تمرد عسكري ومصير غامض للرئيس.. ماذا يحدث في مالي؟

أكدت وكالة الأنباء الرسمية في مالي، اليوم الثلاثاء، اعتقال رئيس مالي، إبراهيم أبو بكر كيتا، بعد تمرد عسكري في البلاد.
وأبلغ مصدران أمنيان وكالة رويترز للأنباء بأن جنودا متمردين اعتقلوا الرئيس إبراهيم أبو بكر.
وجاء ذلك بعد أن تمرد جنود في قاعدة كاتي العسكرية خارج باماكو وألقوا القبض على عدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.
وأعلن أحد قادة التمرد في مالي لـ “فرانس برس” أن عسكريين متمردين “اعتقلوا” بعد، ظهر الثلاثاء، في باماكو الرئيس ابراهيم بوبكر كيتا ورئيس الوزراء بوبو سيسيه.
وقال العسكري طالبا عدم كشف هويته “يمكننا أن نؤكد لكم أن الرئيس ورئيس الوزراء في قبضتنا. لقد تم اعتقالهما في منزل الرئيس”.
فيما ذكر مصدر عسكري آخر في معسكر المتمردين أن “الرئيس كيتا ورئيس الوزراء في آلية مدرعة تتجه إلى كاتي”، القاعدة العسكرية في ضاحية باماكو من حيث بدأ التمرد.
وفي وقت سابق من الثلاثاء، سيطر عسكريون ماليون على معسكر قريب من باماكو، ما أثار قلق واشنطن والدول المجاورة لمالي من احتمال الإطاحة بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا الذي يواجه منذ شهرين حركة احتجاج غير مسبوقة منذ انقلاب العام 2012.
The President of Mali, Ibrahim Boubacar Keïta and the Prime minister Soumeylou Boubèye Maïga have been arrested after months of public protest
They have been arrested by mutineering soldiers #Mali. pic.twitter.com/xdV7j5fhpA
— AFRICA ANALYST. (@MightiJamie) August 18, 2020
وقال رئيس وزراء مالي بوبو سيسيه في بيان إن الحكومة المالية تطلب من العسكريين المعنيين “إسكات السلاح”، وتبدي استعدادها لأن تجري معهم “حوارا أخويا بهدف تبديد أي سوء فهم”.
وأعلنت مجموعة دول غرب أفريقيا التي تلعب دور وساطة في مالي، في بيان إنها تتابع بـ “قلق كبير” الوضع “مع تمرد حصل في أجواء اجتماعية سياسية معقدة أصلا”. ودعت العسكريين الماليين “للعودة فورا إلى ثكناتهم”.
وأكدت “رفضها الثابت لأي تغيير سياسي غير دستوري ودعت العسكريين إلى احترام النظام الجمهوري”.
وأضافت “في أي حال ندين بقوة المحاولة الجارية وسنتخذ كافة التدابير والخطوات اللازمة لإعادة تطبيق النظام الدستوري”.
كما عبرت الولايات المتحدة عن معارضتها أي تغيير للحكومة في مالي خارج الإطار الشرعي، حتى من قبل الجيش.
وأعلن المبعوث الأمريكي لمنطقة الساحل بيتر بام عبر، تويتر، “نتابع بقلق تطور الوضع اليوم في مالي، إن الولايات المتحدة تعارض أي تغيير للحكومة خارج إطار الدستور سواء من قبل الذين هم في الشارع أو من جانب قوات الدفاع والأمن”.
وقال السفير التركي لدى باماكو، مراد مصطفى أونارت إن معلومات وصلت السفارة تفيد باعتقال رئيس البرلمان المالي موسى تيمبينة، ووزير الاقتصاد عبد الله دافيه.
وأوضح أونارت أن قواعد عسكرية قرب العاصمة المالية باماكو، تشهد تحركا عسكريا منذ ساعات الصباح.
وأضاف أنه تم قطع الطريق الواصل بين العاصمة باماكو ومدينة كاتي التي تتواجد فيها القواعد العسكرية.
وأشار أونارت إلى عدم وجود معلومات موثوقة عن وضع باقي الوزراء في الحكومة المالية.
وحصلت وكالة الأناضول على معلومات من مصادر محلية تفيد باعتقال رئيس هيئة الأركان تيبل دراما، ونجل رئيس الجمهورية كريم كيتا، في حين لم يعرف حتى اللحظة مكان تواجد الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا.
