما، أن “معظم الطلبات التي تقدمت بها إلى السلطة القضائية في مصر، للكشف عن ملابسات جريمة قتل ريجيني قد تمت تلبيتها من القاهرة”.

وقالت وقتها إن “الجانب المصري سلم فريق المحققين الإيطالي وثائق جديدة، من حوالي ثلاثين صفحة، وتشمل ستة تسجيلات هاتفية جديدة، ومحاضر للشرطة، وتقارير للطب الشرعي، متصلة بوفاة خمسة من اللصوص، كانوا قد قتلوا على يد قوى الأمن المصرية في شهر مارس الماضي، وعثر بحوزتهم على متعلقات شخصية لريجيني”.

في 11 مايو أعلنت روما جامباولو كانتيني، سفيرًا جديدًا لدى مصر، لكنه لم يتوجه إلى القاهرة حتى الآن.

أطلقت صحيفة “اسبريسو” الإيطالية، في 11 مايو منصة إلكترونية منبثقة من موقعها الرسمي، تحمل اسم “ريجينيلكس” بثلاث لغات (عربية وإيطالية وإنجليزية)، لـ”جمع شهادات حول التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في مصر”.

في 12 يونيو/ حزيران، قالت النيابة العامة الإيطالية إن “الزعم بقتل ريجيني على يد عصابة إجرامية هي فرضية كاذبة أعدتها السلطات المصرية لتضليل التحقيقات”.

في 29 يونيو، أعلن مجلس الشيوخ الإيطالي إلغاء توريد قطع غيار طائراتF-16S المقاتلة إلى مصر.

وعد قرار مجلس الشيوخ، آنذاك، سارياً ولا حاجة للتصويت عليه من مجلس النواب (الغرفة الثانية) حيث كان من المفترض أن تعرض هذه الصفقة على مجلس النواب للتصويت عليه في حال المصادقة عليه في الشيوخ.

وبعد القرار بأسبوع قالت القاهرة، إن “وقف مساعدات عسكرية لها يستدعي اتخاذ إجراءات مماثلة تمس مجالات التعاون بينها الأوضاع في ليبيا وملف الهجرة غير النظامية (وهي الإجراءات التي لم تعلن عنها أو توضحها القاهرة من وقتها)”.

وفي 25 يوليو/ تموز أعلنت النيابة العامة في روما، تحليل مشاهد الفيديو التي التقطتها الكاميرات في محطات مترو الأنفاق، التي تواجد فيها ريجيني يوم اختفائه بالقاهرة في 25 يناير/كانون الثاني 2016.

واتفقت وقتها مع نظيرتها المصرية أن يقوم الجانب المصري بتسليم القرص الثابت المتعلق بتسجيلات كاميرات المحطات.

وفي 25 يوليو/ تموز بدأت الجولة الثالثة، في روما، من اجتماعات المحققين المصريين والإيطاليين في واقعة مقتل “ريجيني”، واستمرت ليومين.

ووقتها سلم النائب العام المصري، الجانب الإيطالي تقريراً مفصلاً حول نتائج تحليل المكالمات التليفونية التي رصدتها شركات الهاتف بمنطقتي اختفاء والعثور على ريجيني بمصر.

وفي 8 سبتمبر/ أيلول كشفت النيابة الإيطالية عن نتائج تشريح جثته لدى الطب الشرعي في روما، وقالت إن “ريجيني لم يتوف نتيجة حادث، بل إثر تعذيب استمر عدة أيام”.

وفي 9 سبتمبر، قال النائب العام المصري، نبيل صادق، إن هناك “شكوكاً” في ارتباط عصابة إجرامية بخطف وقتل الباحث الإيطالي، كما أنه لم يستبعد “العصابة الإجرامية” من التحقيقات بعد.

في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، سلمت السلطات المصرية لنظيرتها الإيطالية، الوثائق الشخصية الخاصة بريجيني، التي عثرت عليها الشرطة في 24 مارس/آذار الماضي، وتتضمن جواز السفر، وبطاقتين جامعيتين، وبطاقات السحب الآلي الخاصة به.

وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول، أكد النائب العام نبيل صادق خلال لقائه بنظيره الإيطالي، جيوسيب بيجناتوني؛ لخامس مرة أن “بلاده لن تغلق التحقيق في مقتل ريجيني، إلا بعد القبض على الجناة”.

ووافقت النيابة المصرية في 22 يناير/كانون الثاني الجاري على طلب إيطالي باسترجاع وتحليل بيانات كاميرات مراقبة محطة مترو الدقي (غربي القاهرة)، تردد أن ريجيني ظهر بها قبل اختفائه.

وبث التلفزيون المصري، الاثنين الماضي، “فيديو” يظهر فيه ريجيني في مشهد ليلي وهو يتكلم بعربية فصحى غير سليمة، فيما يرد محدثه بعامية مصرية، مطالبا إياه بأموال لإجراء عملية جراحية لزوجته.

لكن طالب الدراسات العليا الإيطالي، الذي كان يجري أحد أبحاثه على الباعة الجائلين، رفض منحه المال، مضيفا أن النقود التي معه ملك المؤسسة البريطانية (لم يسمها) التي يعمل معها، ولا تخصه شخصيا، فيما قالت النيابة العامة الإيطالية، إن محققين إيطاليين يعتقدون أن الشرطة المصرية ضالعة في ذلك التسجيل.


إعلان