نيويورك تايمز: قلق أمريكي من رد فعل الرئيس الروسي على العقوبات القاسية

أجهزة الاستخبارات الأمريكية جعلت من تقييم الحالة الذهنية لبوتين أولوية قصوى (الأوربية)

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن عددا من كبار المسؤولين في البيت الأبيض الذين يرسمون الخطط الاستراتيجية لمواجهة روسيا، بدؤوا سرا بمناقشة مخاوف جديدة تتعلق بأثر سلسلة العقوبات الموجهة لموسكو، التي تسارعت لتحاصر الرئيس فلاديمير بوتين، وقد تدفعه للتصرف بشكل أعنف، مما يعني توسيع الحرب إلى خارج أوكرانيا.

وأوضحت الصحيفة أن القضية أثيرت مؤخرا بغرفة العمليات في الأيام الأخيرة، وفق ما أفاد ثلاثة مسؤولين.

وقالت شخصيات رفيعة في الاستخبارات الأمريكية للبيت الأبيض والكونغرس، إن بوتين يميل إلى التصعيد عندما يشعر أنه محاصَر بسبب نفوذه المفرط، متوقعين عددا من ردود الفعل المحتملة، مثل القصف العشوائي للمدن الأوكرانية للتعويض عن الأخطاء المبكرة التي ارتكبتها قواته في بداية العملية العسكرية، وشن هجمات إلكترونية على نظام الولايات المتحدة المالي، وصولا إلى التهديدات النووية، وربما توسيع الحرب خارج أوكرانيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن النقاش بشأن خطوات بوتين القادمة مرتبط بإعادة تقييم عاجلة من قبل وكالات الاستخبارات الأمريكية للحالة العقلية للرئيس الروسي، وما إذا كانت طموحاته وحبه للمخاطرة قد تغيّر بعد عامين من عزلة جائحة كورونا.

قلق أمريكي

وتسارعت المخاوف الأمريكية في أعقاب تهديد الرئيس الروسي باستخدام السلاح النووي ردا على التعليقات “العدوانية” من الدول الغربية.

وتشير الصحيفة إلى ما سمّته “علامة على عمق القلق الأمريكي” عندما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، الأربعاء الماضي، تأجيل اختبار إطلاق صاروخ “مينتمان 3” الباليستي العابر للقارات.

وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي خلال مؤتمر صحفي “في محاولة لإثبات أنه ليس لدينا أي نية للانخراط في أي أعمال يمكن إساءة فهمها، أصدر وزير الدفاع تعليماته بتأجيل تجربة الصاروخ الباليستي العابر للقارات (مينتمان 3) المقرر إجراؤها هذا الأسبوع”.

وأضاف كيربي أن الولايات المتحدة قررت إلغاء التجربة المخطط لها “لإثبات أننا قوة نووية مسؤولة”.

وتابع “هذه ليست خطوة إلى الوراء في جاهزيتنا، ولا تعني أننا سنلغي بالضرورة الأنشطة الروتينية الأخرى لضمان قدرة نووية ذات مصداقية”.

وتشير الصحيفة إلى أن رد فعل الرئيس الروسي على المجموعة الأولى من العقوبات أثار عددا من المخاوف التي أطلق عليها أحد كبار المسؤولين “مشكلة بوتين المحاصَر”.

وترتبط هذه المخاوف بسلسلة من الإعلانات الأخيرة التي أبرزها: انسحاب شركات النفط مثل إكسون موبيل وشل من تطوير حقول النفط الروسية، والتحركات ضد البنك المركزي الروسي التي أدت إلى انخفاض حاد في سعر الروبل، وإعلان ألمانيا المفاجئ أنها ستلغي حظرها على إرسال أسلحة فتاكة إلى الجيش الأوكراني وزيادة ميزانية الجيش.

وتؤكد نيويورك تايمز أنه بخلاف إلغاء تجربة الصاروخ الباليستي، فلا يوجد أي دليل على أن الولايات المتحدة ستحد من التوترات، وأكد مسؤول أمريكي كبير أنه لا مصلحة لدى واشنطن في التراجع عن العقوبات.

