تقرير: جيش الاحتلال استخدم طفلة فلسطينية درعا بشريا خلال اقتحام جنين

قال فرع فلسطين من الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال إن جنود الاحتلال استخدموا طفلة عمرها 16 عامًا درعًا بشريًّا أمام مركبة عسكرية إسرائيلية، أثناء اقتحامهم مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، في 13 مايو/ أيار الجاري.
وفيما يعتبر جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني، ووفق المعلومات التي جمعتها الحركة، أجبر جنود الاحتلال الطفلة عهد مرعب من سكان حي الهدف بجنين على الوقوف أمام مركبتهم العسكرية مدة ساعتين تقريبًا، وسط تبادل لإطلاق الرصاص الحي بشكل كثيف بين جنود الاحتلال ومقاومين فلسطينيين.
وبحسب بيان للحركة قالت الطفلة الفلسطينية عهد إنه “في حوالي الساعة السادسة من صباح ذلك اليوم استيقظت وأفراد عائلتي على أصوات انفجارات قوية قريبة من منزلنا وسمعت شخصًا ينادي بصوت عال (محمود سلم نفسك)، حينها عرفت أن جيش الاحتلال يحاصر المنزل بهدف اعتقال شقيقي محمود البالغ من العمر 20 عامًا”.
وأضافت “بعدها بدأ أحد الجنود بالمناداة وطلب منا جميعًا الخروج وبقي شقيقي محمود داخل المنزل، وبعد خروجنا لم نشاهد أي وجود لجنود الاحتلال أو لمركباتهم العسكرية، لكن أحد الجنود طلب منا بصوت عال أن نتقدم وندخل إلى ساحة أحد المنازل المقابلة لمنزلنا”.
وتابعت الطفلة “فور وصولنا قام الجنود بتفتيش والدي وتكبيله، بعدها طلب أحد الجنود من والدتي أن تصطحبنا إلى نهاية الشارع المحاذي لمنزلنا وعند وصولنا إلى هناك كان يقف جيب عسكري إسرائيلي، فطلب منا الجنود أن نجلس أرضًا أمام أحد المنازل القريبة، وكنا نبكي ونرتجف من شدة الخوف، فقام أحد الجنود بإدخال شقيقَي إلى المنزل الذي جلسنا بجواره”.
واستطردت “بعد حوالي نصف ساعة وصل للمكان جيب عسكري إسرائيلي، وقام الجنود باقتياد والدتي إلى داخله ثم غادر، فبقيت بمفردي بين جنود الاحتلال، وهنا ازداد خوفي ورعبي”.
وزادت “في حوالي الساعة الثامنة صباحًا وقع إطلاق نار كثيف من قبل مسلحين باتجاه الجيب العسكري الذي كنت أجلس بالقرب منه، فأمسكني الجنود بسرعة وطلبوا مني أن أبقى واقفة أمام مقدمة الجيب وبعدها صعدوا جميعهم إلى داخل الجيب، وفي تلك اللحظات كان الرصاص يحيطني من كل جانب”.
وقالت الطفلة “كنت أرتجف وأبكي، طلبت من الجنود أن يبعدوني عن المكان لأن الرصاص يمرّ من فوق رأسي، فقال لي أحدهم باللغة العربية ومن خلال نافذة صغيرة في الجيب (ظلك مكانك وما تتحركي أنت إرهابية، وظلك محلك حتى تودعي أخوك محمود)”.
وقالت عهد “بسبب كثافة النيران باتجاه الجيب الذي كنت أقف أمامه أنزلت رأسي للأسفل كي لا يصيبني الرصاص، حينها صرخ الجندي من داخل الجيب وقال لي (ارفعي رأسك ما تنزليه) وهذا ما حصل فعلًا، طوال تلك الفترة لم أنقطع عن البكاء والطلب من الجنود لكي لا أبقى في مكاني إلا أنهم لم يستجيبوا لي نهائيا، وبعد مرور حوالي ساعتين على وقوفي أمام الجيب، وجراء الخوف والرعب حيث لم يعد بمقدوري مواصلة الوقوف، غادرت المكان وتوجهت نحو شجرة قريبة وجلست على الأرض وكنت حينها منهارة بكل معنى الكلمة”.
وبعد حوالي ساعتين، أخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل العائلة المكون من طابقين، حيث كانت عهد تعيش مع والديها و3 أشقاء وجديها وأعمامها وزوجاتهم وأطفالهم الثمانية الذين تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة و11 سنة، ثم قصفت قوات الاحتلال المنزل بقذائف صاروخية، مما أدى إلى اشتعال النيران فيه، كما أطلقت عليه الذخيرة الحية.
وانسحبت قوات الاحتلال من الحي في حوالي الساعة 11 صباحًا، بعد اعتقال محمود شقيق عهد، ونُقلت عهد إلى مستشفى في جنين وعولجت من ضغوط نفسية شديدة ونقص حاد في الأوكسجين.
وأوضح بيان الحركة أن القانون الدولي صريح ويحظر بشكل مطلق استخدام المدنيين دروعًا بشرية، أو إجبارهم على تقديم المساعدة المباشرة للعمليات العسكرية أو استخدامهم لحماية القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة أو الأهداف من الهجمات، وهذه الممارسة محظورة أيضًا بموجب القانون الإسرائيلي بناء على حكم صدر عام 2005 عن المحكمة العليا للاحتلال.
ومنذ عام 2000، وثقت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال -فرع فلسطين ما لا يقل عن 26 حالة تتعلق باستخدام أطفال فلسطينيين دروعًا بشرية من قبل جيش الاحتلال، حدثت جميعها باستثناء حالة واحدة بعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بهذا الخصوص.
وقد أدين في حالة واحدة فقط من تلك الحالات جنديان إسرائيليان بتهمة “سلوك غير لائق” و”تجاوز السلطة”، فتم تخفيض رتبتيهما وحكم عليهما بالسجن 3 أشهر مع وقف التنفيذ.