مصر: “البدء الأحادي” لتشغيل سد النهضة “خرق” لالتزامات إثيوبيا

أعلنت مصر، الأحد، رفضها إعلان إثيوبيا بدء تشغيل سد النهضة بشكل “أحادي”، واعتبرت هذا التحرك خرقًا لالتزامات أديس أبابا لاتفاق الموقعة معها في 2015.
جاء ذلك في بيان للخارجية المصرية تعليقا على إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد “بدء مشروع توليد الكهرباء على سد النهضة”، ودون أن يتطرق الرفض المصري للموقف من توليد الكهرباء.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من أديس أبابا، غير أن الأخيرة تقول عادة إنها لا تستهدف الإضرار بالقاهرة أو الخرطوم اللتين تنتقدان عدم الوصول لاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي رغم مفاوضات بدأت منذ نحو عقد بينهم.
ورفض بيان الخارجية المصرية “البدء الأحادي (لإثيوبيا) في عملية تشغيل سد النهضة، وذلك بعد سابق الشروع أحاديًا في المرحلتين الأولى والثانية من ملء السد (في صيف العامين الماضيين)”.
وأضاف أن “مصر تؤكد أن هذه الخطوة تُعد إمعانًا من الجانب الإثيوبي في خرق التزاماته بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ (المنظم للخلافات بشأن السد) في 2015، الموقّع من جانب أبي أحمد”.
وكان خبراء في مجال السدود قد أكدوا للجزيرة مباشر، السبت، أن توليد إثيوبيا للكهرباء من سد النهضة “رمزي” ويهدف إلى زيادة شعبية أبي أحمد، وأن الإنتاج الفعلي للكهرباء بقدرته الكلية لن يحدث قبل 2025.
أستاذ هندسة السدود د. محمد حافظ: تشغيل الكهرباء في سد #النهضة غدا سيكون رمزيا فقط وسيم استخدامه لدعم شعبية آبي أحمد pic.twitter.com/NkhbcZbYzC
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) February 19, 2022
وخزنت إثيوبيا خلال المرحلة الثانية من تعبئة السد -الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب من المياه- أكثر من 13.9 مليار متر مكعب من المياه، مقارنة بـ4.5 مليارات متر مكعب في المرحلة الأولى من الملء، والتي تمت في يوليو/تموز 2020.
وفي 5 يوليو الماضي، أخطرت إثيوبيا دولتي مصب نهر النيل -مصر والسودان- ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، لكونه إجراءً أحادي الجانب.
وأعلنت أديس أبابا حينها أنّ كمية المياه التي يختزنها السدّ باتت كافية لبدء عملية توليد الطاقة، لكنّها لم تعط أرقامًا محدّدة وسط اعتقاد أنّ الهدف الذي حدّدته لم يتمّ بلوغه.
وفي الشهر نفسه، ناقش مجلس الأمن المشروع غير أن إثيوبيا -التي طالما عارضت بحث قضية السد في مجلس الأمن- اعتبرت بيان المجلس خروجًا “غير مفيد” عن المسار بقيادة الاتحاد الأفريقي.
وتتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد لضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل، فيما تؤكد إثيوبيا أنها تسعى لعلاج أزمة نقص الطاقة لديها.
وتتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات السد، يرعاها الاتحاد الأفريقي منذ شهور، ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات، بسبب خلافات حول التشييد والتشغيل والملء.
هل تنجح إثيوبيا في عملية الملء الثالث لـ #سد_النهضة؟ pic.twitter.com/6n13gHayWG
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) February 19, 2022
وتتمسّك مصر بـ”حق تاريخي” لها في مياه النيل تضمنه سلسلة اتفاقات مبرمة منذ عام 1929، وحصلت مصر حينها على حق الفيتو على بناء أي مشاريع على النهر.
وفي 1959، حصلت مصر بموجب اتفاق مع الخرطوم حول توزيع مياه النيل، على حصة بنسبة 66% من كمية التدفق السنوي للنيل، مقابل 22% للسودان.
لكن في 2010، وقّعت دول حوض النيل باستثناء مصر والسودان، اتفاقًا جديدًا نصّ على إلغاء حقّ النقض الذي تتمتّع به مصر وسمح بإقامة مشاريع ريّ وسدود لإنتاج الكهرباء.
وتتخوّف مصر -تعتمد على نهر النيل لتوفير نحو 97% من مياه الري والشرب- من وتيرة ملء خزان السد، ومن أنّ تعبئته خلال فترة قصيرة، ستؤدي إلى انخفاض كبير في جريان مياه النيل على امتداد مصر.
وتعد مصر المشروع تهديدًا وجوديًا لها، فيما حذر السودان من “مخاطر كبيرة” على حياة الملايين من الناس.
وفي 2011، أطلقت إثيوبيا المشروع الذي تقدّر قيمته بنحو 4 مليارات دولار ويهدف إلى بناء أكبر سد لإنتاج الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، بقدرة إنتاج تفوق 5 آلاف ميغاوات.
ويقع سدّ النهضة الذي تقدّر كلفته بـ4.2 مليارات دولار على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول-قمز، وعلى بُعد نحو 30 كيلومترًا من الحدود مع السودان، ويبلغ طوله 1.8 كيلومترًا وارتفاعه 145 مترًا.
وينبع النيل الأزرق من إثيوبيا في حين ينبع النيل الأبيض من بحيرة فيكتوريا، وفي الخرطوم يلتقي النهران ليشكّلا معًا نهر النيل الذي يعبر السودان ومصر ويصبّ في البحر المتوسط.
ويبلغ طول نهر النيل 6695 كيلومترًا، وهو يعدّ بذلك، مثل الأمازون، النهر الأطول في العالم، ويشكّل مصدرًا حيويًا للموارد المائية وللطاقة الكهرومائية في منطقة أفريقية قاحلة.
وتساوي مساحة حوض النيل ثلاثة ملايين كيلومتر مربع، أي 10% من مساحة القارة الأفريقية، ويتوزع بين عشر دول هي بوروندي وجمهورية الكونغو الديموقراطية ومصر وإثيوبيا وكينيا وأوغندا ورواندا وجنوب السودان والسودان وتنزانيا، ويقدّر مستوى تدفقه السنوي بنحو 84 مليار متر مكعب.