ردًا على قيس سعيّد.. الأعلى للقضاء التونسي “سنواصل مهامنا ولا مشروعية لحل المجلس”

يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء
يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء (مواقع التواصل)

أعلن المجلس الأعلى للقضاء في تونس، اليوم الأحد، رفضه اعتزام رئيس البلاد قيس سعيّد حل المجلس “في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك”.

وأكد بيان المجلس “رفضه المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية والإهدار المفاجئ والمسقط لجميع ضمانات استقلال القضاء في تقويض واضح للدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية المصادق عليها وفي تجاوز بين لنتائج انتخابات ثلثي أعضائه”.

والمجلس الأعلى للقضاء هيئة دستورية مستقلة من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية.

وشدّد المجلس على “رفضه المساس بالأمان الوظيفي للقضاة وإخضاع مساراتهم الوظيفية والتأديبية لوضع قانوني انتقالي مجهول العواقب وفاقد لجميع الضمانات تنفرد السلطة التنفيذية بصياغته وإدارته”.

 

وأعرب المجلس عن رفضه اتهامه بـ”التقصير” داعيا إلى “الكف عن مغالطة الرأي العام بأن المجلس هو المكلف بالفصل في القضايا”.

وأردف أنه “وجَّه بلاغات وإعلامات ومراسلات لوزارة العدل لإجراء الأبحاث للتحري في الإخلالات المزعومة في عدد من القضايا المتداولة لدى الرأي العام، ومنها قضايا الاغتيالات السياسية والملف القضائي المعروف بالجهاز السري وقضايا الفساد المالي، إلا أنه لم يتلق ردودًا من الوزارة بشأنها”.

وأعلن “مواصلة تعهده بمهامه” داعيا القضاة إلى “التمسك بمجلسهم بصفته الضمانة الوحيدة التي تقيهم من خطر المساس باستقلاليتهم في أداء واجبهم وخطر تعريضهم للضغط، والتيقظ للدفاع عن وضعهم الدستوري”.

وعبَّر المجلس عن رفضه “الهرسلة (التضييقات) المتواصلة لرئيس وأعضاء المجلس والقضاة وما صاحبها من تجييش وتأليب وتحريض ضدهم”، محمّلًا “الرئيس سعيّد والسلط الأمنية المسؤولية عن إيقاف ذلك فورًا”.

والأحد، دعا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (2011-2014) التونسيين إلى التظاهر في العاصمة رفضًا لاعتزام سعيد حل المجلس الأعلى للقضاء.

وقال يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس، اليوم، إن المجلس “سيواصل مهامه، وأنه لا مشروعية قانونية ولا دستورية ولا حتى واقعية لحل المجلس في هذا الوقت على وجه التحديد”، وذلك في معرض الرد على أحدث قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد.

وأضاف بوزاخر “تحدّث رئيس الجمهورية (عن المجلس الأعلى للقضاء) من مقر وزارة الداخلية (أمس السبت) مع ما لذلك من دلالات وطلب من المجلس اعتبار نفسه من عداد الماضي”.

وأعلن سعيّد القرار الليلة الماضية في أحدث خطوة في عملية توطيد سلطته التي يصفها منتقدوه بالانقلاب، وعلّق سعيّد عمل البرلمان وعزل رئيس الوزراء، في 25 يوليو/تموز الماضي، وتعهد بإعادة صياغة الدستور.

وعن أعضاء المجلس، قال سعيّد في كلمة ألقاها الليلة الماضية من مبنى وزارة الداخلية التي تشرف على قوى الأمن التونسية “هؤلاء مكانهم ليس المكان الذين يجلسون فيه، وإنما المكان الذي يقف فيه المتهمون”.

وأعلن سعيّد، خلال زيارته مقر وزارة الداخلية أنه سيمضي في إصدار مرسوم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء قائلًا “فليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي من هذه اللحظة”.

وقال بوزاخر إن قرار الرئيس بحل المجلس محاولة لوضع القضاء “في مربع التعليمات” الرئاسية.

وأضاف “قرار الرئيس غير قانوني، وهذا تدخل مباشر ومحاولة لوضع القضاة في مربع التعليمات”.

واستطرد بوزاخر “نحن نعد أنفسنا في عداد الحاضر وفي عداد المستقبل إلى حين انتخاب المجلس الأعلى للقضاء طبقًا لأحكام الدستور وأحكام القانون المنظم للمجلس (ينتخبه البرلمان المعطّل بقرار من سعيّد)”.

وأوضح بوزاخر أن “المراسيم التي تُتخذ من رئاسة الجمهورية في هذا الوقت تهدف إلى إعادة السير العادي لدواليب الدولة، وذلك في علاقة بما تم التصريح به من خطر داهم يوم 25 يوليو الماضي، ولم يرد القضاء ولا المجلس الأعلى للقضاء من بين الأخطار المعلن عنها آنذاك”.

وتابع “لذلك نعد قرار حل مجلسنا -الذي لم يتم اتخاذه حتى بالنسبة لما تم إعلانه من خطر داهم في علاقة بمجلس نواب الشعب- غير مشروع، لأن الأخير نفسه لم يتم حله، فما بالك بالأعلى للقضاء الذي لم يتم الإعلان عن مكمن الخطر فيه، فلا مشروعية لحله ولا شرعية لحله ولا دستورية لحله”.

وأضاف بوزاخر “التجييش ضد المجلس واضح في الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية (من وزارة الداخلية)، إذ حرّض الجموع على التظاهر لحل الأعلى للقضاء، وهذا نعده لا يليق لأننا لسنا مؤسسة منتخبة من الشعب مباشرة حتى يجيّش الشعب ضدنا لغرض الحل أو غيره”.

وشجع سعيّد أنصاره على الانضمام إلى مسيرة، اليوم الأحد، ضد المجلس قائلًا إن من حقهم الاحتجاج.

وخرج مئات عدة في مظاهرة للاحتجاج على المجلس خارج مقره، اليوم الأحد، واكتفت الشرطة بإقامة الحواجز فقط دون أن تتصدى للمتظاهرين، وذلك على عكس ما حدث خلال احتجاج مناهض للرئيس، في يناير الماضي، فرّقت خلاله المحتجين.

 

ورفض رئيس المجلس الأعلى للقضاء الاتهامات التي وجهها سعيّد للقضاء بالفساد قائلًا “الاتهامات بالفساد لا ينبغي أن تُلقى جزافًا، بل تقدم في شأنها ملفات ومؤيدات ويمكّن الناس من الدفاع عن أنفسهم في شأنها”.

وشدّد على أنه “لا يُتَهم القضاة بالفساد بمجرد الحديث، إنما بملفات تطرح بصفة قانونية ومؤسساتية داخل الأطر التي يسمح بها القانون وليس في وسائل الإعلام”.

وقوبل قرار سعيّد بردود فعل غاضبة في الشارع العربي وعبر منصات التواصل.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، ألغى سعيّد امتيازات مالية ممنوحة لأعضاء المجلس الذي أُسّس عام 2016، متهمًا إياه بتعيين قضاة في مناصبهم على أساس الولاء لقيادته.

وتشهد تونس أزمة سياسية حادة منذ 25 يوليو الماضي، حين بدأ رئيس البلاد قيس سعيّد فرض إجراءات استثنائية منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.

وكان سعيّد أستاذًا في القانون الدستوري قبل الترشح للرئاسة في عام 2019، وهو متزوج بقاضية، وقال مرارًا إن القضاء يجب أن يتذكر أنه يمثل إحدى وظائف الدولة وليس الدولة نفسها.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل + وكالات

إعلان