تقرير: أردوغان يخوض حربا باردة مع السعودية والإمارات

قالت مصادر إن صبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدأ ينفد تجاه كل من السعودية والإمارات، وذلك وفق مقال للكاتبة “بينار تريمبلاي” بموقع المونيتور.
تقول الكاتبة إن المناوشات الأخيرة بين تركيا وكل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تمت عبر وسائل الإعلام. ففي منتصف إبريل/ نيسان، أعلنت المملكة العربية السعودية أنها حجبت الوصول إلى وكالات الأنباء التركية التي تمولها الدولة بالإضافة إلى العديد من المواقع التركية الأخرى. وفي غضون أسبوع، تعذر الوصول إلى العديد من وكالات الأنباء السعودية والإماراتية في تركيا.
وقال رئيس جمعية الإعلام التركي العربي، طوران كيسلاكشي، للمونيتور: “هذه خطوة رد فعل بحتة”. فتركيا لم تكن تنوي فرض رقابة على وسائل الإعلام المدعومة من السعودية، فمعظم هذه المنافذ تعمل بموافقة ودعم حكومة حزب العدالة والتنمية.
وتوضح الكاتبة أن المواجهة الأخيرة بين أنقرة والرياض ليست سوى الواجهة للحرب الباردة الدائرة بين السعودية والإمارات مع تركيا منذ عام 2013، إذ كانت التوترات بين أنقرة والرياض شديدة، خاصة منذ أن اختارت الرياض التحالف مع أبو ظبي وسياستها المناهضة للإخوان المسلمين في المنطقة، ودعم أردوغان لجماعة الإخوان المسلمين هو أصل المشكلة، برأي الكاتبة.
وتنظر أنقرة إلى الكتلة الإماراتية السعودية على أنها المحرك الرئيسي وراء الانقلاب الذي أسقط الرئيس المصري المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي في عام 2013، كما أن أردوغان مقتنع أيضًا بأن الإماراتيين دعموا الانقلاب الفاشل لإسقاطه في يوليو/تموز عام 2013.
وتقول الكاتبة إن معظم الرموز المؤيدة لحزب العدالة والتنمية قللت من النقد الحاد القادم من السعودية والإمارات ووصفته بأنه عبارة عن “رسائل إلكترونية” مدفوعة الثمن.
ولكن القصة ليست كذلك على ما يبدو، فقد نشر الشيخ “عائض القرني”، الذي يتابعه 20 مليون على تويتر، تغريدة في منتصف فبراير/ شباط الماضي هاجم فيها أردوغان، وكرر مرارًا أنه “مخادع وعدو للأمة الإسلامية”.
وتجاهل الإعلام التركي الاتهامات التي شنها القرني ضد أردوغان، ولم ينشر الفيديو الذي احتوى على الهجوم سوى عدد قليل من الجهات الإعلامية، كما صوّر على أنه ردة فعل على قرار تركيا توجيه تهم إلى 20 سعودياً قالت إنهم تورطوا في مقتل الصحفي جمال خاشقجي في سفارة بلاده بإسطنبول عام 2018.
وعندما وجهت أسئلة حول العلاقات السعودية التركية، وجد مسؤولون كبار بوزارتي الخارجية والدفاع التركية طرقا لإلقاء اللوم على الإمارات بدلا من السعودية، وأشاروا إلى الخلافات المتزايدة بين مصالح الدولتين الخليجيتين والعدوان الإماراتي ضد تركيا.
وترى الكاتبة أنه ربما تضطر تركيا للتعامل بشكل أكثر مباشرة وعدوانية مع الإمارات، وكانت النبرة الموحدة بين المسؤولين في أنقرة هي: “صبرنا مع أمراء الإمارات بدأ ينفد”، وهو ما يعطي أملا أن أنقرة تأمل في إصلاح علاقاتها بالرياض.
غير أن نظرة سريعة على الصحف السعودية الصادرة الأسبوع الماضي، تظهر عددا لا بأس به من التقارير والمقالات التي تهاجم أردوغان وعائلته. وبالتالي فإن العداوة لا تقتصر فقط على مجموعة من الرسائل عبر الإنترنت أو منحصرة بالإماراتيين فقط.

وفي 30 من إبريل/نيسان أصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حمدي أكسوي بيانا طلب فيه من الإمارات التوقف عن “سياساتها التدميرية” التي تغذي الحرب الأهلية في كل من ليبيا واليمن والصومال. وقال مسؤول تركي بارز: “لا يخفى على أحد وجود المسؤولين الإماراتيين في الخرطوم لتجنيد المقاتلين مع حفتر”.
وهناك أمثلة هاجمت فيها أنقرة الرياض بشكل مباشر. ففي نهاية مارس/آذار، قال وزير الداخلية التركي سليمان سوليو، إن السعودية ليست واضحة مع الدول التي يريد أبناؤها أداء الحج بشأن عدد حالات فيروس كورونا المستجد المسبب لوباء كوفيد-19 في المملكة.
في المقابل طلبت الإمارات والسعودية ومصر من مواطنيها مقاطعة البضائع التركية وعدم الذهاب للسياحة هناك. كما قدم الطرفان مواقف مغايرة تجاه إسرائيل. ففي نهاية يناير/ كانون الثاني، هاجم أردوغان سكوت الدول العربية بشأن خطة السلام الأمريكية المثيرة للجدل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك رغم شجب الجامعة العربية قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس.
من جانبه بقي أردوغان هادئا في المجمل فيما يتعلق بالعداء السعودي- الإماراتي للسياسات التركية، فلا يوجد هناك خطاب معاد للرياض أو أبو ظبي في وقت يحتاج فيه أردوغان لعدو بشكل كبير.
ويعلق بيرول باشكان، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط، أن السبب في عدم تحدي أردوغان البلدين هو أنه لا ينظر إليهما باعتبارهما منافستين رئيسيتين مثل الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوربي. كما أن أردوغان حذر دائما تجاه استفزاز قادة العالم الإسلامي، وخاصة من هم على علاقة جيدة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
وفي الظروف الحالية، يمارس أردوغان سياسة العين بالعين الخاصة بالحرب الباردة، لكنها سياسة مكلفة بالنسبة لتركيا بسبب تراجع السياحة والصادرات، بالإضافة إلى الاستثمارات من جانب السعودية والإمارات.
غير أن وباء كورونا وتراجع أسعار النفط سيضر باقتصاد البلدين. وتراقب أنقرة ما سيحدث نتيجة تراجع أسعار النفط، وإن كان سيتبعه تراجع في تأثير الرياض وأبو ظبي في الولايات المتحدة والشرق الأوسط. والعبارة التي تُسمع بأنقرة في الوقت الراهن هي: “ستنقلب الطاولات قريبا”.