أمير قطر: نرفض الانصياع للحصار ومنفتحون على الحوار

أمير قطر يلقي كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك

طالب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الأمم المتحدة باعتماد قاعدة فرض الحوار والتفاوض في حل الخلافات من خلال إبرام اتفاق دولي لحل المنازعات بين الدول بالطرق السلمية.

وقال أمير قطر في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء :” لاتزال مسألة تسوية المنازعات بالطرق السلمية تقدم كاقتراح عارض غير ملزم وربما آن الأوان لفرض الحوار والتفاوض قاعدة في حل الخلافات من خلال إبرام اتفاق دولي لحل المنازعات بين الدول بالطرق السلمية”.

وتطرق أمير قطر إلى الحصار المفروض على بلاده قائلا :” في كل مرة أقف هنا أدافع عن التعاون الدولي البناء والسلام العادل وحقوق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال وتلك التي تتعرض لجرائم ضد الإنسانية والواقعة تحت الحصار وفي هذه المرة أقف هنا وبلدي وشعبي يتعرضان لحصار جائر مستمر فرضته دول مجاورة منذ 5 يونيو حزيران الماضي ويشمل هذا الحصار كافة مناح الحياة بما في ذلك تدخل هذه الدول لقطع الصلات العائلية، وتدير قطر حاليا حياتها واقتصادها وخططها التنموية وتتواصل مع العالم الخارجي بفضل وجود معابر بحرية وجوية ليست لهذه الدول سيطرة عليها”.

واستطرد أمير قطر :”لقد فُرض الحصار فجأة ودون سابق إنذار ما حدا بالقطريين لاعتباره نوعا من الغدر ويبدو أن الذين خططوا له ونفذوه تصورا أن تحدث الخطوة أثرا صادما مباشرا يؤدي إلى تركيع دولة قطر واستسلامها لوصاية شاملة تُفرض عليها والأدهى أن مخططي الحصار وجدوا من الضروري الاستناد إلى تصريحات مختلقة نسبت إليّ وزرعت في موقع وكالة الأنباء القطرية بعد قرصنتها وكان إعلام هذه الدول وهو إعلام مجند مأمور جاهزا على أهبة الاستعداد لبدء حملة تحريض شاملة معدة سلفا انتهكت فيها كافة القيم والأخلاق والأعراف وانتهكت الحقيقة بوابل من الأكاذيب ومازالت الأموال تصرف بسخاء على آلة صنع الافتراءات ونشرها على أمل أن تختلط على الناس الحقيقة بالكذب.

وتابع الشيخ تميم :” وعلى الرغم من افتضاح أمر القرصنة وتزييف تصريحات أمير دولة ذات سيادة لم تتراجع الدول المحاصرة أو تعتذر عن الكذب بل زادت شدة حملتها وهي تُمني النفس أن يُحدث الحصار أثرا تراكميا على الاقتصاد والمجتمع في بلدي مادام قد فشل في إحداث الأثر المباشر.

ومضى قائلا:” لقد ارتكب من قام بالقرصنة وتزييف التصريحات اعتداءً على دولة ذات سيادة وذلك أن الجريمة تمت لأهداف سياسية مبيتة وأعقبتها قائمة إملاءات سياسية تمس بالسيادة أثارت استغرابا عالميا وأثارت هذه الفعلة المشينة من جديد التساؤلات حول الأمن الرقمي والفلتان في عمليات القرصنة الإليكترونية كما أظهرت قلق أوساط واسعة رسمية وشعبية في العالم من عدم وجود مؤسسات وتشريعات دولية واضحة تنظم هذا المجال الخطير والحيوي تعاقب مرتكبي الجرائم العابرة للحدود فيه ولقد آن الأوان لاتخاذ خطوات في هذا الصدد ونحن مستعدون لوضع إمكانياتنا لخدمة جهد مشترك كهذا”.

وانتقد أمير قطر إجراءات دول الحصار قائلا: ” لقد قامت الدول التي فرضت الحصار الجائر على قطر بالتدخل في الشئون الداخلية للدولة عبر الضغط على مدنييها بالغذاء والدواء وصلات الرحم لتغيير موقفهم السياسي لزعزعة الاستقرار في دولة ذات سيادة .. أليس هذا أحد تعريفات الإرهاب؟”

وتابع:” لم يقتصر هذا الحصار غير المشروع على الشق الاقتصادي وخرق اتفاق منظمة التجارة العالمية بل تجاوز ذلك إلى انتهاك مواثيق حقوق الإنسان بالإجراءات التعسفية التي سببت أضرارا لآلاف من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي والمقيمين على أراضيها اجتماعيا واقتصاديا ودينيا حيث انتهكت أبسط حقوق الإنسان في العمل والتعليم والتنقل والتصرف بالملكية الخاصة ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى ملاحقة الدول الحصار مواطنيها والمقيميين على أراضيها وفرض عقوبات بالحبس والغرامة عليهم لمجرد التعبير عن التعاطف مع دولة قطر حتى في وسائل التواصل الاجتماعي وذلك في سابقة لم يشهدها العالم من قبل في مخالفة لأحكام اتفاقيات حقوق الإنسان التي تكفل حق الإنسان في التعبير عن أفكاره وآرائه”.

