الأزمة الأوكرانية.. قصف متبادل بين الجيش والانفصاليين.. وواشنطن تشير إلى تضاؤل الحل الدبلوماسي مع روسيا (فيديو)

الاشتباكات استمرت وكييف أبلغت عن 14 عملية قصف نفّذها انفصاليون موالون لروسيا (رويترز)

أعلن الكرملين، اليوم الإثنين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرر الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرقي أوكرانيا، وأنه أبلغ كلا من المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقراره هذا.

وجاء في بيان الكرملين أنه “في المستقبل القريب يعتزم الرئيس توقيع أمر بالاعتراف باستقلال المنطقتين”، مشيرا إلى أن ماكرون وشولتس أعربا لبوتين عن “خيبة أملهما إزاء القرار” خلال محادثات هاتفية بينهما وبين بوتين.

ومن شأن اعتراف روسي بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين أن يسدد ضربة قاضية لعملية السلام الهشة أصلا، والهادفة لحل النزاع المستمر منذ سنوات في شرقي أوكرانيا.

وحذرت دول غربية روسيا من الاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين، بينما أكدت الولايات المتحدة أن الخطوة ستمثل “انتهاكا جسيما للقانون الدولي”.

وخلال الاجتماع الذي استمر 90 دقيقة في الكرملين، استمع بوتين لكبار المسؤولين الروس لدى دفاعهم واحدا تلو الآخر عن وجوب الاعتراف بالمنطقتين.

وجلس الرئيس الروسي خلف طاولة بينما دعا كبار مسؤولي الدفاع والأمن والاستخبارات وغيرهم من أبرز المسؤولين للتعبير عن رأيهم في الأمر.

ووبّخ بوتين رئيس الاستخبارات سيرغي ناريشكين الذي أشار خطأً إلى أنه يؤيد دمج الجمهوريتين في الأراضي الروسية.

وقال ناريشكين “أدعم مقترح دمج جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية في روسيا”.

وردّ بوتين بالقول “لا نناقش ذلك، نتحدث عن الاعتراف باستقلالهما”، بينما طلب منه أن يكون “واضحا”.

وبدا التوتر على ناريشكين الذي صحح زلة لسانه بالقول “أدعم مقترح الاعتراف باستقلالهما”.

وفي السياق، أكد بوتين أن تأجيل انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) لن ينزع فتيل التوترات بين بلاده والغرب. وأضاف “نعتقد أن ذلك لن يكون تنازلا لنا”.

وتريد روسيا منع جارتها من الانضمام إلى الناتو، ودعت موسكو التحالف العسكري والحكومة الأمريكية إلى تقديم ضمانات أمنية مكتوبة بهذا الشأن.

“لا أفق” لاتفاقات مينسك

ورأى بوتين أن اتفاقات مينسك التي أُبرِمت عام 2015 لإحلال السلام في شرقي أوكرانيا بين كييف والانفصاليين الموالين لموسكو، “ليس لها أيّ أفق بالنجاح”، متهما الحكومة الأوكرانية بإفشالها.

وقال بوتين خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي الروسي “لقد أدركنا أن (الاتفاقات) ليس لها أي أفق مطلقا”.

وتأتي هذه التصريحات بعد عرض قدّمه المسؤول المكلف بمفاوضات السلام في أوكرانيا دميتري كوزاك أشار خلاله إلى أن المفاوضات “متوقفة منذ العام 2019”.

وأكد كوزاك أن السلطات الأوكرانية “لن تنفذ أبدا” الاتفاقات.

وزير الخارجية الأوكراني يحذر العالم من نية بوتين الاعتراف بالانفصالبيين الأوكرانيين

قتل خمسة “مخربين”

وأعلنت روسيا أنها قتلت على أراضيها خمسة “مخربين” جاؤوا من أوكرانيا، في تطور عزز المخاوف من غزو روسي وشيك لأوكرانيا بعدما استبعدت موسكو عقد قمة روسية-أمريكية كان الغرب يعلّق آمالا كبيرة عليها لخفض التصعيد.

وقال الجيش الروسي “خلال المعارك، تم القضاء على 5 أشخاص ينتمون إلى مجموعة مخربين ولجهاز الاستخبارات بعدما انتهكوا الحدود الروسية”، مضيفا أن “مركبتين قتاليتين تابعتين للقوات المسلحة الأوكرانية دخلتا (إلى روسيا) من أوكرانيا لنقل مجموعة المخربين إلى أوكرانيا عبر الحدود”.

