الشؤون الدينية التركية ترد على الإفتاء المصرية بشأن “فتح القسطنطينية”.. ماذا قالت؟

قال رئيس الشؤون الدينية في تركيا علي أرباش، الثلاثاء، إن “وصف دار الإفتاء المصرية فتح القسطنطينية بالاحتلال العثماني مؤسف وقبيح ومخالف للمعتقدات والأخلاق الإسلامية والحقائق التاريخية”.
وحسب البيان الصادر عن الرئاسة، استنكر أرباش الوصف المصري، مؤكدا أن فتح القسطنطينية هو “نتيجة صراع من أجل الحرية والعدالة والرحمة”.
وأضاف أن الفتح يعبر عن المثالية والأخلاق العظيمة في الفكر الإسلامي وأن غزو إسطنبول وهو فتح سعيد، كان من نصيب السلطان محمد الفاتح وتنبأ به نبينا الحبيب الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حديثه الشريف.
وأردف هدف السلطان الفاتح كان إدخال مبادئ الإسلام المشرقة والسلام والعدالة والرحمة، وبعده، تعيش الأعراق والأديان المختلفة في سلم وسلام في إسطنبول، مركز الحضارة النموذجي.
ووصف أرباش ما صدر عن دار الإفتاء المصرية (رسمية) بـ”المؤسف والقبيح”، مشددا على إدانته هذا الوصف الشنيع.
وتابع “أنتظر من مسؤولي الدولة استيفاء المتطلبات القانونية والأخلاقية لهذا التزييف للحقائق المُشوه للذاكرة المشتركة للمسلمين على وجه الأرض وإلا سيُدانون تاريخيا”.

والأحد الماضي، أثارت دار الإفتاء المصرية غضب وسخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عندما هاجمت تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، ووصفت الفتح الإسلامي لمدينة القسطنطينية (إسطنبول) في منشور على صفحتها بـ”فيسبوك”، بـ”الاحتلال العثماني” قبل أن تتراجع عن ذلك بعد تعرضها لوابل من الاستنكار.
الاحتلال العثماني لـ #إسطنبول .. بيان دار الإفتاء المصري يثير عاصفة من الجدل داخل #مصر وخارجها
المسائية #مصر #تركيا pic.twitter.com/Q97Mz3TgxD
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) June 8, 2020
وأمس الإثنين، تراجعت دار الإفتاء المصرية عن وصفها “فتح القسطنطينية” بـ “الاحتلال العثماني” وذلك بعدما أثار بيانها ردود فعل غاضبة لزجها بفتح بشر به النبي محمد في الخلافات السياسية بين مصر وتركيا.
ولم تنس الدار في بيان تراجعها، مواصلة هجومها على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ كتبت، على صفحتها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “أكدنا مرارا وتكرارا بالوثائق والمؤشرات والأدلة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يواصل استخدام سلاح الفتاوى لتثبيت استبداده في الداخل باسم الدين وتبرير أطماعه في الخارج باسم الخلافة المزعومة”.
وتابعت “أما ما يتعلق بفتح القسطنطينية فهو فتح إسلامي عظيم بشر به النبي صلى الله عليه وسلم وتم على يد السلطان العثماني الصوفي العظيم محمد الفاتح أما أردوغان فلا صلة له بمحمد الفاتح”.
وهو ما يثبت، وفق أرباش، أن الغاية من منشورها عن الفتح العظيم، هو النيل فقط من القيادة التركية والرئيس أردوغان شخصيا.
تراجعت دار الإفتاء المصرية عن وصفها لفتح القسطنطينية "بالاحتلال" واعتذرت بما هو أقبح من الذنب، وحشرت اسم الرئيس #أردوغان في الأمر ! مفصحة بذلك عن مغازلتها للنظام وتقربها بالنوافل إلى الشيطان.
