رفاق السيسي في عزل مرسي.. أين هم اليوم؟

برفقة 14 شخصية، وقف وزير الدفاع المصري آنذاك، عبد الفتاح السيسي، في 3 يوليو/تموز 2013 يتلو بيان عزل أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا في مصر، محمد مرسي، من منصبه.
وتزامن مع ذلك التاريخ مظاهرات مؤيدة واحتجاجات معارضة، ومن بين الشخصيات الـ14 التي التفت حول السيسي خلال بيان العزل، قيادات دينية وعسكرية وسياسية.
بعد خمسة أعوام، وصل السيسي إلى ولاية رئاسية ثانية وأخيرة، وفق الدستور، بينما تفرق الرفاق بين راحل عن الحياة وصاعد في المناصب وبين مغادر لمنصبه، ومهاجر خارج البلاد، معارضًا لسياسيات النظام.
تفرقت السبل برفاق مشهد العزل، الذي سبقته مظاهرات كانوا هم أكثر داعميها في 30 يونيو/حزيران 2013.
أغلب هؤلاء الرفاق تحول من التأييد لمشهد السيسي ذلك اليوم، إلى المعارضة، ومنهم من قضى جزءًا من حياته في السجن،ـ أو عاد، عبر المنافي ومنصات التواصل، إلى مصافحة الإخوان المسلمين، الذين عاداهم من قبل.
وبقيت جماعة الإخوان (المنتمي إليها مرسي) والقوى المناهضة لذلك المشهد بين المنافي والسجون، واكتسبوا تأييد شريحة ممن اختلفوا مع السيسي، غير أنهم لم يبلوروا ائتلافًا يستطيع تغيير المشهد.
أكاديمي مختص في علم الاجتماعي السياسي يرى أن الارتباك هو حليف هذا المشهد في ذكراه الخامسة، ويبقى السيسي هو الرابح الأكبر من ذلك المشهد، وإن انفض عنه مؤيدون، غير أنه لم تنتج المعارضة منافسة قوية تغير المشهد.
وتذهب آراء شريحة ليست قليلة من مؤيدي النظام إلى أن توجه 3 يوليو/ تموز نجح حتى الآن في إزاحة الإخوان، التنظيم الأكبر بمصر، وسط موجة من الاتهامات تنفيها الجماعة المحظورة بارتكاب أعمال عنف ومحاولة تغيير هوية البلاد.
في مشهد 3 يوليو/ تموز2013 وُجدت 15 شخصية، بينها السيسي وزير الدفاع، ورئيس الأركان، صدقي صبحي، ومحمد البرادعي، رئيس “جبهة الإنقاذ” التي كانت تطالب بالإطاحة بمرسي، والكاتبة سكينة فؤاد ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، حامد عبد الله.
وكذلك شيخ الأزهر، أحمد الطيب، وبابا أقباط مصر، تواضروس الثاني، وأمين عام حزب “النور” (سلفي)، جلال المرة، واللواء عسكري محمد العصار، وقائد القوات الجوية، الفريق يونس المصري، والفريق عبد المنعم التراس والفريق أسامة الجندي من قادة الجيش.
حلت الذكرى الخامسة لهذا المشهد والسيسي صار رئيسًا لولاية ثانية، فيما أعفي صدقي صبحي من منصبه كوزير للدفاع، واستمر البرادعي على حاله، منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة صيف 2013، كمعارض من خارج البلاد لسياسات النظام.
بينما اختفت الكاتبة سكينة فؤاد عن المشهد بصورة كبيرة، ورحل عبد الله حامد، قبل عامين، وبقي الطيب وتواضروس في منصبيهما الدينيين، وظل حزب النور مؤيدًا للنظام.
وحلت تغييرات بشأن بقية وجوه القادة العسكريين بقرارات من السيسي، بعضهم كالمصري، الذي صار وزيرًا للطيران المدني.
بعد أعوام من تأييدهم المظاهرات الداعية إلى رحيل مرسي أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة رفضها الأخير، تبدل الحال برفاق 3 يوليو/تموز 2013.
البعض يقبع في السجون على ذمة اتهامات ينفونها بنشر أخبار كاذبة، وآخرون تحالفوا مع الإخوان، العدو القديم إبان مظاهرات 2013.
أبرز وجوه “جبهة الإنقاذ” أنشأوا، في ديسمبر/كانون أول الماضي، “الحركة المدنية الديمقراطية” كشكل من المعارضة. وتضم الجبهة ثمانية أحزاب و300 شخصية عامة، بينها الدستور (ليبرالي)، والمصري الديمقراطي الاجتماعي (يساري).
كما تضم حمدين صباحي، منافس السيسي في انتخابات 2014، وكلا من خالد علي ومحمد أنور السادات، اللذين أعلنا اعتزامهما الترشح في رئاسيات 2018، قبل أن يتراجعا عن السباق الذي فاز به السيسي.
