بعد فشلها في اليمن وليبيا.. ماذا تبقى في جعبة الإمارات؟

قالت الأمم المتحدة إن اليمن فقدت بسبب الحرب 21 عاما من التنمية

شهدت المجتمعات العربية صراعات فكرية بين تيارات إسلامية مختلفة، بينما مثّلت حركات الإسلام السياسي التهديد الأكبر للتيارات الفكرية القريبة من القيم الغربية.

وتبدو مواقف الإمارات من حركات الإسلام السياسي هي الأكثر إصرارا على استئصاله وتقويض دوره وتفكيك تنظيماته في عموم المنطقة العربية.

ولا تسمح الإمارات بوجود أي منظمات أو تأسيس جمعيات أو إقامة أي نشاطات على صلة بحركات الإسلام السياسي.

عداء للإسلام

وتصدرت الإمارات واجهة القوى والدول التي تناهض الثورات العربية، وبات مُتعارفا عليه في الأوساط السياسية العربية وغير العربية أن أبو ظبي هي القائد الحقيقي لما يعرف باسم الثورة المضادة.

وعلى الرغم من الخلافات المنهجية بين حركات الإسلام السياسي والجماعات والتنظيمات الإسلامية المتطرفة مثل تنظيمي القاعدة والدولة، إلا أن الإمارات تضع جميع من يتبنى خطابا إسلاميا في نفس دائرة الاستهداف.

وهو ما يفسره مراقبون على أنه عداء للإسلام، وليس فقط للحركات التي تتبنى الإسلام كمنهج سياسي لها.

قيادة الثورات المضادة

وبعد ثورات الربيع العربي عام 2011، أصبحت الإمارات الدولة الأكثر نشاطا في مواجهة تلك الثورات والقضاء عليها، خاصة بعد أن حققت جماعة الإخوان المسلمين عام 2012، تفوقا في أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر منذ الإطاحة بالنظام الملكي في 1952.

 وعلى مدى أقل من عام من حكم الرئيس المُنتخب محمد مرسي، دعمت الإمارات القوات المسلحة لترتيب انقلاب عسكري في 3 يوليو/ تموز 2013 تمهيدا لاستئصال جماعة الإخوان المسلمين بحملات  تضييق واعتقال لقادتها وكوادرها ومصادرة الجمعيات والمنظمات والممتلكات الخاصة بها.

وأدى التدخل الإماراتي، أو قيادتها الثورة المضادة إلى إشعال  حروب داخلية ونزاعات مسلحة أفضت إلى أزمات إنسانية في سوريا واليمن وليبيا، وانسداد في آفاق الحل السياسي وعودة الأمن والاستقرار.

محمد بن زايد وعبد الفتاح السيسي
اليمن وليبيا

ففي العام 2014 فتحت الإمارات جبهتي اليمن وليبيا بدعمها لقوى حليفة لها في جنوب اليمن لمواجهة حزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو يمثل فرع الإخوان المسلمين في اليمن، ودعم عملية الكرامة التي قادها اللواء خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة في طرابلس برئاسة فائز السراج.

وتُشير أصابع الاتهام إلى قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيا بتنفيذ اغتيالات لقيادات وكوادر التجمع اليمني للإصلاح والعمل على انفصال الجنوب اليمني عن شماله، وهو مخالف لسياسات التجمع اليمني الساعي إلى هزيمة جماعة الحوثي والحفاظ على وحدة اليمن.

لكن حتى الآن ثمّة فشل إماراتي واضح في تهميش التجمع اليمني للإصلاح الذي يعمل تحت غطاء الحكومة الشرعية المدعومة سعوديا.

ووجدت دولة الإمارات في قوات خليفة حفتر قدرات معينة لاجتثاث حركات الإسلام السياسي في الشرق الليبي، والانتقال غربا للسيطرة على العاصمة عن طريق تقديم الدعم العسكري والمالي والسياسي.

ويردد حفتر منذ شنه عملية الكرامة وإعلانه الهجوم الواسع على طرابلس في 4 أبريل/نيسان 2019 أن الهدف من اجتياح العاصمة هو القضاء على “الجماعات الإرهابية” التي تدعم حكومة الوفاق الليبية برئاسة فائز السراج، على الرغم من أن دولة الإمارات تدعم قوات خليفة حفتر التي تضم فصائل إسلامية مسلحة مرتبطة منهجيا وتنظيميا بما يُعرف باسم التيار المدخلي، وهو تيار سلفي متشدد.

خليفة حفتر وأحد قادة قواته من التيار المدخلي
فشل

ويرى مراقبون أن الأزمات المالية التي تعصف بالاقتصاد الإماراتي ستكون لها تداعيات على مواصلة دعم قوات خليفة حفتر التي تتواصل هزائمها العسكرية في ليبيا، وقوات المجلس الانتقالي في اليمن، وهما القوتان اللتان أثبتتا فشلا واضحا في تنفيذ السياسيات الإماراتية.

وعبر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، الخميس 18 يونيو/حزيران الجاري، عن هذا الفشل بالقول لوكالة بلومبرغ الإخبارية الأمريكية، لقد اتخذ بعض أصدقائنا قراراتهم الفردية وأحادية الجانب، ولقد رأينا ذلك مع المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، ولاحظنا ذلك مع الجنرال حفتر في ليبيا، وقد ثبت لدينا أن الكثير من هذه الحسابات الصادرة من طرف واحد خاطئة.

في مقابل ذلك، يرى آخرون أن الإمارات في منهجها في الحرب على حركات الإسلام السياسي، ستواصل دعم أي جهة مقاتلة سواء في اليمن أو في ليبيا أو في غيرهما، تتبنى قتال الجماعات والتنظيمات ذات الصلة بحركات الإسلام السياسي، أو القريبة منها، في مواجهة تهديدات مُفترضة مصدرها تلك الحركات.

وفي ذات الوقت ستواصل الإمارات معركة الأفكار من خلال تنظيم المؤتمرات وإقامة مؤسسات دينية موازية، لمواجهة أفكار وسياسات تلك الجماعات والتنظيمات وتشويه صورتها، وهو الهدف الأهم في طريق تقويضها واستئصالها من أوساط المجتمعات العربية والإسلامية.

المصدر : الأناضول

إعلان