شاهد: “رزان”.. ملاك رحمة يداوي جرحى مسيرات العودة بغزة

بجسدها النحيف وردائها الأبيض، تسارع الفتاة الفلسطينية رزان النجار، لمداواة جرحى مسيرات “العودة”، على حدود غزة، مع الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الثالث على التوالي.
تحمل رزان (20 عامًا) حقيبة طبية صغيرة، مرتدية قفازين بيديها وكمامة على أنفها وفمها، ما يميزها عن المحتجين، شرقي بلدة خزاعة؛ جنوبي قطاع غزة.
وبجسارة وهمة تتقدم رزان للصفوف الأولى، التي يتواجد بها المتظاهرون، لتقديم الإسعافات الأولية، وإنقاذ حياتهم، برفقة 6 متطوعين آخرين، بينهم فتاة.
وتعمل “رزان”، خريجة التمريض العام في جامعة الأزهر بغزة، كمتطوعة في هذا العمل، بجانب عملها التطوعي في مجمع ناصر الطبي الحكومي.
ونادرًا ما تجد مشاركات في العمل الميداني بقطاع غزة؛ خاصة في الأحداث التي تقع قرب الحدود، والتي قد تعرض حياتهُنّ للخطر.
لكن “رزان” ها هي ودون كللٍ أول ملل،في مخيم العودة شرقي خانيونس، برفقة طاقم متطوع، الأمر الذي خفف العبء والضغط عن المسعفين.
ملابسها البيضاء امتزجت بدماء جرحى الأحداث، كما تعرضت للاختناق بالغاز أكثر من ثلاث مرات، وفي كل مرة تعود للعمل مُجددًا بعزيمة قوية.
تقول رزان، فور الانتهاء من إسعاف مع أكثر من 10 حالات اختناق وفقدان وعي “تعاملت مع أكثر من 70 حالة ما بين اختناق وإصابة بطلقات الرصاص”.
وتضيف أنها موجودة بالمخيم منذ يوم الجمعة، ويستمر العمل من الساعة السابعة صباحًا حتى العاشرة ليلًا.
وتشير إلى أنها وصلت إلى نقطة متقدمة من السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة، لإنقاذ 3 مصابين، وقدمت لهم الإسعافات الأولية، من دون أن تخشى رصاص الاحتلال.
كما تلفت إلى أن الأدوات الطبية بحوزتهم نفدت واضطروا لشراء بعضها على نفقتهم الخاصة، إيمانًا بأهمية وقيمة عملهم من الناحية الإنسانية.
وترى أن قرار التطوع بإسعاف جرحى المسيرات لم يكن “سهلًا” بالنسبة لفتاة، لكنها مصممة على إكمال المشوار، من دون توقف.
وتقول “حتى لو استمر العمل هنا لأشهر أو أكثر، لن أغادر، فالدماء التي اختلطت بملابسي هي طاهرة زكية، أعتز بها”.
واعتدت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي على المتظاهرين، يوم الجمعة الماضي؛ ما أدى إلى استشهاد 17 فلسطينيًا، وإصابة قرابة 1500 آخرين.
والسبت، نكّست السفارات الفلسطينية الأعلام على مقارها، تنفيذًا لإعلان الرئيس محمود عباس، يوم حداد وطني على أرواح شهداء الأرض.
“ويوم الأرض”، تسمية تُطلق على أحداث جرت في 30 مارس/آذار 1976، استشهد فيها 6 فلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948 (إسرائيل) ، خلال احتجاجات على مصادرة سلطات الاحتلال مساحات واسعة من الأراضي.