مراكز تعليم الأطفال المسلمين محور معركة سياسية في النمسا

يتجه الأطفال والصغار دون سن المدرسة من المسلمين في النمسا، والذين يبلغ تعدادهم حسب التقديرات حوالي 10 آلاف طفل، إلى مراكز الرعاية النهارية بالعاصمة فيينا.
واعتبر مراقبون أن هؤلاء الأطفال أصبحوا محورا لواحدة من أعنف المعارك السياسية مع اقتراب الانتخابات النيابية النمساوية في أكتوبر/تشرين أول المقبل، إذ يطالب المحافظون بغلق المراكز، على أساس أن هؤلاء الأطفال يواجهون تلقينا دينيا وانفصالا اجتماعيا وقصورا لغويا.
وقال سبستيان كورتس، وزير شئون الأجانب والاندماج النمساوي أمام جلسة نقاش/ إن هذه المراكز غير مطلوبة “ولا يجب وجود مراكز الرعاية النهارية الإسلامية للأطفال”.
في الوقت نفسه، أعد كورتس رئيس حزب الشعب (يمين وسط)، والذي يتصدر استطلاعات الرأي خطة لغلق هذه المراكز.
وأثارت الخطة انتقادات من جانب ممثلي المسلمين والحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، في حين قال حزب الحرية اليميني المتطرف إن كورتس استنسخ المواقف الثابتة لحزب الحرية في هذا الشأن.
ويتصاعد الجدل حول الموضوع منذ العام الماضي عندما نشر عدنان أصلان، كبير الباحثين في شئون الإسلام في جامعة فيينا، تقريرا أوليا عن بحثه بشأن مراكز الرعاية النهارية الإسلامية في فيينا.
وفي ورقة بحثية مثيرة للجدل قال أصلان إن هناك حوالي 10 آلاف طفل مسجلين في أكثر من 120 مركزا يديرها أفراد مسلمون أو جمعيات إسلامية.
واعترف أصلان بأنه لم يدرس حتى الآن تأثير وجهات نظر مشغلي هذه المراكز على الأطفال الموجودين فيها، ومع ذلك يقول إن “أيديولوجية هذه الجمعيات أو الأفراد والتي تم وصفها في الدراسة بشكل موجز يتم ترجمتها بدون شك من خلال أساليب التربية التي تجري ممارستها في المراكز”.
في المقابل، فإن أغلب مراكز الرعاية النهارية الإسلامية في فيينا تتجنب الإشارة إلى الإسلام على مواقعها الإلكترونية في الشهور الأخيرة.
وقد تزايد الطلب على خدمات مراكز الرعاية النهارية منذ 2010، عندما جعلت النمسا الالتحاق بفصول رياض الأطفال قبل المدرسة ملزما قبل التحاق الطفل بالمدرسة الابتدائية.
وقد تمكنت الجمعيات الإسلامية والأفراد من سد الفجوة من خلال إقامة مراكز الرعاية النهارية وخاصة للأطفال المهاجرين وأبناء المسلمين.
ويشعر الكثير من الآباء أن مراكز الحضانة القديمة المتخصصة لاستقبال الأطفال قبل سن المدرسة فشلت في تلبية احتياجاتهم، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالقواعد الدينية المتعلقة بالطعام.
وقد ذكرت قناة “سيرفوس تي في” التلفزيونية مطلع يوليو/تموز أن مراكز الرعاية النهارية في سالزبورغ توقفت عن تقديم لحوم الخنازير وذلك حتى لا تضطر إلى طهي وجبات منفصلة للأطفال المهاجرين، وأشار التقرير التلفزيوني إلى أن استطلاعا للرأي كشف عن رفض 92% من النمساويين لهذه السياسة الجديدة.
وقد سخر حزب الشعب من قرار مراكز الرعاية النهارية في حين انتقده حزب الحرية اليميني باعتباره محاولة “لتغذية المهاجرين”.
في الوقت نفسه يواجه الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يقوده المستشار النمساوي كريستيان كيرن ويتولى الحكم المحلي في العاصمة النمساوية منذ عقود، اتهامات أن المدينة فشلت في تطبيق معايير مساواة صارمة على مراكز الرعاية قبل المدرسة.
ويقول “يورغن كتسيرنوهروتسكي مستشار المدينة الذي يدير ملف التربية والدمج في فيينا، إنه تم تشديد قواعد مراقبة الجودة، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالمعلمين ضعيفي المستوى في اللغة الألمانية ومشغلي المراكز الذين يعانون صعوبات مالية.
وقد أغلقت العاصمة النمساوية خلال العام المالي 31 مركز رعاية نهارية خاص أغلبها لهذين السببين، ولم يجد المفتشون أي مؤسسة تلقن أطفالها التعاليم الإسلامية.