“متى ينتهي الوباء”؟ بيل غيتس يتحدث عن أزمة كورونا وكيفية مواجهتها

الملياردير الأمريكي بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت

في مقابلة أجراها بيل غيتس مع موقع ريديت الأمريكي، أجاب الملياردير الأمريكي عن عدد من الأسئلة حول وباء كورونا.

يقول بيل غيتس في مدونته على الإنترنت “أجريت لي مقابلة أمس مع موقع ريديت، وكما العادة طرح متابعو الموقع الكثير من الأسئلة الذكية، وكانت فرصة رائعة لعقد نقاش مبني على الحقائق عن هذه الجائحة، وما الذي ينبغي علينا فعله لتجنب حدوث جائحة أخرى في المستقبل”.

وكانت وسائل إعلام قد سلطت الضوء على مداخلة قام بها بيل غيتس قبل 5 سنوات، وصف فيها، مخاوفه من حدوث وباء يشبه إلى حد كبير ما يمر به العالم هذه الأيام.

وقالت مجلة لنوفيل أوبزرفاتور الفرنسية، إن هذا التسجيل القصير (أقل من عشر دقائق) شاهده خمسة ملايين شخص ويطلق عليه ببساطة “الوباء التالي؟ لسنا مستعدين”، يصف فيه أغنى رجل في العالم أحد هواجسه الذي عبر عنها في العديد من المقابلات، وهو تفشي وباء عالمي دون أن تكون البشرية مستعدة له.

وفيما يلي أبرز الأسئلة التي أجاب عنها غيتس فيما يخص وباء كورونا.

ما أكثر شيء يثير قلقك في الأزمة الحالية؟ وما الذي يعطيك الأمل؟

لدينا الكثير من الحالات في البلدان الغنية. ومع اتباع الإجراءات الصحيحة، بما فيها إجراء التحاليل والتباعد الاجتماعي، ينبغي أن تتمكن الدول الغنية من تجنب هذه المعدلات العالية من العدوى في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر على الأكثر. أشعر بالقلق من الأضرار الاقتصادية، ولكن الأسوأ من ذلك هو كيف ستؤثر الجائحة في البلدان النامية التي لا تستطيع تطبيق التباعد الاجتماعي بنفس طريقة البلدان الغنية، مما سيؤثر على قدرتها على الاستشفاء بشكل كبير وخاصة في ظل انخفاض سعة المستشفيات لديها مقارنة بالدول الغنية.

هل هناك فرصة لتقليل البرنامج الزمني لتطوير لقاح يمتد لـ18 عشر شهرا؟

هذا سؤال رائع. أكثر من 6 جهود مختلفة تجري الآن لإنتاج اللقاح: بعضها يستخدم مقاربة جديدة تسمى RNA وهي لا تزال غير مثبتة. علينا أن نبني الكثير من وحدات التصنيع للمقاربات المختلفة ونحن نعلم مسبقا أن بعضها لن يكون فعالا. كما أننا سنحتاج المليارات من اللقاحات حرفيا كي نتمكن من حماية العالم. واللقاحات تحتاج للاختبارات الكثيرة للتأكد من سلامتها وفعاليتها، فبعضها غير فعال مثل لقاح الأنفلونزا بالنسبة لكبار السن.
وأول اللقاحات التي سنحصل عليها ستذهب إلى العاملين بالقطاع الصحي والقطاعات الحيوية الأخرى. يمكن أن يحدث ذلك قبل 18 شهرا في حالة سريان الأمور بشكل جيد. غير أن الدكتور أنثوني فاوسي (طبيب المناعة الأمريكي وعضو قوة المهام الخاصة بفيروس كورونا بالبيت الأبيض) وآخرين من العلماء لا يستطيعون التعهد بذلك وهم غير متأكدين. العمل يجري على قدم وساق. 
وربما يتم التوصل إلى مقاربة علاجية قبل اللقاح، مما سيؤدي في أحسن الأحوال إلى تقليل عدد المحتاجين للرعاية المركزة وأجهزة التنفس الاصطناعي. وقد نظمت مؤسسة بيل غيتس “مسرعا علاجيا” لدراسة جميع الأفكار الأكثر فائدة واستجلاب كل قدرات التصنيع. آمل أن يسفر هذا الجهد عن شيء ملموس بالمستقبل القريب، ربما يكون مضادا للفيروس أو أجساما مضادة أو شيئا آخر.
أحد الأفكار التي تدرس الآن هي استخدام البلازما الخاصة بالأشخاص المتعافين،التي قد تحوي أجساما مضادة لحماية بقية الناس، وإذا نجح ذلك فستكون الطريقة الأسرع لحماية أفراد القطاع الصحي والمرضى الذين يعانون من أعراض شديدة.

أكثر من 6 جهود مختلفة تجري الآن لإنتاج لقاح مضلد لكورونا
ما رأيك في تجربة الصين وتعاملها مع الوباء؟

بدأ الصينيون يشعرون بخطورة الموقف بعد 23 يناير/كانون الثاني، ومن ثم بدأوا في إجراءات العزل الاجتماعي المشدد، الذي أحدث فارقا كبيرا. هذا العزل تسبب بالطبع في صعوبات كثيرة بالنسبة للأشخاص المعنيين إلا أنهم نجحوا في كبح جماح انتشار الفيروس. بعض البلدان الأخرى سوف تفعل ذلك بطرق مختلفة قليلا، ولكن المقاربة الخاصة بإجراء التحاليل مع العزلة الاجتماعية أثبتت فعاليتها، وهذا كل ما لدينا حتى يتوافر اللقاح.

