الأزمة الأوكرانية.. قصف متبادل في دونيتسك يجدد نذر المواجهة.. وبايدن مستعد للقاء بوتين “في أي وقت وبأي صيغة”

دعت روسيا وأوكرانيا، الأحد، إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية، وفي الوقت نفسه يحمّل الطرفان الآخر مسؤولية تصاعد أعمال العنف شرقي أوكرانيا، إذ تثير المعارك مع الانفصاليين خشية الدول الغربية من تدخل موسكو.
وبعد محادثتيْن هاتفيتيْن منفصلتيْن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلن كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعدادهما لمواصلة المحادثات.
وكرّر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الأحد، أن روسيا “على وشك” غزو أوكرانيا، وحاول الرئيس الفرنسي بذل “الجهود الأخيرة الممكنة واللازمة لتجنّب نزاع كبير في أوكرانيا”، بعد لقائه بوتين بالكرملين، في 7 فبراير/شباط الحالي.
The United States joins Ukraine and our other partners and Allies in calling for Russia to stop its aggression. https://t.co/GMHQc1Knb2
— Department of State (@StateDept) February 20, 2022
وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عبر قناة (سي. بي. إس) أن الرئيس الأمريكي جو بايدن مستعدّ “للقاء” نظيره الروسي فلاديمير بوتين “في أي وقت وبأي صيغة إذا كان ذلك يسمح بتجنّب حرب” في أوكرانيا.
وجدّد بلينكن التأكيد عبر شبكة (سي. إن. إن) أن المسار الدبلوماسي لا يزال ممكنًا إلى حين “تحرّك الدبابات (الروسية) فعليًا وتحليق الطائرات”.
وقال بلينكن لقناة (سي. بي. إس) إنه بعدما تشاور في الأيام الأخيرة مع العديد من القادة الأوربيين “أعلن الرئيس بايدن بوضوح بالغ أنه مستعدّ للقاء الرئيس بوتين في أي وقت وبأي صيغة”.
ويعود التواصل الأخير بين الرئيسين إلى 12 فبراير الجاري، وقد ندّد بعده الكرملين بما اعتبره “هستيريا أمريكية بلغت ذروتها”.
ورفض بلينكن اتهام واشنطن بأنها تبالغ في تظهير الأزمة، وجدّد تأكيده أن روسيا “على وشك” غزو أوكرانيا، وأضاف أن بوتين “يتبع السيناريو” الذي توقعته الولايات المتحدة “بشكل شبه حرفي”.
وتابع “كل ما نراه يشير إلى أن ذلك خطير جدًا وإلى أننا على وشك حصول غزو”، معتبرًا أن بقاء القوات الروسية في بيلاروسيا لإجراء تدريبات عسكرية يعزز المخاوف من حصول غزو.
Secretary Blinken tells @margbrennan, “In terms of engaging Russia, my job as a diplomat is to leave absolutely no stone unturned to see if we can prevent a war. And if there's anything that I can do to do that, I'm going to do it.” pic.twitter.com/jkiw1fC5yT
— Face The Nation (@FaceTheNation) February 20, 2022
وعقب المحادثة الهاتفية مع ماكرون، أبدى بوتين نيّته “تكثيف” الجهود الدبلوماسية لحلّ النزاع في شرق أوكرانيا، حيث تقاتل كييف الانفصاليين الموالين لروسيا والمدعومين من موسكو، منذ 2014.
وكانت الرئاسة الفرنسية قد أعلنت، الأحد، أن ماكرون سيجري محادثات “خلال الساعات المقبلة” مع المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأمريكي بشأن الأزمة الأوكرانية، في أعقاب مكالمة هاتفية بين ماكرون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وقال قصر الإليزيه إن الرئيس الفرنسي قد يجري محادثات أيضًا مع رئيسي الوزراء البريطاني بوريس جونسون والإيطالي ماريو دراغي وكذلك مع “شركاء مقربين آخرين”.
يأتي ذلك بعدما أعلن قصر الإليزيه أن الرئيسين الفرنسي والروسي اتّفقا على “تكثيف الجهود الدبلوماسية” في الملف الأوكراني.
الوضع الميداني
والسبت، أعلن الانفصاليون الموالون لروسيا في شرق أوكرانيا -الذين يتهمون كييف بالتخطيط لمهاجمتهم- “تعبئة عامة” لجميع الرجال القادرين على القتال بعدما أمروا بإجلاء المدنيين إلى روسيا المجاورة التي أكدت الأحد استقبال 40 ألفًا منهم.
وأفادت وكالات الأنباء الروسية، مساء السبت، عن وقوع إطلاق نار بالمدفعية في ضواحي دونيتسك على مقربة من خط الجبهة.
وأكدت مليشيات “جمهورية” لوغانسك الانفصالية أنها صدّت، فجر الأحد، هجومًا شنّه جنود أوكرانيون قُتل خلاله مدنيان بحسب هذا المصدر، وهو إعلان وصفته كييف بأنه “تضليل مطلق”.
وكتب رئيس هيئة الأركان الأوكراني فاليري زالويني، مساء السبت، في بيان على فيسبوك “نؤكد أن أوكرانيا لا تخطط لهجوم على دونباس”، متّهما موسكو بـ”قتل مدنيين” ليكونوا ذريعة للتدخل تحت غطاء “قوات حفظ سلام”.