وأضاف الشيخ تميم :” ثمة دول تبيح لنفسها ليس فقط الاعتداء على دول جارة لإملاء سياستها الخارجية والإعلامية بل تعتقد أيضا أن حيازتها للمال تؤهلها للضغط على دول أخرى وابتزازها لتشارك معها في عدوانها وهي التي تفترض أن تحاسب دوليا على ما قامت به”.

وأشار إلى أن ” الدول التي فرضت الحصار على دولة قطر تتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من البلدان وتتهم كل من يعارضها في الداخل والخارج بالإرهاب وهي بهذا تلحق ضررا بالحرب على الإرهاب وهي في الوقت ذاته معارضة للإصلاح وداعمة للأنظمة الاستبدادية في منطقتنا والتي يتخرج الإرهابيون من سجونها.

وحول ردود الفعل المحلية والدولية إزاء الحصار أكد الشيخ تميم :” لم نتفاجئ وحدنا من فرض الحصار فقد تفاجئت معنا دول كثيرا شكك قادتها بدوافعه وأسبابه وقد وعدت الدول المحاصرة كل من سألها عن أسباب الحصار أن تقدم له الأدلة عن مزاعمها العبثية وافتراءاتها ضد قطر والتي تغيرت حسب هوية المخاطب وما زال الجميع ينتظر أدلة لم تصل ولن تصل لأنها غير موجودة أصلا ويوجد نقيضها الكثير من الأدلة حول مساهمة قطر في محاربة الإرهاب باعتراف المجتمع الدولي كله”.

وبشأن جهود قطر في مكافحة الإرهاب قال أمير قطر: “لقد كافحت دولة قطر الإرهاب ويشهد بذلك المجتمع الدولي بأسره ومازالت وستظل تحاربه وترى ضرورته محاربته أيديولوجيا وتتجاوز ذلك في الإسهام في تجفيف منابعة من خلال تعليم سبعة ملايين طفل في العالم حتى لا يقعوا فريسة للجهل والأفكار المتطرفة”.

وأكد الشيخ تميم رفض بلاده الحصار قائلا :”لقد رفضنا الانصياع للإملاءات بالضغط والحصار ولم يرضى شعبنا بأقل من ذلك وفي الوقت نفسه اتخذنا موقفا منفتحا على الحوار دون إملاءات وأعربنا عن استعدادنا لحل الخلافات بالتسويات القائمة على التعهدات المشتركة فحل النزاعات بالطرق السلمية من أولوية سياساتنا الخارجية ومن هنا أجدد الدعوة لحوار غير مشروط القائم على الاحترام المتبادل للسيادة وأثمن عاليا الوساطة المخلصة والمقدرة التي دعمتها دولة قطر منذ بداية الأزمة والتي يقوم بها أمير دولة الكويت”.

وفي كلمته أيضا شدد أمير قطر على أن ” حفظ السلام والأمن الدولي يمثل أولوية في السياسة الخارجية لدولة قطر والتي تستند في مبادئها وأهدافها إلى قواعد الشرعية الدولية الداعية إلى التعاون البناء والاحترام المتبادل وحسن الجوار وتعزيز التعايش السلمي وعدم التدخل في الشئون الداخلية واتباع الوسائل السلمية لتسوية النزاعات”.

وحذر أمير قطر من إفلات مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية من العقاب بسبب خضوع الشرعية الدولية للضغوط السياسية ومصالح المحاور وإملاءات القوة على الأرض ما ينذر بسيادة قانون القوة بدلا عن قوة القانون.

وعن مواقف القوى الدولية قال أمير قطر :” في رأينا لا يجوز أن يتراوح موقف القوى الكبرى بين تطرفين هما إما الاحتلال المباشر للدول لفرض إرادتها وسياستها أو اتخاذ الموقف المتفرج الممتنع عن فعل أي شيء إزاء حروب وجرائم ضد الإنسانية يقوم بها نظام حكم مستبد فاشي أو قمع متواصل لشعب واقع الاحتلال تقوم به دولة محتلة”.

وتابع “مؤخرا ينتشر شعورا أن الشعوب التي تتعرض للقمع تواجه وحدها مصيرها وكأن الساحة الدولية تخضع لنظام الغاب وما على الدول المعرضة للتهديد إلا أن تتدبر أمرها عبر تحالفاتها وعلاقاتها ذلك في غياب نظام لتنفيذ أحكام القانون الدولي”.

وحول أزمة أقلية الروهينغيا المسلمة في ميانمار قال الشيخ تميم “أدعو حكومة جمهورية ميانمار والمجتمع الدولي للاطلاع بمسؤوليتهم القانونية والأخلاقية لوقف العنف ضد أبناء أقلية الروهينغيا وتوفير الحماية لهم وإعادة النازحين إلى موطنهم وعدم التمييز الطائفي أو العرقي ضدهم وضمان حصولهم على كامل حقوقهم المشروعة كمواطنين كاملي المواطنة ونحث جميع الدول لتقديم المساعدات الإنسانية.”

وعن القضية الفلسطينية انتقد أمير قطر استمرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي في التوسع في عمليات الاستيطان.

كما دعا إلى وجود حل سياسي للأزمة السورية بشكل يلبي متطلبات الشعب السوري وذلك وفق مقررات جنيف 1.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان