هيومن رايتس: تقارير عن تفشي فيروس “كورونا” في سجون الإمارات

العاصمة الإماراتية أبو ظبي
العاصمة الإماراتية أبو ظبي

دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” سلطات السجون في الإمارات لاتخاذ إجراءات طارئة لحماية صحة السجناء، وسط إفادات عن تفشي فيروس “كورونا” في ثلاثة مراكز احتجاز على الأقل في أنحاء البلاد.

ونقلت المنظمة في بيان عن “أقارب سجناء في سجن الوثبة قرب أبوظبي، وفي سجن العوير ومركز احتجاز البرشاء الجديد في دبي، أن السجناء في هذه المراكز ظهرت عليهم أعراض الإصابة بـ كورونا أو ثبتت إصابتهم”.

وأضاف البيان أن “أقارب السجناء، الذين لدى بعضهم أمراض مزمنة، ذكروا أنهم حرموا من الرعاية الطبية المناسبة، وأن الاكتظاظ والظروف غير الصحية تجعل التباعد الاجتماعي وممارسات النظافة الموصى بها صعبة للغاية، وإن السلطات لا تقدم معلومات إلى السجناء وعائلاتهم حول التفشي المحتمل أو الإجراءات الاحترازية”.

وقال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش إن “الاكتظاظ وانعدام الظروف الصحية والحرمان الكبير من الرعاية الطبية الملائمة في السجون ليست أمورا جديدة في مراكز الاحتجاز الإماراتية سيئة السمعة، لكن الوباء المستمر يمثل تهديدا إضافيا خطيرا للسجناء”.

وأضاف أن “أفضل طريقة أمام السلطات الإماراتية لتهدئة مخاوف أسر السجناء هي السماح بالتفتيش من قبل مراقبين دوليين مستقلين”.

وقال بيْج: “ينبغي أن تكون السلطات الإماراتية صريحة بشأن ما يجري وأن تتحرك بسرعة لتجنب انتشار الفيروس على نطاق أوسع، ما قد يعرض حياة السجناء لخطر شديد”.

وقال عدد من أفراد عائلات السجناء للمنظمة “إنهم لم يتمكنوا من التواصل مع أقاربهم المسجونين لأسابيع”.

وذكرت “هيومن رايتس ووتش” أنها أرسلت خطابات إلى وزير الداخلية الإماراتي في 7 يونيو/ حزيران الجاري للتعليق على التقرير “لكنها لم تتلقَ أي رد”.

وأوضحت المنظمة أنها “تحدثت إلى أفراد عائلات سبعة سجناء في الوثبة.

وقالت إنه “منذ منتصف أبريل/ نيسان (الماضي)، قال ستة سجناء في عنبرَين على الأقل إن لديهم أعراض الإصابة بـ كورونا”.

وقال أحد الأقارب: “اتصل بنا في 25 مايو/ أيار. قال إنه كان يرقد في السرير ليومين دون أن يتمكن من الحركة. قال إنه لا يستطيع حتى أن يتناول القرآن بجانبه، وإنه يشعر بانسداد في صدره، وكذلك بالحمى والتعب. قال: “لا أستطيع تحريك جسدي، لا أستطيع النوم”.

ونقل التقرير عن الأقارب أن “سلطات السجن بدأت، عند تفشي الفيروس، نقل الذين ظهرت عليهم أعراض إلى مواقع أخرى مجهولة، وأبقت النزلاء الذين لم ينقلوا دون اختبار أو رعاية طبية لأسابيع”.

وقال أحد الأقارب في 3 يونيو/ حزيران: “قال أخي إنهم سمعوا شائعات [عن تفشي الفيروس] منذ البداية قبل شهر تقريبا. لا أحد يعرف أين أخذوا الذين ظهرت عليهم الأعراض. فقط يعزلونهم عن الآخرين. لم يكن أحد [ممن لم ينقلوا] يتلقى أدوية [لتسكين الألم]، ولا يأتي أطباء لرؤيتهم، وليس لديهم كمامات، ولا قفازات، ولا تعقيم. الزنازين مكتظة كما كانت من قبل. بدأوا بفحصهم منذ حوالي أسبوع فقط”.

وقال أقارب آخرون أيضا إن سلطات السجون الإماراتية لم تتخذ الإجراءات المناسبة لمنع انتشار الفيروس، مثل توفير كميات أكبر من الصابون ومعقم اليدين أو توزيع القفازات والكمامات على المحتجزين.

وقالت العائلات إنه منذ تفشي الفيروس، شملت الإجراءات الاحترازية حراس السجن والعاملين الذين أوقفوا كل اتصال جسدي بالسجناء، ولم يعد السجناء يتمكنون من مغادرة عنابرهم كما كان من قبل لشراء الطعام أو الضروريات الأساسية. وقال قريب سجين آخر: “لديهم عمال وافدون يأتون لإعطائهم الطعام الآن لكن دون دخول الزنازين، فقط عند الباب”.

وقال أقارب سجينَيْن على الأقل نقلا إلى خارج زنزانتيهما بعد إجراء الاختبار إنه لم يكن لديهما أي اتصال بقريبيهما المسجونين منذ نقلهما، ولم يعرفوا بإصابتهما المحتملة سوى من معلومات من سجناء آخرين. وقال قريب سجين نقل إلى عنبر آخر في 28 مايو/ أيار: “كل ما أريده هو نقل أخي إلى المستشفى وأن يتلقى العلاج”.

في 3 يونيو/ حزيران، أخبر سجين في الوثبة عائلته أن الفحص الذي أجري له كان إيجابيا لكن لم ينقل من زنزانته. وقبل عدة أيام، أخبرهم أن لديه ألما شديدا في مفاصله وعظامه، ولا يستطيع النوم أو الأكل، ولم يتلقَ رعاية طبية أو مسكنات للألم. وقال قريبه: “قال إنهم ربما أصيبوا جميعا الآن”.

وقالت المنظمة: “في مركز احتجاز البرشاء، حيث تحتجز سلطات دبي أشخاصا رهن المحاكمة، قال أفراد أسرة أحد السجناء إن مجموعة من المحتجزين الجدد وصلوا في أواخر أبريل/ نيسان إلى عنبره المكتظ أصلا، حيث كان المحتجزون نائمين على الأرض بسبب نقص الأسرة. بدأت أعراض الإصابة بفيروس كورونا تظهر على بعض الوافدين الجدد”.

قال أفراد الأسرة إن ظروف الاعتقال تدهورت بعد ذلك، مع عجز السجناء عن مغادرة عنابرهم أو شراء الطعام أو المستلزمات من متجر السجن.

وبعد إجراء الاختبارات كل بضعة أيام للجميع في العنبر، كان حراس السجن ينادون بأسماء السجناء قبل أن يأخذوهم معهم دون تفسير. ويعتقد السجناء أن أولئك الذين تم أخذهم ثبتت إصابتهم بالفيروس.

وقال أفراد العائلة إنه في نهاية المطاف، في مطلع مايو/ أيار، نقل قريبهم وكل من تبقى في عنبره إلى سجن العوير المركزي، حيث فرضت عليهم سلطات السجن الحجر الصحي لمدة 17 يوما في ظروف تشبه الحبس الانفرادي. وقال شقيقه الذي يعيش خارج الإمارات: “لم يكن لديهم أي اتصال مع العالم الخارجي، ولم يكن لدينا أي معلومات عن مكانه أو إذا كان بخير. اتصلت بالسجن مرارا. لم يخبروني بأي شيء. طلبت من محامي التقصي، وطلبت من صديق الذهاب إلى السجن والاستفسار، وأخبروه أخيرا أن أخي على قيد الحياة. أخبرني أخي لاحقا أن تلك الأيام الـ 17 التي قضاها في الانفرادي كانت أسوأ من كل الوقت الذي قضاه في الاحتجاز [ثلاثة أشهر] قبل ذلك”.

وقالت مصادر لهيومن رايتس ووتش في العوير أيضا، إنه منذ منتصف مارس/ آذار، منعت السلطات السجناء حاملي فيروس نقص المناعة البشرية من الوصول إلى مستشفى راشد، المسؤول عن رعايتهم، من أجل احتواء انتشار فيروس كورونا حسبما قالوا.

وأفادت “هيومن رايتس ووتش” في السابق عن حرمان هؤلاء السجناء بشكل منتظم من أدوية فيروس نقص المناعة البشرية.

وفي 18 مايو/ أيار، ناشدت 47 مجموعة دولية للصحة العامة السلطات الإماراتية بالإفراج عن السجناء حاملي فيروس نقص المناعة البشرية المعرضين لفيروس كورونا “لأنه يبدو أنه لا يمكن توفير الحماية الكافية لصحتهم أثناء بقائهم في الاحتجاز”.

وتحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا إلى محتجز سابق غادر الإمارات في مارس/ آذار الماضي، وأقارب محتجزَين في سجن الصدر بأبو ظبي، بأنهم أفادوا عن اكتظاظه وظروفه غير الصحية. قال أحدهم: “أخبرني [قريبي] أنه قذر. هناك صراصير في كل مكان. لا توجد بطانيات أو وسائد. المكان مكتظ جدا، يحتجزونهم مثل الماشية. ولا يوجد ضوء شمس”.

وقال أحد أقارب سجين في 29 مايو/ أيار إن قريبه المحتجز أخبرهم بتفشي فيروس كورونا في عنبر آخر، حيث نقل سبعة سجناء ثبتت إصابتهم إلى مستشفى، وحجِر آخرون في زنازين انفرادية. وقال قريبه: “إنه خائف للغاية من دخول تلك الحفرة المظلمة. لديه مرض في القلب أيضا”.

وذكرت “هيومن رايتس ووتش” إنها لم تستطع تأكيد تفشي الفيروس من مصادر أخرى.

وقالت إنه ينبغي تمكين السجناء في جميع سجون الإمارات من تطبيق التباعد الاجتماعي بحسب التوجيهات المحددة لعامة السكان، دون اللجوء إلى الظروف العقابية التي تشبه الحبس الانفرادي. كما ينبغي على المسؤولين الحكوميين أيضا ضمان حصول كل محتجز على الرعاية الطبية الملائمة.

وأضافت أنه ينبغي على السلطات الإماراتية تخفيض عدد نزلاء السجون بشكل أكبر للسماح بالتباعد الاجتماعي، وضمان حصول كل شخص في السجن على المعلومات الحيوية والتواصل الآمن مع الأسرة والمحامين، ووضع بروتوكولات ملائمة للنظافة الشخصية والتنظيف، وتوفير التدريب واللوازم مثل الكمامات والمطهرات والقفازات للحد من خطر العدوى.

ودعت السلطات إلى السماح فورا للمراقبين الدوليين المستقلين بدخول البلاد ومراقبة السجون ومراكز الاحتجاز بانتظام.

المصدر : هيومن رايتس ووتش

إعلان