هذه ثلة دخيلة على الفقه والفتوى، وجملة عارضة في تاريخ دار الإفتاء تليق بالحقبة العسكرية.— د. محمد الصغير (@drassagheer) June 8, 2020
https://t.co/HpKF4Br5EJ
د. محمد الصغير يوضح سبب تراجع دار الإفتاء المصريةط عن مخالفة الأحاديث النبوية، الواردة في فتح القسطنطينية، ومحاولة حشر #أردوغان في الموضوع !— د. محمد الصغير (@drassagheer) June 9, 2020
ما القصة
كان موقع دار الإفتاء المصرية قد نشر، الأحد الماضي، بيانًا (1811 كلمة) على موقعها الإلكتروني، هاجمت فيه الرئيس التركي رجب أردوغان، واصفةً فتح المسلمين للقسطنطينية (إسطنبول حاليًا) بـ”الاحتلال العثماني”.
واتهم البيان المنسوب إلى ما يسمى “المؤشر العالمي للفتوى” الرئيس التركي أردوغان باستغلال الخطاب الديني وسلاح الفتاوى؛ لتثبيت أركان حكمه في الداخل التركي وإبراز “مطامعه” السياسية في الخارج.
وأضاف البيان أن العثمانيين احتلوا إسطنبول عام 1453، وحولوا كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد، بعد 916 سنة من اعتمادها كنيسة.
وفي عام 1934، تحولت إلى متحف بموجب مرسوم صدر في ظل الجمهورية التركية الحديثة.
وتطرق البيان إلى دعم أردوغان لقوات حكومة الوفاق الوطني الليبية (المعترف بها دوليا) في حربها ضد مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والذي تدعمه دول عربية على رأسها الإمارات والسعودية ومصر.
وقال البيان إن تركيا أرسلت آلاف “المرتزقة” إلى طرابلس وأن أردوغان “جنَّد مفتين ينتمون لجماعة الإخوان الإرهابية ليبرروا كل تلك الأفعال الدنيئة”.
ردود فعل
بدروه رد الشيخ محمد الصغير -وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان المصري ومستشار وزير الأوقاف السابق- على بيان دار الإفتاء قائلًا: المغالطة الكبرى في هذا البيان يتمثل في وصفه فتح القسطنطينية بـ “الاحتلال”، وهذه مغالطة قبيحة وفجة لحديث النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي بشر بفتح القسطنطينية في أكثر من حديث؛ منها قوله عليه السلام “أول جيش يغزو مدينة هرقل (أي القسطنطينية) مغفورٌ له”.
بشر رسول اللهﷺ بفتح القسطنطينية مرارا ووصف ذلك بأجمل الأوصاف"لتفتحن القسطنطينية فلَنِعمَ الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش"رواه أحمد
وغير السلطان محمد بن مراد اسمها إلى #إسلامبول وعرف بعدها بمحمد الفاتح
ثم تأتي دار الإفتاء بمصر لتصف ذلك كله بالاحتلال العثماني تقربا إلى الشيطان— د. محمد الصغير (@drassagheer) June 7, 2020
وتابع الصغير، في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: بينما نحن حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نكتب إذ سأله بعضهم: أي المدينتين تفتح أولًا قسطنطينية أو رومية (روما الإيطالية بلغة العصر)؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مدينة هرقل تفتح أولًا.
دار الإفتاء المصرية تحولت إلى قسم من أقسام الشرطة، وتركت مسائل الفقه وتفرغت لقضايا السياسة، والدليل أنها لا تهتم إلا ب #تركيا دون بقية بلاد المسلمين ومرصدها لا يرى إلا الرئيس #أردوغان دون غيره من الزعماء، وما يصدر عنها في هذا الصدد لا يمت إلى الفقه أو الفتوى بصلة، ولا يساوي بصلة. pic.twitter.com/7D0gscIJRt
— د. محمد الصغير (@drassagheer) June 7, 2020
وتساءل الصغير: فكيف يُعقل ما تدعيه دار إفتاء مصر.. الرسول الكريم أسماه فتحًا وهي قد أسمته غزوًا؟!.
واستطرد الصغير: “مرصد الفتوى في مصر مهتم بالجانب التركي، حتى فيما لا يخص الفتوى ولا العلم؛ فتحدث سابقًا عن مسلسل تركي وأحداث فنية تركية، إلا أن البيان الجديد أشبه بالتقارير الأمنية”.
وواصل الصغير: “هل تناول المرصد شيئًا غير الواقع التركي؟ أم أنه تخصص فقط في الشأن التركي؟”.
يُذكر أن المؤشر العالمي للفتوى والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تتبعان دار الإفتاء المصرية.