هل تحصل فرنسا على تعويضات بعد فسخ عقد الغواصات؟
قالت وزارة الجيوش الفرنسية إن هناك محادثات بين مجموعة (نافال غروب) الفرنسية والسلطات الأسترالية بشأن حصول المجموعة الفرنسية على تعويضات مالية بعد فسخ كانبيرا صفقة شراء الغواصات.
وأضافت الوزارة أن المجموعة الفرنسية اجتازت بالفعل “عدة مراحل في العقد” بمبلغ 900 مليون يورو، دفعت أستراليا غالبيته، مؤكدة أن “مجموعة نافال لن تخسر أموالا مقابل العمل الذي تم انجازه”.
وانتقدت وزارة الجيوش الفرنسية، اليوم الثلاثاء، من جديد ما وصفته بأنه “خيانة” أستراليا، مؤكدة أنه “لم يتم في أي وقت التطرق” مع السلطات الفرنسية “إلى القرار الأسترالي بالتحول إلى الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية ولا إلى مباحثاتها مع الولايات المتحدة”.
وأكدت باريس أن الجيش والمهندسين الأستراليين صادقوا “في 15 من سبتمبر/أيلول على استعراض البرنامج” الفرنسي في وثيقة رسمية (تُدعى “إشعار انتهاء المراجعة الوظيفية للبرنامج) ” مما يعني أن أستراليا كانت راضية ويمكننا المضي قدما”.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في 15 من سبتمبر/أيلول عن تحالف دفاعي أمريكي-أسترالي-بريطاني جديد دفع بكانبيرا إلى إلغاء شراء 12 غواصة من فرنسا، مما إثار غضب باريس التي تم تجاهلها.
وشكل فسخ أستراليا العقد الموقع مع فرنسا الأمر ضربة قاسية لفرنسا التي خسرت أكبر عقد أسلحة وقعته في تاريخها مع دولة أجنبية لبناء غواصات ذات دفع تقليدي غير نووي بالديزل والكهرباء، كما أدى إلى إلحاق ضرر بمجموعة (نافال غروب).
وقدرت أستراليا قيمة العقد عند إطلاق المشروع عام 2016 بنحو خمسين مليار دولار أسترالي (نحو 31 مليار يورو)، وأعيد تقديره لاحقا بنحو 89 مليار دولار أسترالي (نحو 56 مليار يورو) بعد الأخذ بالتضخم على طول مدة البرنامج.
وأوضحت مجموعة (نافال غروب) أن مبدأ التعويضات المالية وارد وفق حالات مختلفة، بما فيها فسخ العقد من طرف واحد.
وأدرجت هذه الحالات بشكل مفصل في اتفاق الشراكة الاستراتيجية الموقع عام 2019، والذي كان بمثابة “مجموعة قواعد في 1500 صفحة تطبق على البرنامج” وكان من المفترض أن يتبعها الشريكان حتى العام 2056.
وأوضح متحدث باسم المجموعة الفرنسية أن الأمر لا يتعلق بضرر اقتصادي بقدر ما هو “أرباح فائتة محتملة” وضربة شديدة لصورة المجموعة الصناعية.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون إن بلاده أنفقت 2.4 مليار دولار أسترالي (نحو 1.5 مليار يورو) منذ بدء المشروع.
ومن أصل هذا المبلغ، تلقت المجموعة الفرنسية حوالي 900 مليون يورو، فيما أنفق ما تبقى لصالح المجموعة الأمريكية (لوكهيد مارتن) المكلفة تأمين النظام الدفاعي، وشركات أسترالية طلب منهم بصورة خاصة تكييف حوض بناء السفن في أوزبورن قرب أديلايد حيث كان من المفترض بناء الغواصات.
وكان فريق مجموعة (نافال غروب) الذي يعمل على المشروع في فرنسا يضم 650 موظفا، بينهم 40 أستراليا، ومعظمهم في مكاتب الدراسات. كما كان 350 آخرون، بينهم 20 فرنسيا، يعملون على المشروع في أستراليا، خاصة فيما يتعلق بعقد شراكات مع شركات محلية، إذ كانت أستراليا ستحصل على 60% من قيمة العقد.
ويبلغ إجمالي عدد موظفي مجموعة (نافال غروب) في فرنسا 17 ألف موظف.
وكان البرنامج مبنيا على سلسلة من العقود تتبع وتيرة تقدم المشروع.
وأوضحت المجموعة الفرنسية أن العمل كان يجري على المراحل الأولية فقط من المشروع وتم دفع قيمة الفواتير بشأنها. وأنجزت مرحلة المراجعة الوظيفية الجارية منذ 2019 لاستعراض كل الوظائف التي ينبغي أن تكون الغواصات قادرة على إتمامها.
وكانت باريس تأمل في إتمام المرحلة التالية من العقد المتعلقة بالتصميم الأساسي للغواصات، والتي تبلغ قيمتها نحو ثلاثة مليارات دولار أسترالي (نحو 1.9 مليار يورو). وبالتالي كان أمام كانبيرا مهلة متاحة للانسحاب قبل الخوض في نفقات أضخم.
وقال مصدر في وزارة الجيوش الفرنسية “في 15 من سبتمبر/أيلول، أي في يوم الإعلان الأسترالي (عن فسخ العقد)، تلقينا إشعارا بانتهاء المراجعة الوظيفية للبرنامج التي خلصت إلى أن أستراليا راضية عن الإنجازات التي يمكن للغواصة إتمامها وعلى سير البرنامج. وهذا يعني أن الشروط باتت متوافرة للمصادقة على إطلاق المرحلة التالية من العقد التي أنجز التفاوض بشأنها خلال شهر أغسطس/آب”.
لكن تم فسخ العقد في وقت مبكر، وبالتالي فإن التعويض المترتب يفترض أن يكون أدنى بكثير من التعويضات التي دفعتها باريس أواخر 2015 بعد ثمانية أشهر من المفاوضات مع موسكو بشأن بيع حاملتي طائرات من طراز (ميسترال)، بعد فسخها العقد إثر الاجتياح الروسي لشبه جزيرة القرم الأوكرانية.
واضطرت باريس في ذلك الحين إلى دفع 949.8 مليون يورو، توازي المبالغ المسبقة التي تقاضتها من روسيا لشراء السفينتين بقيمة 1.2 مليار يورو. غير أن فرنسا كانت أنجزت بناء حاملتي الطائرات وباعتهما لاحقا إلى مصر.
وتحدثت الصحف الأسترالية من جهتها عن أن قيمة التعويضات يمكن أن تصل إلى نحو 400 مليون دولار أسترالي، أي نحو 250 مليون يورو.