ليبيا.. الدماء والدبلوماسية في طريق معركة طرابلس الأخيرة (فيديو)

قُتل 5 مدنيين وأصيب 3 آخرون، الأحد، في قصف لقوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر استهدف أحياء سكنية، وسط العاصمة الليبية طرابلس.
وقال أمين الهاشمي، المستشار الإعلامي في وزارة الصحة، إن “مليشيا حفتر استهدفت الأحياء المدنية في منطقتي سوق الثلاثاء، وقرجي”.
وأضاف الهاشمي في تصريحات لوكالة الأناضول أن القصف أدى لمقتل 4 أشخاص في سوق الثلاثاء، ومصرع شخص خامس في قرجي.
كما تسبب القصف، الذي استخدمت فيه مليشيا حفتر صواريخ غراد، بإصابة 3 مدنيين، وإلحاق خسائر مادية في منازل المواطنين، بحسب الهاشمي.
وأشار الهاشمي إلى سقوط عدد من الصواريخ على “مقبرة الإيطاليين” بمنطقة سوق الثلاثاء، ما أدى إلى اندلاع نيران فيها.
تزامن ذلك مع إعلان حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا، أن رئيسها فائز السراج تلقى اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، لبحث وقف العمليات العدائية على العاصمة طرابلس سريعًا.
وقالت الحكومة في بيان إنه تم مناقشة تفعيل مخرجات مؤتمر برلين، الذي انعقد في بداية السنة، حول دعم المسار السياسي والاقتصادي والعسكري.
ويواصل حفتر القتال متحديًا قرارا صدر عن مجلس الأمن الدولي، في 12 فبراير/شباط الماضي، ويتضمن نتائج مؤتمر برلين الدولي، وأبرزها وقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية.
وأردفت الحكومة الليبية أنه تمت مناقشة ضرورة وضع حد للتدخلات الأجنبية في ليبيا، والعمل على بناء الدولة المدنية الديمقراطية .
5 civilians died & 7 wounded as a result of Grad rockets fired by Haftar’s terrorist militia on Sooq Althltha Garden & al-Mansoura area. #Tripoli #Libya https://t.co/aibPlx7U1m
— المركز الاعلامي لعملية بركان الغضب (@BurkanLy) May 31, 2020
معركة طرابلس الأخيرة
عندما بدأت قوات حفتر، هجومها في 4 أبريل/نيسان 2019، كانت قصر بن غشير ، الضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية، البوابة التي دخلت منها وانتشرت في بقية الأحياء الجنوبية لطرابلس.
لكن، ولأول مرة بعد نحو 14 شهرا من القتال، وصلت قوات الوفاق، إلى أسوار قصر بن غشير (26 كيلومترًا جنوب طرابلس)، مركز الارتكاز الرئيسي لقوات حفتر في جنوبي طرابلس، ليس فقط من حيث القوة العسكرية المتمركزة بها، أو لكونها قاعدة خلفية متقدمة للإمداد، بل لأنها تمثل الحاضنة الشعبية الرئيسية لحفتر بالعاصمة.
فأغلب سكان قصر بن غشير، ينحدرون من مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس)، المتحالفة مع حفتر، عبر اللواء التاسع ترهونة (الكانيات)، والتي تضم نسبة من أنصار نظام معمر القذافي السابق، الداعمين لحفتر، رغبة منهم للانتقام من ثوار 17 فبراير.
معارك كر وفر على مشارف القصر
من الناحية العسكرية، فإحكام قوات الوفاق قبضتها على قصر بن غشير، تعني إنهاء سيطرة حفتر على أقصى نقطة جنوبي طرابلس، وقطع طريق الإمداد الأقرب إلى جبهات القتال، خاصة المطار القديم (خرج عن الخدمة في 2014)، وعين زارة ووادي الربيع.
وحاليًا تمكنت قوات الوفاق من طرد قوات حفتر من جبهة عين زارة، ومن محور الزطارنة، ومن أغلب التمركزات في وادي الربيع.
