هل ستتغير العلاقة بين بريطانيا والسعودية بعد انهيار أسعار النفط وكورونا؟

الملك سلمان بن عبد العزيز (يسار) ونجله ولي العهد محمد بن سلمان

تساءلت صحيفة أوبزرفر البريطانية في افتتاحيتها عما إذا كان الوقت مواتيًا الآن وقد أصبحت بريطانيا مكتفية ذاتيًا بمجال الطاقة أكثر من أي وقت مضى، كي تنأى بنفسها عن النظام السعودي؟

وقالت الصحيفة إن الانخفاضات الهائلة في أسعار النفط العالمية هي نتيجة لتراجع الطلب بسبب جائحة فيروس كورونا في المقام الأول، لكن هناك عوامل أخرى مثل: حرب خفض الأسعار هذا العام بين السعودية وروسيا، والإنتاج المفرط الذي أدى إلى فوائض بالنفط الخام والافتقار الشديد لسعة التخزين.

ومع ذلك، فإن التفسيرات التقليدية للسوق تحجب قصة أكبر وأكثر إثارة. إنها قصة ثورة الطاقة الخضراء النظيفة، والتوسع السريع في استخدام الرياح، والطاقة الشمسية، والنهاية المتوقعة لعصر الوقود الحفري. فالطاقة المتجددة تشكل حوالي 30 في المئة من الطلب العالمي على الكهرباء هذا العام.

وفي الأسبوع الماضي، سجلت بريطانيا رقمًا قياسيًا بالبقاء لمدة 18 يومًا متتالية من دون اللجوء إلى توليد الطاقة بالفحم، وفقًا لبيانات الشبكة الوطنية. وسجلت المملكة المتحدة أيضًا ارتفاعًا جديدًا في استخدام الطاقة الشمسية في 20 من أبريل/نيسان. ومنذ عام 2012، انخفضت كمية الانبعاثات المطلوبة لإنتاج كيلو واط واحد من الطاقة بأكثر من الثلثين.

وتتسارع هذه التطورات الآن نحو مستقبل خال من الكربون بسبب إجراءات الإغلاق من أجل كوفيد-19. ومع ذلك، فإن توليد الطاقة المستدامة وأهميتها الحاسمة في معالجة أزمة المناخ، هي واحدة فقط من المجالات العديدة التي ربما تجعلها التغييرات القسرية اليوم تحولات أساسية ودائمة في مستقبل “ما بعد النفط”.

وينبغي أن تشكل علاقة بريطانيا المختلة وظيفياً، والمحرجة في كثير من الأحيان مع المملكة العربية السعودية، وهي واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، جزءاً من عملية إعادة التقييم بعد الوباء، كما ترى الصحيفة. فبعد أن ازداد الاعتماد البريطاني على الخام السعودي بعد ثورة 1979 الإيرانية، غيرت اكتشافات بحر الشمال ذلك الأمر، فمعظم نفط المملكة المتحدة المستورد يأتي الآن من النرويج، بينما يأتي 3 بالمئة فقط من المملكة العربية السعودية.

ومع ذلك واصلت الحكومات البريطانية المتعاقبة توطيد العلاقة مع السعودية، والسبب الرئيسي لذلك هو شهية الرياض المفتوحة دائمًا للأسلحة.

ومع ذلك واصلت الحكومات المتعاقبة رعاية العلاقة السعودية، والسبب الرئيسي في هذا الأمر هو شهية الرياض التي لا تشبع للأسلحة، حيث باعت شركة “بي إيه إي سيستمز” أسلحة وخدمات بقيمة 15 مليار جنيه استرليني إلى المملكة العربية السعودية بين العامين 2015 و2019، وفقًا لتحليل للحملة ضد تجارة الأسلحة، ويقال إن آلاف الوظائف البريطانية تعتمد على هذه المبيعات.

استخدمت الكثير من هذه الأسلحة في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن التي دخلت عامها السادس

استخدم الكثير من هذه الأسلحة في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والتي دخلت عامها الإجرامي السادس في مارس/ آذار الماضي، وتقول الأمم المتحدة إن هذه الحرب ساهمت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وفي يونيو/ حزيران من العام الماضي، أوقفت محكمة الاستئناف مبيعات الأسلحة البريطانية، مشيرة إلى مخاوف بشأن “نمط تاريخي من انتهاكات القانون الإنساني الدولي”.

إذا تم إخراج النفط والأسلحة من المعادلة، فما الذي يلزم بريطانيا الارتباط بنظام شبه ديمقراطي، شبه إقطاعي، سيء السمعة بسبب انتهاكه لحقوق الإنسان، وقمع الأقلية المسلمة الشيعية، والتمييز المؤسسي ضد المرأة، وجهوده الخطيرة لجذب بريطانيا والولايات المتحدة نحو مواجهة مع خصمها اللدود إيران؟

من المبررات التي نسمعها كثيرًا للتغاضي عن كل ذلك هو أن السعوديين يقدمون معلومات استخبارية لا تقدر بثمن في القتال ضد الجماعات الإسلامية المتعصبة مثل تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة. ومن المؤكد أنه من مصلحة بريطانيا أن يواصل السعوديون التعاون مع الجهود الغربية لمكافحة الإرهاب.

لكن هذه العلاقة بمثابة سلاح ذو حدين. فالنظام السعودي يفتقر إلى الشرعية، ويواجه تحديًا على مستوى المنطقة من إيران، وتهديدات داخلية من قبل المتطرفين السنة. ويبدو أنه غير قادر، على الرغم من الإصلاحات السطحية، على إرضاء تطلعات الشباب نحو مجتمع أكثر انفتاحًا، كما أن الإرهاب الذي يتغذى على عدم الاستقرار والظلم يمثل مشكلة كبيرة للرياض أيضاً.

وكذلك تستخدم الاستثمارات السعودية الضخمة في الشركات والممتلكات البريطانية كذريعة للحفاظ على الوضع الراهن في التعامل مع السعودية. لكن، وقبل أي شيء آخر، يجب أن يتغير هذا الرضا عن الوضع القائم بسبب القتل الوحشي للصحفي جمال خاشقجي عام 2018، والذي تم بناء على أوامر من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، كما يقال.

 

وفي الوقت الحالي، على سبيل المثال، يجب على الدوري الممتاز أن يلتفت إلى نصيحة خطيبة خاشقجي، خديجة جنكيز، ويمنع الشراء المقترح لنيوكاسل يونايتد من قبل صندوق سعودي يسيطر عليه محمد بن سلمان. وبمجرد انتهاء أزمة كوفيد-19، ينبغي على الحكومة البريطانية أن تبدأ بمراجعة شاملة للعلاقات الثنائية.

فانهيار الطلب على صادراتهم الرئيسية يعني أن السعوديين ليسوا بالقوة التي كانوا عليها، فشيوخ النفط قد نفد مالهم ووقتهم.

المصدر : الغارديان البريطانية

إعلان