وفاة الرجل الذي قال لمبارك “اتق الله” فاعتقله 15 عاما

الراحل على مختار عبد العال، الشهير بـ"على القطان"

توفى (الثلاثاء) المواطن المصري على مختار عبد العال، الشهير بـ”على القطان”، والذي اعتقل 15 عاما في سجون الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، بعدما قال له: “اتق الله”.

تفاصيل القصة:

تعود قصة المصري “علي القطان”، والذي توفي اليوم عن عمر الـ 71 عاما، إلى شهر رمضان عام 1413 هجرية الموافق لشهر مارس/آذار عام 1993، حيث كان مقيما بالمدينة المنورة، وكان ضمن من ينتظرون نفحات ليلة القدر بالحرم النبوي، فأخذ مكانه في الصف الأول، وقرابة الفجر ذهب ليجدد وضوءه، ولدى عودته وجد الحراس يمنعونه من الدخول.

وبحسب رواية القطان في حوار سابق أجراه مع موقع “الجزيرة نت” عام 2011 فقد كانت الإجراءات الأمنية بسبب الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، الذي كان يزور المسجد النبي وسط إجراءات أمنية مشددة، لكن وجه القطان كان مألوفا لقائد التشريفة السعودي، الذي رآه فتبسم، ومن ثم مكّنه من الدخول، حيث أدى مع الحاضرين صلاة الصبح.

يقول القطان: “بمجرد انتهاء الصلاة وجدت مبارك أمامي، يرتدي جلبابا، ويبدو أنه أتم عمرة بمكة، ثم جاء لزيارة المسجد.. فقلت له بشكل عفوي ’يا ريس اتق الله، واحكم بما أنزل الله‘، فأخذته رعدة، وتلفت مرتبكا، وأسرع الحراس إليه، وانطلقوا به إلى خارج المسجد”.

ويضيف القطان “بعد خروجهم بدقائق فوجئت بعربة كبيرة، حملوني إليها حافي القدمين، وسألني أحدهم متوجسا: “فين السلاح؟”، رددت بابتسامة فأخذوا يفتشون جيوبي، ويتحسسون جسدي، فلم يجدوا سوى متعلقاتي: منديل ومسواك وزجاجة عطر وبضع ريالات وأوراق إقامة”.

إحراج للسعودية:

قال القطان إن ضابطا سعوديا قال له: “أحرجتنا.. لماذا قلت له ذلك؟”، أجاب: “هذا هو الطبيعي بهذا المكان”، فنقلوه إلى مبنى أمن الدولة في جدة، وسألوه عما حدث فأجاب: “أنا مقيم منذ 13 سنة، ولم يصدر مني أي تجاوز، وهذا سلطان قلت له نصيحة لم تخرج عن الشرع”.

وقال القطان إن ضباطا مصريين قدموا لاستلامه وأخذوه إلى مطار القاهرة ومنه إلى سجن طرة، ثم إلى مقر أمن الدولة في “لاظوغلي”، حيث فوجئ باللواء محمد عبد الحليم موسى (خامس وزير داخلية في عهد مبارك)، يقول له: “لماذا قلت ذلك؟ فأجاب: “وما الذي يمنع أن يقولها أي واحد منكم لمصلحة البلد؟”

وسأل وزير الداخلية آنذاك القطان عن الجهة التي حرضته على ما فعله فأجاب قائلا “كلمتي نصيحة بآية، فالقرآن يقول “ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله”، ويقول: “وأن احكم بينهم بما أنزل الله”.

خط أحمر:

ويواصل القطان رواية ما جرى له فيقول إنه عندما عاد إلى السجن كان المسؤولون هناك يقولون له إنه لا يوجد عليه أي دليل إدانة؛ لكن مشكلته مع الرئيس حيث إنهم يقررون الإفراج عنه، لكن ضوءا أحمر يأتيهم من مكتب زكريا عزمي رئيس الديوان الرئاسي.

وأضاف: “تم ضربي وتعذيبي تعذيبًا شديدًا ثم أخذوني إلى سجن العقرب شديد الحراسة، ومنه إلى سجن الاستقبال وإلى سجون أخرى في رحلة اعتقال استمرت حوالي 15 عامًا”.

واختتم الرجل حديثه لـ”الجزيرة نت” بالتأكيد على أن ضباط السجن طلبوا منه كتابة التماس للإفراج عنه لكنه رفض، وقال إنه ظل دائما يدعو على مبارك: “اللهم أزل دولته، وأبدلنا خيرا منه”، إلى أن أطلقوا سراحه يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2007.

وفي حوار له مع وسائل إعلام مصرية عام 2012 أكد الراحل أنه لم يكن لديه أي نية لاغتيال أو إيذاء الرئيس المخلوع حسني مبارك وقال: “المرة الوحيدة التي حملت فيها السلاح كان في وجهى دبابات شارون في حرب 1973 المجيدة، حيث كنت نقيبًا في الجيش المصري وقتها في السويس بالمقاومة الشعبية، ولن أنسى أبدًا أن البطل الحقيقي في حرب أكتوبر هو الجندي المصري البسيط الذى كان يتقاضى 4 جنيهات شهرية، مشيرا إلى أن مبارك انتزع منهم النصر ونسبه لنفسه ليكون صاحب الضربة الجوية، و”لم أحمل السلاح بعد ذلك في حياتي، ومن ثم فلا مجال ولا مكان لموضوع الاغتيال نهائيًا، ثم إنه عندما لم يثبت في حقي تهمة اعتقلوني ولم يقدموني للمحاكمة”.

سيرة ذاتية:

وولد علي القطان في 29 أبريل/نيسان عام 1947، وهو حاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية عام 1969، وخدم بالجيش المصري بين عامي 1969 و1975، حيث شارك في حربي الاستنزاف و1973، حتى بلغ درجة نقيب بسلاح المشاة.

وفي عام 1976 توجه إلى فرنسا لدراسة علم الاجتماع، وهناك التقى بالمستشرق الشهير جاك بيرك، ثم توجه إلى السعودية عام 1980 للعمل باحثا اجتماعيا، كما زار 50 دولة، ويقول إنه يهوى الترحال.

وتعود جذور الراحل إلى محافظة المنوفية التي ولد فيها مبارك، ويذكر أن والده كان يعرف والد الرئيس المخلوع جيدا لأنه كان يعمل سكرتيرا لنيابة أشمون، وكان والد مبارك يعمل حاجبا لمحكمة أشمون نفسها في خمسينيات القرن الماضي.

المصدر: الجزيرة + الجزيرة مباشر

إعلان