علماء أمريكيون يسجلون “اختراقا علميا كبيرا” في الاندماج النووي.. ماذا حدث؟

علماء أميركيون يسجلون "اختراقا علميا كبيرا" في الاندماج النووي (تويتر)

كشف علماء أمريكيون، اليوم الثلاثاء، عن طفرة في مجال اندماج الطاقة من شأنها أن تساعد في الحد من التغير المناخي إذا تمكنت الشركات من الاستفادة تجاريا من التكنولوجيا في العقود المقبلة.

وقالت وزارة الطاقة الأمريكية إن العلماء في مختبر لورنس ليفرمور الوطني بكاليفورنيا حققوا، في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الجاري، لأول مرة ولفترة وجيزة زيادة صافية في الطاقة في تجربة اندماج باستخدام أشعة الليزر.

وركز العلماء شعاعا من الليزر على هدف من الوقود من أجل دمج ذرتي الضوء لتكوين ذرة أكثر كثافة وتوليد الطاقة.

وقالت مديرة المعهد كيمبرلي بوديل للصحفيين في فعالية أقامتها وزارة الطاقة إن العقبات العلمية والتكنولوجية تعني أن الاستفادة التجارية ربما لا تكون بعد 5 أو 6 عقود بل أقرب من ذلك.

وأضافت “مع تضافر الجهود والاستثمار، فإن بضعة عقود من البحث في التكنولوجيا الداعمة يمكن أن تمكننا من بناء محطة كهرباء”.

واكتشف العلماء منذ نحو قرن من الزمان أن طاقة الشمس تتولد من خلال الاندماج، ويحاولون منذ عقود إحداث الاندماج على الأرض.

وقالت وزارة الطاقة إن التجربة حققت لفترة وجيزة ما يُعرف بإشعال تفاعلات الاندماج بتوليد 3.15 ميغا جول من الطاقة بعدما زود الليزر الهدف بما مقداره 2.05 ميغا جول.

وقال علماء نوويون من خارج المعمل إن الانجاز سيكون نقلة نوعية كبيرة، لكن هناك الكثير ينبغي فعله قبل أن يصبح الاندماج مجديا تجاريا.

وقالت صحيفة فاينانشال تايمز إن باحثين في مختبر لورانس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا نجحوا لأول مرة في إنتاج “رصيد صافٍ من الطاقة” من الاندماج النووي، وهذا يعني إنتاج طاقة أكبر في التفاعل مما تم استخدامه في تفعيلها.

الاندماج بدلا من الانشطار

وقال الفيزيائي جيريمي تشيتندين من إمبريال كوليدج لندن “هذه لحظة اختراق حقيقية مثيرة للآمال. إنه يثبت أن الهدف المنشود منذ فترة طويلة، الاندماج الذي نتوق إليه، يمكن تحقيقه بالفعل”.

ولإنتاج الطاقة، تستخدم محطات الطاقة النووية حول العالم حاليا “الانشطار” الذي يقوم على شطر نواة ذرة ثقيلة.

أما الاندماج فيجمع بين ذرتين من الهيدروجين الخفيف لتكوين ذرة أثقل من الهيليوم ويطلق كمية كبيرة من الطاقة خلال هذه العملية التي تحدث داخل النجوم، بما فيها الشمس.

وعلى الأرض، يمكن إثارة تفاعلات الاندماج عن طريق تسخين الهيدروجين إلى درجات حرارة قصوى داخل أجهزة متخصصة.

ويستخدم الباحثون في مختبر لورانس ليفرمور الوطني “منشأة الإشعال الوطنية الضخمة” التي تضم 192 جهاز ليزر فائق القوة موجهة جميعها إلى أسطوانة صغيرة مملوءة بالهيدروجين.

وقالت فاينانشال تايمز إن علماء مختبر لورانس ليفرمور الوطني أنتجوا مؤخرا نحو 2.5 ميغا جول من الطاقة في تفاعل اندماج نووي، أو قرابة 120% من 2.1 ميغا جول استخدمها الليزر لبدء التفاعل.

وستوفر هذه النتيجة أخيرا دليلا على المبادئ الفيزيائية التي حددها باحثو الاندماج قبل عقود، وستمثل ما قال توني رولستون المحاضر في جامعة كامبريدج إنه “نجاح للعلم”.

نفايات مشعة أقل

ومثل الانشطار، يكون الاندماج خاليا من الكربون أثناء التشغيل، ولكن مزاياه لا تتوقف عند هذا الحد، فهو لا يطرح خطر حدوث كارثة نووية، ويُنتج نفايات مشعة أقل بكثير من الانصهار.

ولكن الطريق ما زال طويلا قبل أن يصبح الاندماج قابلا للتطبيق على نطاق صناعي.

وقال تشيتندين “لتحويل الاندماج إلى مصدر طاقة، سنحتاج إلى زيادة ما نكسبه من الطاقة على نحو أكبر. سنحتاج أيضا إلى إيجاد طريقة لإعادة إنتاج التأثير نفسه على نحو متكرر وبتكلفة أقل بكثير قبل أن نتمكن من تحويل هذا بشكل واقعي إلى محطة لإنتاج الطاقة”.

ونقلت وكالة فرانس برس عن إريك لوفيفر مدير المشروع في لجنة الطاقة الذرية الفرنسية قوله إن ذلك قد يستغرق 20 أو 30 عاما أخرى.

ولكن خبراء المناخ يحذرون من أن العالم لا يمكنه الانتظار كل هذا الوقت لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والحد من تأثيراته الخطيرة.

ويجري تطوير مشاريع أخرى للاندماج النووي في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك المشروع الدولي الكبير المعروف باسم المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي (إيتر) ITER وهو قيد الإنشاء حاليا في فرنسا.

وبدلا من الليزر، سيستخدم ITER تكنولوجيا تُعرف باسم الحصر المغناطيسي تحتوي على كتلة دوامة من بلازما الهيدروجين الاندماجية داخل حجرة ضخمة على شكل كعكة دائرية.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات