شاهد: رصاصة الاحتلال “تبتر” أحلام طفل من غزة

لم يعد الطفل عبد الرحمن نوفل (11 عامًا) يحلمُ بالسفر خارج قطاع غزة من أجل الترفيه، إذ باتت أقصى أحلامه الصغيرة تتمثل في الخروج من هذا “السجن الكبير” لتركيب “طرف صناعيّ”.

ففي صباح يوم 19 أبريل/ نيسان الماضي، بتر الأطباء، ساق الطفل “نوفل” في مشفى بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، بعد يومين من إصابته برصاصة إسرائيلية تسببت بحدوث تهتك وتهشّم للعظم، وقطع للأوردة والشرايين.

وتقول وزارة الصحة بغزة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم نوعًا من الرصاص الحي ينفجر داخل أجساد المصابين، ويحدث أضرارا قد تؤدي إلى الموت.

وفور تماثله للشفاء، تعلّم الطفل “نوفل” بصعوبة بالغة المشي باستخدام “العكاز”، فيما يشعر بالتعب الشديد بسبب استخدامها.

ولا يزال “نوفل” يعيش صدمة فقدان ساقه، فيتحسس مكانها مرددًا في همسات خفيفة تحمل استنكارًا “ما الذنب الذي ارتكبته كي يفقدني جيش الاحتلال ساقي؟”.

ويقول في منزله الواقع وسط قطاع غزة “أنا مجرد طفل، خرجت في مسيرة سلمية، أريد أن أفهم لماذا استهدفوني وأطلقوا باتجاهي الرصاص الذي أفقدني ساقي، وتسبب لي بإعاقة مدى الحياة؟”.

ويوضح “نوفل” أنه خرج في اليوم الذي أصيب به، برفقة أصدقائه للانضمام لمهرجان أقيم في مخيم العودة قرب حدود غزة، ضمن فعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار، ورغبة في تحقيق حلم العودة إلى قرية حليقات، التي هجر أجداده منها عام 1948.

وكان الطفل يبعد عن السياج الفاصل مسافة كبيرة جدًا، حينما أُصيب فور انتهاء المهرجان، الذي قصده بهدف المتعة من رفاقه، حسبما يقول.

أعاقت حياته

ويشعر الطفل “نوفل” بعد فقده لساقه بأن كافة التفاصيل الصغيرة تغيرت في حياته، وأن تلك التفاصيل الروتينية كـ”المشي في الشارع” باتت أقصى أحلامه.

ويقول إنه لم يتمكن من اللعب مع أصدقائه كرة القدم؛ إذ كان يرغب بأن يصبح حارس مرمى.

ويضيف “لكن يبدو أن عليّ إعادة النظر في هذه الرغبة بعد أن فقدت ساقي، فأنا لم أعد قادرًا على الوقوف دون مساندة العكازات تلك (يشير بيده نحوها)”.

وحمّل الطفل نوفل الجندي الإسرائيلي الذي أطلق الرصاص تجاهه المسؤولية الكاملة عن بتر جميع أحلامه، قائلًا “الجندي قتل أحلامي برصاصته وتسبب لي بإعاقة مدى الحياة”.

وطالب الطفل، رغم صغر سنّه، بمحاكمة ذلك الجندي حتّى يلقى العقاب الذي يتناسب مع حجم الجريمة التي ارتكبها بحق “نوفل” ومستقبله.

ويرغب نوفل بـ”نشر قصته على مسامع العالم كلّه، حتّى يعرف العالم من هي إسرائيل، وكيف يتعامل جيش الاحتلال مع أطفال غزة”، وفق الطفل.

لذا يصمم الطفل “نوفل” على دراسة تخصص “الصحافة والإعلام” حينما يكبر، من أجل إيصال الحقيقة للعالم وكشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي، كما قال.

ويناشد الطفل “نوفل” المؤسسات المعنية بحقوق الجرحى بتوفير طرف صناعي بديل عن ساقه التي فقدها برصاصة إسرائيلية.

ويقول إنه يرغب بالعودة إلى ممارسة حياته الطبيعية كما كان سابقًا لكن بساق صناعية، دون استخدام هاذين العكّازين، اللذين يسببان إرهاقًا شديدًا له.

ويذكر أنه يريد أن يكمل حياته كما بقية أطفال العالم بدون هذه القيود الدائمة التي فرضها الاحتلال عليه (أي بتر ساقه).

ويعتقد أن بتوفير الساق الصناعي قد يتمكن ثانية من التشبث بأحلامه الصغيرة، وتحقيقها في الوقت المناسب لذلك.

وبدأت مسيرات العودة، في 30 مارس/آذار الماضي، حيث يتجمهر آلاف الفلسطينيين، في عدة مواقع قرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948.

ومن المقرر أن تصل فعاليات مسيرة العودة ذروتها في 14-15 مايو/أيار الجاري (ذكرى النكبة الفلسطينية وإعلان قيام ما بات يعرف بدولة إسرائيل)، تحت اسم “مليونية العودة”.

ويقمع جيش الاحتلال الإسرائيلي تلك الفعاليات السلمية بالقوة، ما أسفر عن استشهاد 50 فلسطينيًا وإصابة الآلاف.

المصدر : الأناضول

إعلان