من ناحية أخرى، تجمعت قوى المعارضة في ساحة الاستقلال بالعاصمة، مطالبة باستقالة الرئيس كيتا.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في بيان إن “فرنسا تبلغت بقلق أمر التمرد الذي حصل اليوم في مالي وتدين بشدة هذا الحدث الخطير”، مؤكدة أن باريس “تشاطر المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا الموقف الذي عبرت عنه ودعت فيه إلى حماية النظام الدستوري”.
وشدد لودريان على “تمسك فرنسا الكامل بسيادة وديمقراطية مالي”.
وظهرا كان الوضع غامضا في العاصمة المالية وضاحيتها.
والمؤكد أن العسكريين استولوا صباحا على قاعدة سوندياتا كيتا في كاتي على بعد 15 كلم من باماكو.
وأعلن طبيب في مستشفى كاتي لفرانس برس “هذا الصباح، أن عسكريين غاضبين حملوا سلاحهم في قاعدة كاتي وأطلقوا النار. كانوا كثراً وكانوا متوترين”.
Sights and sounds from #Mali pic.twitter.com/NMCyipQkJD
— African (@ali_naka) August 18, 2020
أوضاع “غير مستقرة”
ولم يتضح حتى الآن سبب هذا الغضب والتوتر. وأفاد مراسل فرانس برس أن العسكريين أقفلوا كافة منافذ القاعدة.
وأكد أحد العسكريين من المجموعة التي سيطرت على القاعدة لفرانس برس أنهم “يحتجزون عددا من كبار الضباط في الجيش”.
وأشارت بعثات غربية عديدة إلى توقيف شخصيات سياسية بينهم وزراء لكن لم يتسن تأكيد هذه المعلومات أو تلك المتعلقة بكبار الضباط، من مصادر رسمية.
وأوصت السفارة الفرنسية في مالي بتوخي الحذر.
وذكرت السفارة في تغريدة على تويتر “نظرا للتوتر الذي تم الإبلاغ عنه هذا الصباح في 18 أغسطس/أب في كاتي وباماكو، يوصى بشدة بالبقاء في المنزل”.
وتواجه مالي، بؤرة التهديد المسلح في منطقة الساحل منذ عام 2012، أزمة اجتماعية وسياسية خطيرة منذ يونيو/حزيران.
وأعلنت المعارضة، الإثنين الماضي، تظاهرات جديدة هذا الأسبوع من أجل المطالبة باستقالة الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، وبلغت ذروتها باحتلال مكان رمزي في وسط باماكو يومي الجمعة والسبت.
ويضاف إلى هذه المطالب السياسية “وضع اجتماعي وخيم”، وفق ما أشارت المسؤولة النقابية سيديبي ديديو عثمان.
وتضم حركة 5 يونيو/حزيران التي تقود منذ يونيو/حزيران الماضي، أهم التظاهرات المناهضة للسلطة منذ انقلاب عام 2012، تحالفا متنوعا بين رجال دين وسياسيين ومنظمات من المجتمع المدني.
ورفضت الحركة، الخميس الماضي، اقتراحاً تقدم به وسيط دول غرب أفريقيا، الرئيس النيجيري السابق جودلاك جوناثان، من أجل الاجتماع بكيتا، مشترطة قبل ذلك بشكل خاص إنهاء “قمع” ناشطيها.
وفي 10 يوليو/تموز الماضي، تحولت مظاهرة دعت إليها المعارضة إلى ثلاثة أيام من الاضطرابات الدامية.
وأسفرت المواجهات عن مقتل 23 شخصا وأكثر من 150 جريحًا، بحسب المعارضة فيما تحدث رئيس الوزراء بوبو سيسي عن مقتل 11 شخصًا، والأمم المتحدة عن مقتل 14 متظاهراً.
ويعبر المحتجون عن استيائهم إزاء العديد من الأمور في واحدة من أفقر دول العالم، بدءاً من تدهور الوضع الأمني إلى عجز السلطات عن وقف العنف في البلاد والركود الاقتصادي وفشل خدمات الدولة والفساد في عدد من المؤسسات.
وأضيف إلى هذه الأزمات قرار المحكمة الدستورية بإلغاء نتائج نحو 30 مقعداً في الانتخابات التشريعية التي انعقدت في مارس/آذار – إبريل/ نيسان.