نيويورك تايمز: السعودية تعتقل عائلة مسؤول سابق لتجبره على العودة

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن السلطات اعتقلت عددا من أفراد عائلة سعد الجابري، مستشار ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، لتجبره على العودة من كندا، حيث يعيش منذ 2017.
ونقلت الصحيفة عن خالد الجابري، أحد أبناء سعد الذي يعيش في كندا أيضا، أن قوات الأمن السعودية اعتقلت اثنين من إخوته وأحد أعمامه منذ مارس/ آذار الماضي وتعزلهم عن العالم.
وقال خالد الجابري إن اثنين من إخوته كانا في السعودية عندما قرر والده البقاء في الخارج، وبدأت السلطات في التضييق عليهما للضغط على الأب من أجل أن يعود.
وأضاف أن أخاه عمر، 21 عاما، وأخته سارة، 20 عاما، كانا يخططان لاستكمال دراستهما في الولايات المتحدة، لكن بعد ساعات من تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، تم إبلاغهما لن يستطيعا السفر خارج المملكة. وبعدها تم تجميد أرصدتهما البنكية، كما تم استدعاؤهما للتحقيق عدة مرات وأبلغوا بأن يشجعا والدهما على العودة إلى المملكة.
وقال الجابري إنه في 16 مارس/ آذار الماضي، اعتقلت قوات الأمن السعودية عمر وسارة فجرا من منزل العائلة في العاصمة الرياض.
وأضاف أن السلطات اعتقلت عمه عبد الرحمن الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن عمه أستاذ جامعي في الستينيات من عمره وتلقى تعليمه في الولايات المتحدة.
وذكرت نيويورك تايمز أن الجابري كان يقاوم ضغوطا متزايدة من سلطات الرياض ليعود إلى السعودية، التي تركها ليعيش في كندا منذ عام 2017.
وأضافت أن الجابري كان يتحاشى الظهور والأضواء خوفا على حياته وعلى حياة عائلته التي مازالت تعيش في السعودية.
وقالت الصحيفة إن الجابري، الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي، كان لسنوات أحد كبار ضباط الاستخبارات في السعودية، وكان له دور بارز في التنسيق الأمني مع الولايات المتحدة كما لعب دورا رئيسيا في معركة المملكة ضد القاعدة.
وذكرت أن الجابري، الذي حصل على درجة الدكتوراة من جامعة إدنبره باسكتلندا، عمل لأكثر من أربعة عقود في وزارة الداخلية السعودية حتى وصل إلى رتبة لواء، وكان بمثابة الذراع الأيمن لولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف. وعينه الملك سلمان بدرجة وزير في الحكومة.
ونقلت الصحيفة عن ابن الجابري وعن مسؤولين أمريكيين قولهم إن ولي العهد السعودي الحالي الأمير محمد بن سلمان يريد أن يجبره على العودة إلى الرياض، خوفا من ترك شخص مثله، لديه إطلاع على معلومات سرية كثيرة، بعيدا عن يديه.
وقال جيرالد فيرستاين، النائب الأول لرئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، للصحيفة إن “الأمير محمد بن سلمان يشعر بالقلق من أي شخص خارج عن سيطرته”.
وأضاف فيرستاين إن عمل الجابري لعقود في الاستخبارات واطلاعه على الكثير من الملفات الحساسة جعله على معرفة بالكثير من الأسرار والتي ربما يكون من بينها بعض المعلومات الضارة بالأمير محمد بن سلمان.
وخلال عمله كسفير للولايات المتحدة في اليمن، التقى فيرستاين مع الجابري.
وأشار فيرستاين إلى أن كل من تعامل مع الجابري أشاد به، قائلا “كان رجلا رائعا. كان ذكيا وجادا ولا يكل من العمل، وكان شريكا جيدا للولايات المتحدة”.
وقالت نيويورك تايمز إن الجابري كان ضحية صراع بين اثنين من الأمراء الأقوياء على عرش السعودية، مشيرة إلى أنه أصبح نموذجا لسعي ابن سلمان للقضاء على أي تهديد محتمل له.
ونقلت عن بروس ريدل، من مركز بروكينغز والعميل السابق للمخابرات الأمريكية، أن قدرة وزارة الداخلية الكبيرة على جمع المعلومات وفرت لها كنزا من المعلومات، ومن بينها أنشطة أفراد الأسرة المالكة ومنظومات الفساد والجريمة.
وأضافت أن ولي العهد السعودي حاول القضاء على كل منتقديه داخل وخارج المملكة، بما في ذلك الصحفي جمال خاشقجي الذي قتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بالرغم من أن الجابري لم ينتقد ابن سلمان علنا، إلا أنه كان حليفا قويا لولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، الذي كان وزيرا للداخلية لفترة طويلة والذي اعتقل في مارس/ آذار الماضي بعد انتقاده الطريقة التي يدير بها بن سلمان المملكة.
وقالت نيويورك تايمز إن الجابري كان يتحدث الإنجليزية بطلاقة ووطد علاقاته مع مسؤولي المخابرات في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى.
ونقلت عن مسؤولين أمريكيين أن الجابري لعب دورا بارزا في أكثر الملفات الأمنية السعودية حساسية مثل الحرب ضد تنظيم القاعدة وحماية منشآت النفط.
وذكرت الصحيفة أن برقيات نشرتها “ويكيليكس” كشفت أن الجابري لم يكن يجري مباحثات مع مسؤولي المخابرات الأمريكية فقط، بل كان يناقش مع مسؤولين أخرين أمورا مثل الأوضاع في العراق واليمن وأفغانستان وتمويل الجماعات “الإرهابية” وطموح إيران في المنطقة.
وأشارت إلى أن الجابري كان يتمتع بعلاقات جيدة مع مسؤولين أمريكيين، وحضر بعضهم حفلات زفاف بعض أبنائه.
وقالت الصحيفة إن المسؤولين الغربيين يعتقدون أن إطلاع الجابري الواسع على ملفات حساسة، خاصة تلك المتعلقة بإفراد الأسرة المالكة، هو السبب وراء سعي السلطات لإجباره على العودة إلى الرياض. لكنها نقلت عن مصدرين، أمريكي وسعودي اشترطا عدم ذكر اسميهما، أن السلطات في الرياض ستبرر مطاردة الجابري باتهامه بالفساد وجمع ثروة شخصية عن طريق استغلال منصبه وأن الأمير يحاول استرداد تلك الأموال.
وقالت الصحيفة إنه تم إعفاء الجابري من منصبه عام 2015 بمرسوم ملكي، لم يعرف عنه وزير الداخلية وقتها الأمير محمد بن نايف أي معلومات إلا عند إذاعته على شاشات التلفزيون.
وقال ابن الجابري للصحيفة إن والده كان خارج المملكة عام 2017 عندما تمت الإطاحة بالأمير محمد بن نايف من ولاية العهد لصالح الأمير محمد بن سلمان، ووضع بن نايف تحت الإقامة الجبرية وصودرت أمواله مما جعل الجابري يخشى على حياته وقرر البقاء خارج السعودية.
ونقلت الصحيفة عن أحد المطلعين على قضية الجابري قوله إنه لم يستقر في الولايات المتحدة، بالرغم من علاقاته القوية هناك خوفا من أن تقوم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بإعادته إلى السعودية إذا طلب الأمير محمد بن سلمان ذلك.