الفوضى تعصف ببرلمان تونس والرئيس يهدد باللجوء الى الدستور

قال الرئيس التونسي قيس سعيد إنه لن يظل مكتوف اليد أمام حالة الفوضى التي يعيشها مجلس نواب الشعب (البرلمان).
وأشار سعيد خلال اجتماعه برئيس البرلمان راشد الغنوشي ونائبيه سميرة الشواشي وطارق الفتيتي إلى أن البرلمان “أصبح غير قادر على القيام بمهامه بسبب حالة الفوضى، التي لا يمكن القبول بها”.
وأكد سعيد حرصه “على السير الطبيعي لدواليب الدولة” وأنه “ليس في صراع مع أحد أو مع أي جهة كانت، وأنه شديد الحرص على العمل في نطاق القانون ووفقا لإرادة الشعب وطموحاته”.
وأضاف الرئيس التونسي “أن الدولة ستبقى فوق كل الاعتبارات وأن تعطيل عمل المؤسسات الدستورية غير مقبول بكل المقاييس”.
وأوضح أن “الإمكانيات القانونية والوسائل المتاحة في الدستور للحفاظ على مؤسسات الدولة موجودة لكنه لا يريد اللجوء إليها اليوم، مضيفا أنه لن يترك الدولة في مثل هذا الوضع الراهن”.
وذكر سعيد بأن “سلطة الضبط الإداري داخل مجلس نواب الشعب تعود إلى رئيس المجلس طبقا للفصل 48 من نظامه الداخلي”، مشيرا إلى أن تونس تعيش اليوم أخطر وأدق اللحظات في تاريخها منذ الاستقلال.
ودعا الرئيس التونسي “الجميع إلى وجوب التحلي بروح المسؤولية، والانكباب على حل المشاكل الحقيقية للشعب التونسي”.
وفشل البرلمان التونسي في استئناف أعماله مرة أخرى، الإثنين، بسبب احتجاجات واعتصام نواب الحزب الدستوري الحر المعارض، ما اضطر الشرطة إلى دخول مقر البرلمان.
وسادت حالة من الفوضى في إحدى قاعات الجلسات بمجرد أن بدأ رئيس البرلمان راشد الغنوشي بتقديم مؤتمر بشأن الحوكمة ومكافحة الفساد.
وحصلت مناوشات بين نواب الحزب الدستوري الحر، الذين قاطعوا كلمة الغنوشي، ونواب حركة النهضة الذين ردوا بشعارات مضادة.
وتطور الأمر إلى اشتباك بالأيدي ما استدعى تدخل الشرطة.
وقالت وزارة الداخلية التونسية إن وجود وحداتها بهذا المقر كان بناء على تعليمات من النيابة العمومية وذلك بغاية معاينة الوضعية بداخله.
وفشل الغنوشي في محاولات سابقة أيضا في إدارة الجلسات من المنصة الرئيسية بسبب احتلالها من قبل نواب الحزب الدستوري الحر المعتصمين داخل مقر البرلمان منذ أكثر من أسبوع.
ويطالب نواب الحزب الدستوري الحر بسحب الثقة من الغنوشي من رئاسة البرلمان ومراجعة الإجراءات الأمنية داخل مقره، ردا على حادثة دخول موالين “لائتلاف الكرامة” اليميني المحافظ دون ترخيص.
وأودع نواب بالفعل عريضة لسحب الثقة من الغنوشي تمهيدا لتحديد جلسة للتصويت عليها، حيث يتعين تحصيل الأغلبية المطلقة لسحب الثقة.
وقال البرلمان في بيان، الإثنين، إن ممثلي النيابة وصلوا مقر البرلمان لمعاينة الاعتصام، عقب تقديم شكويين لدى المحكمة الابتدائية، تتعلقان بتعطيل كتلة “الدستوري الحر” للعمل الإداري والبرلماني، عبر الاعتصام في قاعتي الجلسات العامة واقتحام مكتب رئيس ديوان البرلمان والاعتصام داخله.
ويعتبر نواب أن ما تقوم به النائبة عبير موسي يستهدف إرباك وتعطيل والتشويش على عمل البرلمان.
وتعيش تونس أزمة سياسية بعد استقالة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وصعوبات اقتصادية إلى جانب احتجاجات اجتماعية عطلت إنتاج النفط في الجنوب، للمطالبة بفرص عمل وبالتنمية.
ويجري الرئيس التونسي مشاورات مع رؤساء الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لاختيار شخصية يكلفها بتشكيل حكومة جديدة.
وطلبت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس، وهي هيئة دستورية مستقلة، من النائب العام إصدار قرارات منع سفر وتجميد أموال لمشتبه بهم في قضية تضارب المصالح الموجهة لرئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ.
وقالت الهيئة في نشرتها الأسبوعية، أمس الأحد، إنها أحالت، الخميس الماضي، على النائب العام تقريرا ثانيا مصحوبا بجملة من الوثائق والمؤيدات، يتعلق موضوعه بشبهات تضارب مصالح وفساد مالي وإداري وتهرب ضريبي، حول صفقات أبرمتها الدولة مع مجموعة من المجامع وشركات يملك الفخفاخ مساهمات فيها.
وأضافت أن التقرير الثاني -وهو تتمة للتقرير الأول الذي أحالته الهيئة على النائب العام بتاريخ 10 يوليو/تموز الجاري- خلص في خاتمته المتضمنة للطلبات القانونية للهيئة إلى طلب إصدار أذون قضائية بالمنع من السفر وتجميد أموال بعض المشتبه فيهم، نظرا لوجود قرائن جدية وقوية ومتضافرة بشأن خرق القانون واقتراف أفعال يمكن تصنيفها تحت خانة الفساد.