استراتيجية بوتين

وتقول الصحيفة الأمريكية إن بوتين متمسك بموقفه من أوكرانيا ولا يبدو أنه سيتزعزع، ومن المستبعد أن يقبل أي نتيجة لا تحقق هدفه في ضم أو تقريب أوكرانيا من روسيا، فضلا عن أنه يخشى أن يُضعف أي فشل بسيط من قبضته على السلطة، خصوصا بعد الأداء الضعيف لقواته في الأسبوع الأول من الحرب.

وقد تتمثل استراتيجية الرئيس الروسي في الأسابيع القادمة -وفقا لتحذير أطلقه مسؤولون أمريكيون في اجتماعات مغلقة- في توجيه الصراع نحو العاصمة الأمريكية واشنطن، على أمل أن يصرف الانتباه عن هجمات الجيش الروسي على المدنيين في أوكرانيا، وإثارة ردود فعل قومية تجاه عدو قديم.

وتشير الصحيفة إلى أن بوتين لو أراد أن يضرب نظام الولايات المتحدة المالي، مثلما فعل نظيره بايدن بنظامه المالي، فأمامه طريقة واحدة خطيرة، هي جيشه من المخترقين أصحاب الاحترافية العالية ومنفذي هجمات الابتزاز، الذين تعهد بعض منهم بشكل علني بمساعدته في المعارك.

سيناريوهات خطيرة للولايات المتحدة

وأعربت تاتيانا بولتون -مديرة سياسات الأمن السيبراني والتهديدات الناشئة في معهد آر ستريت- عن قلقها من احتمال أن يلجأ الرئيس الروسي إلى تنشيط “البرامج الضارة المثبتة مسبقا في قطاع الطاقة، كوسيلة للهجوم على الولايات المتحدة”.

كما تخوف أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي من إطلاق الرئيس الروسي شبكة المخترقين الذين سبق أن نفذوا هجمات ابتزاز أدت إلى إغلاق مستشفيات ومصانع معالجة لحوم وتعطيل شبكة خطوط (Colonial Pipeline) التي كانت تنقل نحو نصف البنزين والديزل ووقود الطائرات على الساحل الشرقي.

وتشير الصحيفة إلى احتمال آخر، وهو تهديد بوتين بالتوغل البري في مولدوفا أو جورجيا اللتين ليستا من أعضاء حلف شمال الأطلسي، أي من الأراضي التي لن يستطيع الجيش الأمريكي أو قوات الناتو  دخولها.

وتختم بالإشارة إلى تخوفات أكبر من تهديدات نووية محتملة، وتلفِت إلى أنه في يوم الأحد 27 فبراير/شباط، طرحت بيلاروسيا استفتاء عدّل دستورها، بحيث يسمح بوجود الأسلحة النووية على أراضيها.

ورجّح مسؤولون أمريكيون أن يطلب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو من نظيره الروسي وضع أسلحة تكتيكية في بلاده “الأقرب إلى العواصم الأوربية”.

لكن وفقا للظروف الحالية، فمن المتوقع أن تكون الخطوة القادمة لبوتين هي تصعيد عملياته في أوكرانيا.

وأطلقت روسيا، في 24 فبراير/شباط الماضي، عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية مشددة على موسكو.

ولدى إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء الهجوم، أكد أن هدف العملية الدفاع عن الانفصاليين المدعومين من موسكو في شرقي أوكرانيا.

ويقاتل المتمردون القوات الحكومية الأوكرانية منذ 8 سنوات في نزاع أسفر عن مقتل أكثر من 14 ألف شخص.

ووصف بوتين النزاع الحالي بأنه “عملية عسكرية خاصة”، وأمرت الهيئة الروسية للاتصالات وسائل الإعلام المستقلة بحذف التقارير التي تصف العملية بأنها “هجوم أو غزو أو إعلان حرب”.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان