نيويورك تايمز: انتقادات نادرة لكوريا الشمالية في الصين

في خطوة نادرة الحدوث في الصين، انتقد شين زيهوا أستاذ التاريخ بجامعة نورمال بمقاطعة شنغهاي شرقي الصين سياسة بلاده التقليدية بالتحالف مع كوريا الشمالية منذ خمسينيات القرن الماضي.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في عددها الصادر الأربعاء عن زيهوا قوله خلال محاضرة بجامعة داليان شمال شرقي البلاد إن الصين أفسدت بشكل أساسي سياستها تجاه شبه الجزيرة الكورية المنقسمة علي نفسها، مطالبا بتغيير تلك السياسات بالتخلي عما وصفه بـ” لائحة الخرافات” المتعلقة بـ” أخوة السلاح” في دعم كوريا الشمالية والتحول عنها لدعم كوريا الجنوبية.
وقال المؤرخ الصيني المعروف بأبحاثه المتميزة عن تاريخ الحرب الكورية “بصراحة غير معهودة في دولة مثل الصين-إنه بحكم الموقف الراهن– فإن كوريا الشمالية هي عدو محتمل للصين، بينما كوريا الجنوبية يمكن أن تكون صديقة لبكين، مؤكدا أن علينا كصينيين أن نري بوضوح أن الصين وكوريا الشمالية لم يصبحا كما كانا من قبل ” أخوة في السلاح” وعلي المدي القصير لا توجد إمكانية لتحسين العلاقات بينهما.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن الرابطة بين الصين والقادة الشيوعيين في كوريا الشمالية تشكلت حتي قبل قرار الزعيم الصيني ما وتسي تونج في العام 1950 لإرسال جنود جيش تحرير الشعب الصيني للقتال جنبا إلى جنب في كوريا الشمالية، ومن الأقوال المأثورة عن ما وتسي تونج قوله إن الجانبين ( الصين وكوريا الشمالية) متقاربان مثل تقارب الشفاه مع الأسنان.
وأضافت أن الصين سعت طوال العقود الماضية للحفاظ علي علاقاتها مع كوريا الشمالية باعتبارها شريكا ودرعا استراتيجيا في شمال شرق آسيا حتي حينما صار قادة كوريا الشمالية سريعي الغضب، ولا يمكن توقع تصرفاتهم، كما أن الصين خلال السنوات الماضية سعت إلى تهدئة الولايات المتحدة وبناء علاقات سياسية وتجارية مع كوريا الجنوبية والمساعدة في كبح جماح البرنامج النووي لكوريا الشمالية.
وأكدت أن كوريا الشمالية قامت بتطوير برنامجها الصاروخي والرؤوس النووية بما يفتح إمكانية قيامها في يوم ما بالهجوم على الأراضي الأمريكية وهو ما يستتبع ردا حاسما من واشنطن، وبات خيار الصين بالوقوف بين الجانبين خيارا محفوفا بالمخاطر، مشيرة إلى أن بيونغ يانغ لم تستطع القيام بتجربة نووية نهاية الأسبوع الماضي. كما أن تجربتها لإطلاق صاروخ باليستي الأحد الماضي فشلت، غير أن إجراء تجارب نووية أو إطلاق صواريخ ليس سوي مسألة وقت وهو ما دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لحث نظيره الصيني خلال زيارته الأخيرة لواشنطن لممارسة المزيد من الضغوط علي بيونغ يانغ، وفقا للنيويورك تايمز.
ونقلت نيويورك تايمز عن مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي قوله الاثنين الماضي إن فترة “الصبر الاستراتيجي” على كوريا الشمالية قد انتهت، وأنه شخصيا مع الرئيس ترمب لديهم ثقة كبيرة في أن الصين سوف تتعامل بشكل صحيح مع بيونغ يانغ غير أنه إذا لم تتمكن بكين من كبح جماح بيونغ يانغ فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يفعلون.”
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن بكين اعترضت بشدة علي نشر نظام الدفاع الصاروخي المعروف باسم ” ثاد ” في كوريا الجنوبية خشية استخدامه في التجسس علي الصين، غير أن بعض الخبراء الصينيين انتقدوا تصاعد الغضب ضد كوريا الجنوبية والذي أطلقت بكين العنان له باعتباره أمرا غير مجد.
وأشارت إلى أن صحيفة “غلوبال تايمز ” الصينية التي تدافع غالبا عن سياسات الحكومة الصينية حذرت في الأسبوع الماضي من أن كوريا الشمالية يمكن أن تواجه عقوبات أكثر قسوة إذا استمرت في مساعيها للمضي قدما في إجراء تجارب نووية جديدة، كما أعادت الصحيفة تحذيرها مجددا الاثنين الماضي، وطالبت الصين بوقف معظم إمدادات النفط لبيونغ يانغ إذا قامت بإجراء تجربة نووية جديدة.
غير أن البروفيسور شين-وفقا لنيويورك تايمز- ذهب إلى مدى أبعد في انتقاد السياسات الصينية؛ حيث قال في محاضرته بجامعة داليان شمال شرق الصين إن المصالح الرئيسة للصين تتناقض تماما مع كوريا الشمالية في الوقت الراهن، حيث إن مصالح بكين تكمن في تحقيق الاستقرار على حدودها وتطويره لما أبعد من تلك الحدود، غير أنه منذ أن حازت كوريا الشمالية علي أسلحة نووية فإن هذا المحيط الخارجي للأمن الصيني لم يعد مستقرا، لذلك فإن مصالح بكين وبيونغ يانغ صارت بكل تأكيد علي طرفي نقيض.
ونبهت الصحيفة الأمريكية إلى أن محاضرة البروفيسور شين لا تزال منشورة على الموقع الاإليكتروني لمركز دراسات تاريخ الحرب الباردة التابع لجامعة نورمال بمقاطعة شنغهاي شرق الصين التي يعمل بها ، كما أن شين قام أيضا بترديد تلك الآراء في محاضرات لاحقة الأسبوع الماضي بجامعات شنغهاي وزيان في شرق وشمال غرب الصين.
وقالت نيويورك تايمز إن المقالات التي تتعرض بالانتقاد لكوريا الشمالية كان يتم حظرها في الماضي، ففي العام 2004 تم إغلاق مجلة متخصصة في السياسة الصينية عقب نشرها لمقال انتقدت فيه كوريا الشمالية، وفي العام 2013 تم فصل رئيس تحرير صحيفة تابعة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم من وظيفته لاقتراحه بشكل علني قيام بكين بالتراجع عن دعمها المتواصل لبيونغ يانغ.
ونقلت نيويورك تايمز عن البروفيسور شين قوله في اتصال هاتفي مع الصحيفة الأمريكية من شنغهاي إن تسامح السلطات الصينية مع آرائه ومقالته حتي الآن ربما يعود إلى أن السلطات الصينية قد ترغب في التسامح مع الانتقادات المتزايدة داخل البلاد ضد كوريا الشمالية والنقاش الدائر حاليا بشأن العلاقات بين بكين وبيونغ يانغ.