أوكرانيا.. قصف مدرسة تؤوي 400 مدني في ماريوبول وتضرر أحد أكبر مصانع الصلب الأوربية

قصف الجيش الروسي مدرسة للفنون استُخدمت ملجأ لمئات الأشخاص في ماريوبول جنوب شرقي أوكرانيا، وسط اتهامات لروسيا بترحيل سكان المدينة بالقوة، بالإضافة إلى تضرر أحد أكبر مصانع الصلب الأوربية.
وقالت بلدية المدينة الساحلية التي تحاصرها القوات الروسية، اليوم الأحد، في بيان عبر تلغرام “أمس السبت ألقى المحتلون الروس قنابل على مدرسة الفنون (جي 12) الواقعة على الضفة اليسرى لماريوبول، التي لجأ إليها 400 من سكانها معظمهم نساء وأطفال ومسنّون”.
وأضافت “نعلم أن المبنى دُمّر وأن المدنيين السلميين ما زالوا تحت الأنقاض، والعمل جارٍ لتحديد عدد الضحايا”، واتهم مسؤولو المدينة روسيا بأنها وراء الهجوم.
ترحيل بالقوة ومعسكرات فرز
بدوره، اتهم حاكم منطقة دونيتسك (بافلو كيريلينكو) موسكو الأحد “بالترحيل القسري لأكثر من ألف من سكان ماريوبول” يعيشون في شرقي المدينة إلى روسيا.
وقال “القوات الروسية أقامت معسكرات فرز يتم فيها التحقق من الهواتف النقالة لسكان ماريوبول قبل مصادرة أوراقهم الثبوتية”، وأضاف على فيسبوك “بعد ذلك يتم إرسالهم إلى روسيا، ومصيرهم على الجانب الآخر من الحدود غير معروف”.
يتامى عالقون داخل مستشفى
في السياق، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود عيان أن مجموعة من 19 قاصرًا معظمهم يتامى يواجهون “خطرًا كبيرًا” بعد أن علِقوا داخل مستشفى في ماريوبول المحاصَرة.
وكان الأطفال والمراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 4 أعوام و17 عامًا قد أُرسِلوا إلى هذه العيادة المتخصصة في علاج أمراض الرئة، قبل بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير/شباط الماضي.
وقال أحد الشهود إن أولياء الأمور لم يتمكنوا من استلامهم بسبب المعارك الدائرة في هذه المدينة التي تتعرض للقصف منذ أسابيع عدة، مشيرًا إلى أن المدينة تعاني نقصًا في المياه والغاز والكهرباء وأن كل الاتصالات عمليًا مقطوعة.
وأضاف أن هؤلاء القصّر لم يغتسلوا منذ أكثر من أسبوعين ويعيشون في أقبية مجمّدة، بعد سقوط صواريخ قرب العيادة خلال الأيام الأخيرة، وتابع “لا توجد تدفئة والجوّ بارد. إحدى الفتيات الصغيرات (8 سنوات) أرَتني جرحًا في وجهها سببه البرد”.
تضرر أحد أكبر مصانع الصلب الأوربية
وأصيب مصنع (آزوفستال) للصلب والمعادن في ماريوبول -أحد أكبر معامل الحديد في أوربا- بأضرار جسيمة بسبب عمليات قصف، وفق ما أعلن مسؤولون أوكرانيون الأحد.
وقالت النائبة ليزيا فاسيلنكو “دُمّر أحد أكبر مصانع الصناعات المعدنية في أوربا. الخسائر الاقتصادية لأوكرانيا هائلة”. ونشرت مقطع فيديو عبر حسابها على تويتر تظهر فيه أعمدة كثيفة من الدخان تتصاعد من مجمع صناعي.
وقال النائب سيرغي تاروتا على فيسبوك إن القوات الروسية التي تحاصر ماريوبول “دمّرت المصنع فعليًا”.
من جهته، صرّح المدير العام لشركة “آزوفستال” إنفر تسكيتيشفيلي -في رسالة فيديو على تلغرام- بأن شركته اتخذت إجراءات احترازية في المصنع منذ الحرب لمنع حدوث أضرار في البيئة.
وأشار إلى أن “بطاريات أفران الفحم لم تعد تشكل خطرًا على حياة السكان، وأغلقنا أفران الصهر بشكل صحيح”، وأضاف “سنعود إلى المدينة ونعيد البناء”، من دون أن يحدد حجم الضرر.
وتملك مصنع “آزوفستال” في ماريوبول مجموعة (ميتينفست) التي يرأسها رينات أحمدوف أغنى رجل في أوكرانيا.
ماذا يحدث في ماريوبول؟
وفقًا لكييف، قُتل أكثر من 2100 شخص في ماريوبول منذ بدء الحرب الروسية قبل 24 يومًا. وتُستهدف ماريوبول المدينة الكبرى في جنوب شرقي أوكرانيا منذ أسابيع بقصف عنيف من القوات الروسية وحلفائها الانفصاليين الموالين لموسكو.
وتسبّب قصف ماريوبول في تحوّل مبانٍ إلى أنقاض وقطع الإمدادات المركزية من الكهرباء والتدفئة والمياه، وفقًا للسلطات المحلية. ويختبئ المدنيون في الأقبية ويعانون نقصًا حادًا في الغذاء والدواء والماء. وروى ناجون أن الجثث ملقاة في الشوارع لعدة أيام، في حين يواجهون الجوع والعطش والبرد القارس.
وظل كثيرون من سكان ماريوبول -البالغ عددهم 400 ألف نسمة- محاصرين أكثر من أسبوعين، بينما تسعى روسيا للسيطرة على المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية، الأمر الذي سيساعدها في الحصول على ممر بري إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها من أوكرانيا في عام 2014، ومنع الأوكرانيين من الوصول إلى بحر آزوف.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب الأحد، إن إلحاق “مثل هذه الأمور بمدينة مسالمة عمل إرهابي سيبقى في الذاكرة حتى في القرن المقبل”، وأضاف أن حصار ماريوبول “سيُسجَّل في التاريخ للمحاسبة لجرائم الحرب”.
ولا تزال فرق الإنقاذ تبحث عن ناجين تحت أنقاض مسرح بالمدينة تقول السلطات المحلية إنه سُوِّي بالأرض بسبب ضربات جوية روسية يوم الأربعاء، وتنفي روسيا قصف المسرح.
ودوّت صفارات الإنذار من غارات جوية في أرجاء المدن الأوكرانية اليوم، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن صواريخ كروز أُطلِقت من سفن في البحر الأسود وبحر قزوين، بالإضافة إلى صواريخ أسرع من الصوت أُطلِقت من المجال الجوي لشبه جزيرة القرم.