بعد انتهاء هذا الوباء، مهما طال، ما هي الخطوة الأولى التي ينبغي أن نتخذها كمجتمع عالمي حتى نكون مستعدين بشكل أفضل للوباء التالي برأيك؟

كنت قد تحدثت في مؤتمر تيد  Ted talks الذي أقمته عام 2015 عن هذا الأمر. نحن بحاجة لأن نمتلك القدرة على زيادة التشخيص والأدوية واللقاحات بسرعة كبيرة. التقنيات موجودة بالفعل للقيام بذلك بشكل جيد، إذا توافرت الاستثمارات الصحيحة. وتستطيع الدول العمل معا لتحقيق ذلك. لقد قمنا بالفعل بإنشاء CEPI (تحالف من أجل ابتكار التأهب للوباء)،الذي قام ببعض العمل على اللقاحات، ولكن ينبغي تمويله على مستوى أعلى للوصول إلى قدرة تصنيع احتياطية للعالم.

غيتس: إجراءات العزل الاجتماعي المشدد التي طبقتها الصين أحدث فارقا كبيرا
لماذا لم تكن معظم حكومات العالم مستعدة في رأيك رغم تحذيرك أنت وخبراء آخرين من وقوع مثل هذه الأحداث؟

لا يستطيع أحد أن يتنبأ باحتمالية ظهور فيروس جديد. ولكننا كنا نعلم أنه سيحدث في وقت ما، إما مع الأنفلونزا أو مع فيروس تنفسي آخر. لم يكن هناك تمويل تقريبا، حيث مولت مؤسستنا إنشاء تحالف CEPI، بالتعاون مع مؤسسة ويلكوم، والنرويج، واليابان، وألمانيا، والمملكة المتحدة، غير أنه كان خطوة صغيرة مقارنة بما كان ينبغي أن يحدث. نحن نستعد للحروب والحرائق المحتملة وعلينا الآن الاستعداد لمواجهة الأوبئة بنفس الجدية. الخبر السار هو أن أدواتنا البيولوجية، بما في ذلك الطرق الجديدة لإجراء التشخيص والعلاج واللقاحات، تسمح الآن بوجود نظام استجابة قوي للأوبئة ذات الأسباب الطبيعية.

ما رأيك في النهج الذي تتبعه هولندا حاليا لمكافحة الفيروس؟ لن يقوموا بإغلاق كامل للبلاد ولكنهم يحاولون نشره بشكل قابل للتحكم من أجل الوصول إلى “مناعة القطيع”.

النموذج الوحيد القابل للنجاح هو التباعد الاجتماعي الجاد (الإغلاق). وإذا لم تفعل الحكومات ذلك، فسينتشر المرض  بنسبة عالية بين السكان، وستكون المستشفيات مثقلة بالحالات. لذا يجب تجنب ذلك الأمر على الرغم من المشاكل التي يسببها “الإغلاق”. وفي حالة عدم تحكم دولة ما في حالاتها، فإن الدول الأخرى ستمنع أي شخص من الدخول لهذه الدولة أو الخروج منها. أعتقد أن هولندا ستفعل ما تفعله البلدان الأخرى في نهاية المطاف.

غيتس: النموذج الوحيد القابل للنجاح هو التباعد الاجتماعي الجاد
كيف تساعد مؤسستك في مواجهة الوباء الحالي؟ هل تتبرع بالمال وتنتج منتجات للعاملين بالقطاع الصحي؟

تعمل مؤسستنا مع كل المجموعات التي تقوم بالتشخيص والعلاج واختبار اللقاحات للتأكد من إعطاء الأولوية للجهود المناسبة. ونريد التأكد من حصول جميع البلدان على هذه الأدوات. لقد تبرعنا بـ100 مليون دولار في فبراير/شباط الماضي لمجموعة متنوعة من الأشياء وسنفعل المزيد. إحدى الأولويات تتمثل في التأكد من وجود طاقة تصنيع كافية للعلاجات واللقاحات. لدينا جهود أخرى مثل مجموعتنا التعليمية التي تعمل على التأكد من أن الموارد الموجودة عبر الإنترنت مفيدة للطلاب قدر الإمكان.

متى سينتهي الوباء؟

نحتاج إلى لقاح حتى نتمكن من تحجيم العدوى لأعداد صغيرة على مستوى العالم. ستتمكن العديد من الدول الغنية من إبقاء عدد الحالات صغيرًا (بما في ذلك الولايات المتحدة) إذا قامت بالأشياء الصحيحة، ولكن الدول النامية ستجد صعوبة بالغة في وقف الانتشار، لذا فإن اللقاح أمر بالغ الأهمية. تساعد مجموعة تسمى GAVI في شراء اللقاحات للبلدان النامية، وستقوم بدور رئيسي بمجرد أن يتم إنتاج لقاح في الحجم المطلوب.

هل يمكنك تقديم أي تقدير لعدد  الذين قد يصابون بالفيروس ؟

سيختلف هذا كثيرًا حسب البلد. تصرفت تايوان وهونغ كونغ وسنغافورة بسرعة ولن يكون لديهم سوى حالات قليلة جدًا. حتى الصين ستبقى على مستوى منخفض من العدوى مقارنة بتعداد سكانها (أقل من 0.01 في المائة حتى الآن). تايلاند هي نموذج جيد آخر. ولكن لسوء الحظ في البلدان الأكثر فقرا يصعب تطبيق التباعد الاجتماعي بشكل أكبر بكثير، حيث يعيش الناس على مقربة من بعضهم البعض ويحتاجون إلى العمل للحصول على طعامهم مما قد يؤدي إلى انتشار الفيروس في هذه الدول على نطاق واسع.
 

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان