تونس.. قوى سياسية تقاضي سعيّد وبودن بسوء التصرف في المال العام والأمن يحاصر مستشفى البحيري

اتهمت قوى سياسية تونسية الرئيس قيس سعيّد ورئيسة الحكومة وعددًا من الوزراء بسوء استخدام النفوذ، وسوء التصرف في المال العام، بالتزامن مع تطورات جديدة في قضية النائب نور الدين البحيري.
وأعلنت 3 أحزاب تونسية، الثلاثاء، مقاضاة كل من الرئيس قيس سعيّد ورئيسة حكومته نجلاء بودن ووزراء المالية والداخلية والثقافة، بتهمة “تجاوز السلطة وسوء استعمال النفوذ وسوء التصرف في المال العام”.
جاء ذلك في بيان مشترك لأحزاب التيار الديمقراطي (22 مقعدًا من أصل 217 في البرلمان المجمدة اختصاصاته) و”الجمهوري” و”التكتل” (لا نواب لهما).
وقال البيان “تولى اليوم (الثلاثاء) الأمناء العامون لأحزاب التيار الديمقراطي والجمهوري والتكتل وممثل عن الشخصيات الوطنية المستقلة تقديم عريضة (شكوى) إلى الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات في إعلام بجرائم سوء تصرف في المال العام وتجاوز السلطة وسوء استعمال النفوذ ومخالفة التراتيب والإجراءات الإدارية”.
وأضاف أن الشكوى المقدمة “في حق كل من رئيس الدولة قيس سعيّد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزيرة المالية سهام بوغديري ووزير الداخلية توفيق شرف الدين ووزيرة الثقافة حياة قطاط القرمازي وكل من سيكشف عنه البحث”.
وأشار البيان إلى أن هذه العريضة تأتي “على أثر قرارات إغلاق مقرات مجلس نواب الشعب (البرلمان) والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومتحف باردو (بالعاصمة تونس) من دون وجه حق ومنع الأعوان والموظفين بها من مباشرة عملهم مع المواصلة بدفع أجورهم”.
ولم يصدر عن الرئاسة التونسية تعقيب فوري على بيان الأحزاب الثلاثة.
الأمن يحاصر مستشفى البحيري
وقالت هيئة الدفاع عن نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري إن “قوات الأمن تحاصر المستشفى الذي يقيم فيه البحيري الموضوع قيد الإقامة الجبرية من قبل قوات الأمن في بنزرت شمالي البلاد ومنعت عائلته من زيارته”.
وأضافت في بيان أن “عائلة البحيري فوجئت عند وصولها الثلاثاء لمستشفى الحبيب بوقطفة في بنزرت لزيارته، بأعداد هائلة من أعوان البوليس (الأمن) يحاصرون المستشفى وقد قاموا بمنعهم من الزيارة دون إبداء أيّ تفسير”.
وعبّرت عن “خشيتها على حياة البحيري بعد الحادثة الخطيرة التي استجدّت مساء الإثنين، حيث قام عدد من الأعوان (الأمنيين) باقتحام غرفة إقامته بقسم الإنعاش إبّان زيارة عائلته له”.
وجدّدت الهيئة “تحميل وزير الداخلية (توفيق شرف الدين) شخصيًّا المسؤولية الكاملة عن كل التبعات المتأتية عن تواصل هذا الاحتجاز على صحة المنوّب (موكلها) وحياته”.
وحتى الساعة لم يصدر تعقيب من السلطات التونسية على بيان الهيئة.
وفي 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت “النهضة” اختطاف البحيري من جانب رجال أمن بزي مدني، قبل أن يتم نقله إلى مستشفى، في 3 يناير/كانون الثاني الماضي، إثر تدهور صحته جراء إضرابه عن الطعام رفضًا لاعتقاله.
وفي اليوم التالي، قالت السلطات إن البحيري الذي كان وزيرًا للعدل بين 2011 و2013، قيد الإقامة الجبرية لوجود “شبهة إرهاب” تتعلق بإصدار وثائق هوية وسفر تونسية لسوريين بالمخالفة للقانون.
ونفت “النهضة” وفريق الدفاع عن البحيري هذا الاتهام، وقالوا إنه يحمل دوافع سياسية.
تفكيك الدولة
ورأى حزب التيار الديمقراطي أن قرار الرئيس قيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء “خطوة إضافية في مسار تفكيك الدولة وضرب مؤسساتها”.
جاء ذلك في بيان للتيار الديمقراطي إثر انعقاد مجلسه الوطني في دورته العادية يومي 12 و13 فبراير/شباط الجاري بمدينة الحمامات (شمال شرقي).
والسبت، أعلنت الرئاسة التونسية أن سعيّد وقّع مرسومًا باستحداث “المجلس الأعلى المؤقت للقضاء”، مما أثار احتجاجات ورفضًا من هيئات قضائية وقوى سياسية عديدة في البلاد.
وقال الحزب إن “قرار حل الأعلى للقضاء خطوة إضافية في مسار تفكيك الدولة وضرب مؤسساتها من طرف سلطة الانقلاب، وهدم لمكتسبات الشعب التونسي التي راكمها بنضالات أجيال متعاقبة دافعت عن حق التونسيين في دولة تحترم الحقوق والحريات التي تضمنها سلطة قضائية مستقلّة”.
وعبّر عن “رفضه الصريح لتدخّل السلطة التنفيذية في تسيير مرفق العدالة”.
وندد الحزب بـ”إصدار المرسوم الذي يكرّس الهيمنة الكاملة لسلطة الفرد على تركيبة المجلس الأعلى للقضاء ومهامه ويهدد استقلالية القضاء ويسحب منه كل شروطها بما فيها الحقوق النقابية، ويشكّل خرقًا جديدًا وجسيمًا للدستور وللمواثيق الدولية ولشروط التقاضي العادل”.
والمجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية مستقلة من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية، وأُجريت أول انتخابات له في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
ويرفض المجلس الأعلى للقضاء حله “في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك”، ويتمسك بأنه “المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة الممثلة للسلطة القضائية”.
وتشهد تونس أزمة سياسية حادة منذ 25 يوليو/تموز الماضي، حين بدأ سعيّد بفرض إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
وترفض غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس وبينها “النهضة” هذه الإجراءات، وتعدّها “انقلابًا على الدستور”، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحًا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.