شركة أدوية تعطي الأولوية للأمريكيين في علاج كورونا.. والعالم ثانيا

أثارت تصريحات لمجموعة سانوفي للصناعات الدوائية حول إعطاء الأولوية في توزيع لقاح محتمل لكوفيد-19 للولايات المتحدة استياء حول العالم.
ودعا عدة مسؤولين ومنظمات إلى توزيع “منصف وعالمي” في حال تم التوصل إلى لقاح.
ويمثل المختبر الفرنسي أحد أكبر المجموعات العالمية المختصة في اللقاحات، وبدأ العمل على لقاح لفيروس كورونا المستجد منتصف فبراير/شباط مع إعلان توقيع اتفاق تعاون مع هيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم التي تتبع وزارة الصحة الأمريكية.
ونتيجة هذه المساهمة المالية، سيكون للولايات المتحدة “حق الحصول على الطلبيات الأولى الكبرى” ويمكنها كذلك الاستفادة من اللقاح قبل عدة أيام أو أسابيع من بقية العالم، وفق ما أكد، الأربعاء، المدير العام بول هادسن في حوار مع وكالة “بلومبيرغ”.
قوانين السوق
من جهتها، أكدت المفوضية الأوربية أن اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد يجب أن يكون “عالميا”. وقال ستيفن كيرسميكر أحد الناطقين باسم المفوضية إن “اللقاح ضد كوفيد-19 يجب أن يكون للفائدة العامة والحصول عليه يجب أن يكون عادلا وشاملا”.
وكانت المفوضية قد نظمت تبرعا عالميا لتمويل البحث عن لقاح للفيروس أدى إلى جمع 7,4 مليارات يورو، ولم تشارك الحكومة الأمريكية في التبرع وفضلت التصرّف بمفردها.
بدوره، اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، أن اللقاح المحتمل لوباء كوفيد-19 يجب ألا يخضع “لقوانين السوق”.
وقال قصر الإليزيه إن تصريحات المجموعة أثارت “صدمة لدى كل الذين يعملون (على مكافحة الفيروس) من بينهم الرئيس” الذي سيلتقي مسؤولين من سانوفي مطلع الأسبوع المقبل.
وأضاف “الجهود المبذولة في الأشهر الأخيرة تبيّن أنه من الضروري أن يكون هذا اللقاح سلعة عامة عالمية، وألا يخضع لقوانين السوق”، مشدداً على أهمية الحفاظ على “الجهود الكبيرة والمتعددة، للتوصل إلى بناء استجابة مشتركة ومنسقة” للوباء مع جهات فاعلية متعددة الأطراف.

“غير مقبول”
وكانت سكرتيرة الدولة للاقتصاد أنييس بانييه روناشير قد قالت لإذاعة “راديو سود” إن إعطاء الأولوية للولايات المتحدة سيكون “غير مقبول”. وقالت “بالنسبة لنا سيكون من غير المقبول أن يتم ترجيح كفة هذا البلد أو ذاك في الحصول عليه بذريعة مالية”.
وأثارت هذه التصريحات ردود فعل تعبر عن استياء ضمن الطبقة السياسية الفرنسية، من المعارضة اليسارية إلى المعارضة اليمينية المتطرفة.
وفي صفوف اليسار، دان زعيم كتلة الاشتراكيين أوليفييه فور “ألعاب السوق” مشيرا إلى أهمية التأميم. ودعا الحكومة إلى التحرك.
وفي اليمين القومي طرحت زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبن سؤالا “هل نبكي النزعة الوطنية الاقتصادية التي تبناها الآخرون (الولايات المتحدة) أم أننا نحن أيضا نقرر ماذا نفعل؟”.
وأشارت إلى أن سانوفي “لم تعد شركة فرنسية”. في الواقع ستون بالمئة من المساهمين في هذه المجموعة أجانب.
وخرج الجدل من أطر العالم السياسي، لتنتقد المنظمة غير الحكومية “أوكسفام” معلومات “تعد فضيحة”، منتقدة “الدوافع المالية والسعي إلى تحقيق أرباح من قبل الشركات العملاقة في الصناعة الصيدلانية”.
وفي مواجهة ردود الفعل هذه، تبنت الحكومة الفرنسية بسرعة موقفا حازما. وأكدت بانييه روناشير على الفور أنها اتصلت بـ”سانوفي” وحصلت على تأكيد بأن اللقاح سيتوفر للجميع.
“مجانية للجميع”
وأعلنت الوكالة الصحية التابعة للاتحاد الأوربي، الخميس، أن لقاحا ضد كوفيد-19 سيكون جاهزا خلال سنة “في أفضل السيناريوهات”، وذلك استنادا إلى المعطيات المتوافرة حاليا عن الأبحاث الجارية.
وقال مسؤول استراتيجية الصحة البيولوجية واللقاحات في الوكالة ماركو كافاليري في مؤتمر صحفي عبر الفيديو “نرى إمكانية لأن يكون هناك لقاح جاهز للترخيص بعد عام من اليوم، إذا جرى كل شيء كما هو مخطط له”.
وأخيرا، دعت أكثر من 140 شخصية بينها رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الخميس، إلى أن تكون اللقاحات والعلاجات المقبلة ضد فيروس كورونا المستجد “مجانية للجميع”.
وفي رسالة مفتوحة على الانترنت، تؤكد هذه الشخصيات وبينها خبراء وسياسيون ومنظمات أن إيجاد لقاح هو “أفضل أمل لنا لوضع حد لهذا الوباء العالمي المؤلم”.