وتخشى الدول الغربية من أن يشكّل تصاعد حدّة المعارك منذ يومين على خطّ الجبهة ذريعة لروسيا التي حشدت 150 ألف جندي على الحدود الأوكرانية، لشنّ هجوم على جارتها الموالية للغرب.
واعتبر بوتين، الأحد، أن موجة العنف الأخيرة ناجمة عن “استفزازات أوكرانية”، في وقت أمر الانفصاليون بإجلاء المدنيين وتعبئة جميع القادرين على القتال.
قوات روسية في بيلاروسيا
في حديثه مع ماكرون عبر الهاتف، ندّد زيلينسكي بـ”نيران استفزازية” من جانب المتمرّدين المدعومين من موسكو، ودعا إلى استئناف المفاوضات مع روسيا برعاية منظمة الأمن والتعاون في أوربا وإعلان “وقف إطلاق نار فوري” في شرق بلاده.
وأكد الإليزيه أن ماكرون وبوتين توافقا على أهمية إعلان وقف إطلاق نار.
ومن المقرر أن يتحدث ماكرون هاتفيًا “خلال الساعات المقبلة” إلى المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأمريكي جو بايدن.
وأعلنت موسكو أن وزيرَي الخارجية الروسي سيرغي لافروف والفرنسي جان إيف لودريان سيجريان مكالمة هاتفية، الإثنين.
وتعقد منظمة الأمن والتعاون في أوربا اجتماعًا طارئًا لممثليها الدائمين، الإثنين، بشأن أوكرانيا.
وفي وقت سابق الأحد، أعلنت بيلاروسيا -حليفة موسكو- أن القوات الروسية الموجودة على أراضيها -والتي كان مقررًا أن تغادر الأحد- ستبقى لإجراء مزيد من التدريبات العسكرية، وقدّرت واشنطن عدد الجنود الروس المشاركين في هذه التدريبات بـ30 ألفًا.
وبررت بيلاروس قرارها بموجة العنف الجديدة في شرق أوكرانيا التي تصاعدت حدّتها، الأحد، في سياق نزاع أسفر عن أكثر من 14 ألف قتيل، منذ 2014.
رغم ذلك، أكد الإليزيه أن بوتين كرر لماكرون “نيته سحب قواته” من بيلاروس “حين تنتهي المناورات الجارية”.
وعلى خطّ الجبهة في شرق أوكرانيا، سمع صحفيون في وكالة (فرانس برس) دوي سلسلة انفجارات.
وقال أوليكسيي كوفالينكو وهو سبّاك يبلغ 33 عامًا من ملجأ في مدينة زولوتي، إن هناك “أصوات (انفجارات) قوية في هذه الأثناء”.
وأضاف أن “هذا الملجأ ليس مجهّزًا، لكنّه أنقذ أرواحًا في 2014. ليس فيه مياه لكن الناس يجلبون معهم”، وتابع “يغادر كثيرون، لكن بعضهم يبقون لأنه ليس لديهم مكان آخر للذهاب إليه”.
العيش بشكل طبيعي
وقالت ناتاليا زيبروفا (48 عامًا) إنها “تريد العيش بشكل طبيعي” وألا تشعر بالقلق حيال ما إذا “سيكون لدى الأطفال الوقت للفرار من القنابل”.
وينفي الكرملين أي خطة له لمهاجمة أوكرانيا التي يسعى لإعادتها إلى دائرة نفوذه.
وتطالب موسكو بـ”ضمانات أمنية” شرطًا لخفض التصعيد، أبرزها وعد بألا تنضمّ أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) ووقف تعزيز قوات الحلف على الحدود الروسية، وهي مطالب رفضها الغربيون.
وشدّد بوتين على هذه النقاط مرة أخرى، الأحد، أثناء مكالمته مع ماكرون، داعيًا واشنطن وحلف شمال الأطلسي إلى أخذ المطالب الروسية “على محمل الجدّ”.
وتسببت الأزمة حول أوكرانيا التي بدأت أواخر عام 2021، بأسوأ تصعيد للتوترات تشهده أوربا منذ الحرب الباردة، في حين أن دولًا غربية عديدة تؤكد أن الغزو الروسي قد يحصل في أي لحظة.
وأكّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الأحد، أن روسيا تستعد “لما يمكن أن تكون أكبر حرب في أوربا منذ سنة 1945”.
من جانبه، دعا بايدن مجلس الأمن القومي إلى اجتماع أزمة، مساء الأحد.
وفي مؤشر إلى أن المسار الدبلوماسي لا يزال مفتوحًا، من المقرر أن يلتقي بلينكن ولافروف، الخميس المقبل.
وفي وارسو، شارك المئات، الأحد، في تظاهرة من أجل السلام في أوكرانيا وللتعبير عن رفضهم لـ”هجوم روسي جديد محتمل”، وفق ما أفاد صحفيون في (فرانس برس).
وحمل المتظاهرون أعلام أوكرانيا وبولندا والاتحاد الأوربي والمعارضة البيلاروسية، وكُتب على إحدى اللافتات “نحن مع أوكرانيا”، وعلى أخرى “ارفعوا أيديكم عن أوكرانيا”، فيما كان الحشد يهتف “بوتين إلى المحكمة!”.