دور غير مسبوق.. كيف أثرت الحرب الروسية في سوق العملات المشفّرة؟

العملات الرقمية تلقى رواجا في ظل تراجع العملات الرقمية
العملات الرقمية تلقى رواجًا في ظل تراجع العملات الورقية (غيتي)

مع تواصل تضييق الخناق العالمي على روسيا جراء حرب نفذتها بأراضي جارتها أوكرانيا، منذ 24 فبراير/شباط الماضي، تحدّث خبراء عن أهمية العملات المشفّرة بالنسبة لكييف وتوسّع الاعتماد عليها مقارنة بما قبل بداية الحرب الحالية.

وفي أوكرانيا، تؤدي العملات المشفّرة دورًا غير مسبوق يتيح للحكومة جمع ملايين الدولارات لتمويل تصديها للهجوم الروسي.

وتظهر على الساحة جملة أسئلة منها: لماذا تحوّلت أوكرانيا نحو العملات المشفّرة؟ وما التحوّلات التي ستطرأ على هذا القطاع الذي لا يزال فتيًا؟

ما كمية العملات المشفّرة التي جُمِعت؟

منذ أولى ساعات النزاع، فتحت الحكومة الأوكرانية العناوين والمحافظ الخاصة بالعملات المشفّرة، مما أتاح لها تلقّي هذه العملات اللامركزية بشكل مباشر.

وبإمكان أي شخص يمتلك عمليات مشفّرة أن يرسلها إلى هذه العناوين، وباتت العملات المشفرّة -بشتى أنواعها من بيتكوين وإيثيريوم وأيضًا تيثر المقوَّم بالدولار- تتدفق على الحكومة.

وجمعت الحكومة الأوكرانية و”صندوق العملات المشفّرة في أوكرانيا” -الذي أنشأته منصة (كونا) الأوكرانية الرئيسية للقطاع والذي أدمِج مع الصندوق الحكومي- أكثر من 100 مليون دولار.

وأوضح مؤسس منصة (كونا) ورئيسها مايكل شوبانيان (37 عامًا) لوكالة فرانس برس “ما زلنا نجمع عملات مشفّرة ونصرفها لشراء حصص غذائية” للجنود و”سترات مضادة للرصاص وخوذ”.

ويهتم شوبانيان بشكل حصري بجمع التبرعات بالعملات المشفّرة لصالح حكومته.

ما مزايا التبرع بالعملات المشفّرة؟

تُعد المبالغ التي تُجمع من العملات المشفّرة ضئيلة مقارنة بمساعدات بمليارات الدولارات أقرّتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي ومنظمات دولية كبرى، لكنّها تسمح للأفراد بالمساهمة في التمويل.

وقالت المنظمة الأمريكية غير الحكومية (ذا غيفينغ بلوك) التي تُعنى بجمع العملات المشفّرة حول العالم بغية إرسالها إلى أوكرانيا “إنه خيار يلجأ إليه الأفراد الأصغر سنًا بشكل متزايد لدعم قضايا مختلفة”.

من جهة أخرى، تحوّل الأوكرانيون نحو هذه العملات اللامركزية لحماية أنفسهم من تراجع قيمة عملتهم.

وإلى الآن، نجح المصرف المركزي الأوكراني في إيقاف انهيار العملة الوطنية، لكن تداعيات الغزو قد تُفقد (الهريفنيا) الأوكرانية قيمتها.

وباستخدام العملات المشفّرة المقوَّمة بالدولار يتجنب المانحون قدر المستطاع تقلبات أسواق الصرف.

ومن مزايا التبرع بالعملات المشفّرة سرعة التحويلات، ففي حين يمكن أن يستغرق تحويل مصرفي بين بلدين ما يصل إلى 24 ساعة لتنفيذه، عادة ما يستغرق تحويل العملات المشفّرة أقل من ساعة.

ما المساوئ؟

في قطاع لا يزال قيد البناء، لا يجري التبرع بالعملات المشفّرة من دون عقبات، وأراد وزير الصناعة الرقمية الأوكراني مكافأة المانحين بعملة مشفّرة رمزية أنشئت للمناسبة لكنه عاد وتخلى عن مسعاه.

والأسوأ أن مجهولين عمدوا إلى وضع نسخة مزيفة من هذه العملة الأوكرانية المشفّرة، في مسعى منهم لجمع قسم من المبالغ المخصصة للأغراض العسكرية.

من جهة أخرى، من شأن التشجيع على استخدام العملات المشفّرة أن ينقلب في المدى الطويل ضد الحكومة، من خلال حض الأوكرانيين على استخدام نظام مالي مواز.

وبحسب مركز (تشايناليسس)، فقد تُوجَّه التحويلات في شرقي أوربا خصوصًا نحو عناوين خارج المنطقة “وهو ما يمكن أن يؤشر إلى خروج غير قانوني للأموال” لغايات قد يكون من بينها التهرب الضريبي.

ووقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء الماضي، قانونًا لتشريع العملات المشفّرة يضع إطارًا تشريعيًا للمنصات والمستخدمين في بلاد كان هذا القطاع إلى حينه يشكّل اقتصادًا موازيًا.

وأبعد من الحدود الأوكرانية، يجبر النزاع الحكومات على تطوير مفاهيمها للعملات المشفّرة ووضع إطار لها.

وقالت الخبيرة في مركز (تشايناليسس) كارولاين مالكوم لفرانس برس “نأمل أن يؤدي ذلك إلى سياسات تنظيمية متناسبة وفاعلة”.

وفي الولايات المتحدة، أطلق الرئيس جو بايدن مشروعًا لإصدار “دولار رقمي”، وطلب من وكالات فيدرالية عدة إعداد تقارير بشأن المخاطر المرتبطة بالعملات المشفّرة وكيفية التصدي لها.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية + مواقع التواصل

إعلان