أما في جبهة المطار القديم، التي تضم عدة محاور، فسيطرت على محوري حي المطار (الكايخ) والكازيرما (شمال المطار) ومحور الرملة (غرب المطار) ومحور كوبري المطار، وأجزاء من محور الطويشة (جنوب غرب المطار).
لكن من دون السيطرة على قصر بن غشير والمطار القديم (التابع لها إداريا)، فإن هذه المحاور الأخيرة تصبح مهددة، بالنظر إلى معارك الكر والفر، فما يأخذه الأول في النهار يستعيده الثاني في هجوم معاكس بالمساء.
وهذا ما يفسر إعلان كل طرف سيطرته على منطقة واحدة في أوقات مختلفة من اليوم، أو أن يعلن طرف ما سيطرته على نفس المنطقة أكثر من مرة خلال أسبوع مثلا.
معركة منتهية
لكن معركة طرابلس على الصعيد الاستراتيجي تبدو منتهية، وإن استغرقت بعض الوقت.
فمنذ إعلانها نهاية شهر رمضان المنصرم، إعادة تموضعها من 2 إلى 3 كيلومترات خلف خطوط المواجهة، وانسحاب مرتزقة شركة فاغنر الروس إلى جنوبي البلاد في 24 مايو/أيار المنصرم، تراجعت قوات حفتراليوم نحو 12 كلم تحت ضربات الوفاق.
و12 كلم مسافة طويلة بالنسبة لأبعاد مدينة، خاصة إذا أخذنا معيار الزمن والتكلفة المادية والبشرية بعين الاعتبار.
فقوات حفتر استغرقت أكثر من عام للوصول إلى مشارف حي أبوسليم الشعبي، جنوبي طرابلس، وكلفها ذلك أكثر من 7 آلاف قتيل، بحسب تصريح للناطق باسمها أحمد المسماري، قبل أشهر، ناهيك عن خسائر مادية لا تكاد تحصى، لكنها خسرت كل ذلك خلال أسبوع واحد فقط.
كما خسرت قوات حفتر في هذه الفترة عدة محاور قتال رئيسية بشكل كلي أو جزئي على غرار: صلاح الدين، مشروع الهضبة، اليرموك، الخلة، الخلاطات، الرملة، الكازيرما، الأحياء البرية، الكايخ، الزطارنة، عين زارة؛ الأمر الذي يعكس حالة انهيار ليست شاملة، ولكنها متدرجة، حيث تتساقط محاور القتال مثل أحجار الدومينو، الواحدة تلو الأخرى.
وأهم إنجاز حققته قوات الوفاق، مؤخرا، وقف قصف مطار معيتيقة بصواريخ غراد وقذائف المدفعية الثقيلة، بعد أن سيطرت على مواقع كانت تطلق منها، جنوب طرابلس.
واليوم ينقلب المشهد، حيث أصبحت المواقع المحصنة لقوات حفتر في قصر بن غشير والمطار القديم الملاصق لها، تُستهدف بقصف مدفعي، منذ مساء السبت، للتمهيد لعملية اقتحامهما.
فقصر بن غشير، أصبحت شبه محاصرة بعد سيطرة القوات الحكومية على أجزاء واسعة خاصة من الجبهتين الشمالية والغربية، وبدرجة أقل من الجبهة الشرقية، ويبقى المنفذ الرئيسي لفرار السكان والمسلحين، الطريق الجنوبي نحو ترهونة.
ويبدو أن القوات الحكومية لا ترغب في إغلاق المنفذ الجنوبي، عبر التقدم إلى ما وراء محور الطويشة، جنوب المطار القديم، وستلجأ لأسلوبها المعتاد؛ عملية التطويق التي تشبه الهلال، بحيث تسمح “للذئاب” بالفرار بدل القتال بشراسة.
وإذا سقطت قصر بن غشير، ومعها المطار القديم، خلال أيام وربما ساعات، فحينها يمكن القول إن طرابلس تحررت بالكامل، وإن بقيت بعض الجيوب بوادي الربيع، غير محررة، ولكنها قد تنهار بسرعة بعد قطع الإمدادات عنها.