لكنّ أوكرانيا نفت رسميا الاتهامات الروسية، وقال المسؤول بوزارة الداخلية أنتون غيراشتشينكو “لم يعبر أحد من جنودنا الحدود مع روسيا ولم يُقتل أي منهم اليوم”.

وتأتي الاتهامات الروسية التي لا يمكن التحقق منها بشكل مستقل، بينما تتهم كييف والغرب موسكو بالبحث عن ذريعة حتى لو اقتضى الأمر اختلاقها، لتبرير تدخل عسكري في أوكرانيا.

ويؤكد الغرب أن موسكو حشدت نحو 150 ألف جندي روسي على حدود أوكرانيا، في كل من روسيا وبيلاروسيا.

وفي شرقي أوكرانيا، استمرت الاشتباكات اليوم، وأبلغت كييف عن 14 عملية قصف نفّذها انفصاليون موالون لروسيا أسفرت عن إصابة جندي.

ويتهم الانفصاليون كييف بالتحضير لهجوم واسع النطاق ضدهم، وأمروا بالتعبئة العامة، بينما قال الجيش الأوكراني إنه سيحافظ على مواقعه.

وأعلن الانفصاليون مقتل 3 مدنيين في عمليات قصف خلال الساعات الـ24 الماضية، بجانب انفجار مستودع للذخيرة بمنطقة نوفوازوفسك، واتهموا “مخربين أوكرانيين” بوقوفهم وراء ذلك.

ووفقا للانفصاليين، فإن 21 ألف شخص محرومون من المياه بسبب القصف الأوكراني.

وأعلنت روسيا، الإثنين، إجلاء 61 ألف شخص على الأقل من المناطق الانفصالية إلى أراضيها.

أوكرانيا تطلب اجتماعا عاجلا لمجلس الأمن

وطلبت أوكرانيا عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لمناقشة احتمالات تعرّضها لغزو روسي، مشيرة إلى التطمينات الأمنية التي حصلت عليها مقابل التخلي عن ترسانتها النووية عام 1994.

والاتفاق الذي وقّعت عليه عام 1994 إلى جانب أوكرانيا كل من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، طمأن أوكرانيا بأنه سيتم احترام “سلامة أراضيها واستقلالها السياسي” مقابل موافقتها على نقل جميع أسلحتها النووية إلى روسيا.

وورثت جمهورية أوكرانيا المستقلة ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم عندما تم رسميا تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991.

وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في تغريدة “طلبت رسميا بمبادرة من الرئيس (فولوديمير) زيلينسكي من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي عقد مشاورات فورا بموجب البند السادس من تفاهم بودابست”.

وأضاف أن على مجلس الأمن بحث “خطوات عملية لضمان أمن أوكرانيا”.

وينصّ البند السادس في اتفاق العام 1994 على أن موسكو وواشنطن ولندن “ستتشاور في حال طرأ وضع ما” يهدد أمن أوكرانيا.

سحق الأوكرانيين

وأفاد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الإثنين، بأن المعلومات الاستخباراتية تشير إلى أن أي غزو روسي لأوكرانيا سيقوم على استراتيجية قاسية تستهدف “سحق المدنيين”.

وحذّر سوليفان من أن احتمالات التوصل إلى حل سلمي تتقلص، بينما تحشد روسيا جنودها عند الحدود الأوكرانية.

وقال لشبكة (إن بي سي نيوز) إن الغزو الذي تحذّر واشنطن والغرب من أنه قد يحصل في أي لحظة، سيتمثل بعملية “عنيفة للغاية”، مضيفا “لكن لدينا معلومات استخباراتية أيضا تشير إلى أن شكلا أكبر حتى من أشكال القسوة سيتخللها”.

وتابع “ستكون حربا تخوضها روسيا ضد الشعب الأوكراني لقمعه وسحقه وإيذائه”.

وأشار سوليفان إلى أن احتمالات تجنب اندلاع نزاع تتضاءل، قائلا “احتمال التوصل إلى حل دبلوماسي -في ظل تحركات الجنود الروس- تتضاءل مع مرور كل ساعة”.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات

إعلان