ورغم مشاركته في مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، اصطدم حزب “مصر القوية”، برئاسة المرشح الرئاسي السابق، عبد المنعم أبو الفتوح، بالنظام الحالي.
هذا الاصطدام يعود إلى إجراءات حكومية واعتقال أعضاء بالحزب، الذي قاطع استحقاقات انتخابية، قبل أن يتم اعتقال رئيسه، في فبراير/شباط الماضي، ومن قبله نائب رئيس الحزب، محمد القصاص.
وتجمد نشاط شباب “الاشتراكيين الثوريين” و”حركة 6 أبريل” (نيسان)، الذين كانا أبرز الداعمين لرحيل مرسي.
وجرى تحييد “6 أبريل” في معادلة السياسة المصرية، بعد أن سُجن مؤسسها، أحمد ماهر، وحُظر نشاطها، مع استمرار حبس الناشطين البارزين محمد عادل، وهيثم محمدين.
وتبدل حال البعض من الدعم المطلق إلى المعارضة الشديدة، وهم الآن خلف القضبان، ومنهم: الناشطان البارزان حازم عبد العظيم ووائل عباس.
بشدة، عارض هذان الناشطان حكم مرسي، الذي استمر عامًا واحدًا، وأيد أحدهما السيسي قبل أن يتحولا إلى معارضين لسياساته.
بينما أصبح مؤسس “حركة تمرد” الشبابية (من أبرز جبهات دعم مظاهرات 30 يونيو) محمود بدر عضوًا بمجلس النواب، وصديقه محمد عبد العزيز عضوًا بالمجلس القومي لحقوق الإنسان (رسمي).
وفق أستاذ علم الاجتماع السياسي بمصر، سعيد صادق، فإن “القوى الليبرالية في 30 يونيو أيدت حراكا شعبيا مع الجيش كظهير يستطيع حمايتهم في مواجهة التيار الديني الحاكم، الذي انحرف عن أهداف ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011″، التي أطاحت بالرئيس الأسبق، حسني مبارك.
وأضاف صادق أن “القوى الليبرالية كانت تأمل خيرًا في ما بعد 30 يونيو كتصحيح للمسار، وفي حال مقارنة مواقف هذه القوى بين حكم العسكر أو التيار الديني، تميل إلى الأول، إلا أنه أيضًا لم يحقق أهداف يناير” لذلك عارضوه.
ورأى أن “أكثر شيء يساعد على استقرار السيسي حاليًا هو دعوات الإخوان إلى عودة مرسي، التي ترفضها القوى السياسية بمصر”، وشدد على أنه “عندما خلع الجميع عباءاته الحزبية والدينية والسياسية في 25 يناير، نجحوا في إزاحة مبارك خلال 18 يومًا فقط”.
وتابع أن “المؤيدين للسيسي يرون في دعمهم له مساندة لبقاء الدولة بالشكل المدني المتسامح القادر علي مواجهة التحديات التي يفرضها أنصار سلطة سابقة قامت بالأساس لتغيير شكل الدولة”.
ومن آن إلى آخر، تظهر في مصر حركات معارضة للنظام الحكام. لكن صادق قلل من تأثيرها، معتبرًا أنها “ظواهر إعلامية لا تواجد لها، وهو ما ظهر جليًا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة مارس/آذار الماضي، التي لم يظهر بها مرشح قوي يعبر عن المعارضة” حتى في ضوء القيود المفروضة.
في المقابل، رأى الكاتب المصري المؤيد للسلطة، مختار شعيب، في مقال نشرته صحيفة “الأهرام” الملوكة للدولة، يوم الجمعة الماضي، أن “ثورة 30 يونيو” أنقذت مصر من سيناريوهات كارثية.
من بين هذه السيناريوهات: “استمرار حالة الاحتقان الشعبي وزيادتها، ونشر الفوضى، وتفكيك أجهزة الدولة، ما يسمح لدول اجنبية بالتدخل في الشأن المصري لدعم هذا الطرف عسكريًا أو ذاك، وإقامة قواعد عسكرية لها”، بحسب شعيب.
وقبل أيام من حلول ذكرى 3 يوليو/ تموز 2013، التي يراها مؤيدو مرسي انقلابًا عسكريًا صريحًا، فيما يراها معارضوه استجابة لثورة شعبية، زادت الحكومة المصرية من أسعار الوقود وتعرفة ركوب مترو الأنفاق، بعد زيادات في أسعار مياه الشرب والكهرباء.
وأطلقت هذه الزيادات انتقادات شعبية للرئيس والحكومة، بينما يصر مؤيدو السيسي على أن ما يتم هو إصلاح اقتصادي تأخر كثيرًا وأصبح لا مفر منه وستظهر نتائجه الإيجابية في الفترة المقبلة.