دعا التونسيين للتصويت بنعم.. سعيد يدافع عن مشروع دستوره المثير للجدل وتزايد دعوات مقاطعة الاستفتاء

الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)

قال الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الثلاثاء إن الدستور المقترح لا يعيد البلاد الى الحكم الاستبدادي ليرد بذلك على انتقادات وجهتها مختلف الأطياف السياسية، ويحث المواطنين على دعمه في الاستفتاء، والتصويت بنعم للدستور الجديد “حتى لا يصيب الدولة الهرم”.

يأتي ذلك بينما توالت الدعوات لمقاطعة الاستفتاء، وجددت الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء اليوم موقفها الرافض للتصويت على مشروع الدستور المقترح. وتضم الحملة 5 أحزاب يسارية واجتماعية هي “الحزب الجمهوري، التكتل الديمقراطي، التيار الديمقراطي، حزب العمال، حزب القطب”.

ونشر سعيد، الذي أطاح بالبرلمان المنتخب الصيف الماضي ليحكم بمرسوم في خطوة يصفها خصومه بأنها انقلاب، مسودة دستور جديد من شأنه أن يوسع سلطاته بشكل كبير بينما يضعف المراقبة على أفعاله.

وقال الرئيس التونسي، في رسالة نُشرت على الإنترنت إنه “لا يوجد خطر على حقوق التونسيين وحرياتهم” واتهم المنتقدين لدستوره بأنهم “دأبوا على الافتراء”.

ويقول أنصار الرئيس التونسي إنه “يتصدى لقوى النخبة التي تسبب فسادها في إصابة تونس بالشلل السياسي والركود الاقتصادي، على مدى عقد.

نسخة الرئيس “خطيرة”

وتعارض معظم الأحزاب السياسية وجماعات المجتمع المدني دستور الرئيس، قائلة إنه تم وضعه من جانب واحد وسوف يفتقر إلى الشرعية لأن التونسيين أمامهم أقل من أربعة أسابيع لاتخاذ قرار بشأنه، ولا يوجد حد أدنى لمشاركة الناخبين لتمريره.

وحتى رئيس اللجنة التي عينها سعيد لإعداد المسودة الأولى من الدستور، الذي أعاد الرئيس صياغته بعد ذلك، قال هذا الأسبوع إن نسخة الرئيس “خطيرة وتمهد الطريق لنظام ديكتاتوري مشين”.

وقال رئيس اللجنة الصادق بلعيد إن النسخة التي قدمها سعيد لا تشبه المسودة التي أعدتها اللجنة، ونأى بنفسه من النص الذي نشره الرئيس سعيد يوم الخميس.

وقدّم صادق بلعيد رئيس “اللجنة الوطنية الاستشارية لجمهورية جديدة” التي كلّفها سعيد صوغ دستور جديد، مسودّته للرئيس في 22 يونيو/حزيران.

وأكد بلعيد- وهو من أشهر خبراء القانون في تونس- في رسالة نشرتها صحيفة الصباح يوم الأحد، أنّ مسودة الدستور الصادرة الخميس في الجريدة الرسمية “لا تمت بصلة إلى تلك التي وضعناها وعرضناها على الرئيس”.

صادق بلعيد-رئيس لجنة إعداد مسودة الدستور التونسي(غيتي)

دعوات للمقاطعة

ودعت قوى تونسية متعددة لمقاطعة الاستفتاء على وثيقة الدستور المقترحة والتي ستعرض للاستفتاء هذا الشهر، ودعت إلى توحيد القوى الوطنية من “أجل إسقاطه”.

وقالت (جبهة الخلاص الوطني) في بيان اليوم الثلاثاء، إنّ مسار “الإعداد لهذا المشروع جاء في سياقُ الانقلاب على الشرعية الدستورية والانفرادِ بالقرار واحتكار كلّ السّلطات”.

وأكدت أن المشروع صيغ في ظل إقصاء الأحزاب ومنظّمات المُجتمع المدني والشخصيات الوطنية المستقلة، وقالت “أُحيطت صياغته بجوّ من التكتّم والسرية دفع بالكثير من المشاركين في الاستشارة إلى الانسحاب منها”.

واعتبرت الجبهة أن مشروع الدستور المقترح يمثل رِدّةً تهدد بالعودة بالبلاد إلى الحكم الفردي المطلق الذي عانت منه لمدة تزيد عن 5 عقود حتى جاءت الثورة لترسيَ حكما قائما على الفصل بين السلطات أشاع الحريات وضمن الحقوق عبر مختلف الأجيال، بحسب البيان.

ورفضت الجبهة المشروع وقالت إنها ستقاطع الاستفتاء بسبب ما وصفتها بأنه انقلاب على الشرعية الدستورية وتعلن تمسكها بدستور 2014 وتعتبر أن إصلاحه يكون نتيجة حوار وطني شامل يحافظ على مبادئ الفصل بين السلطات والتوازن والرقابة المتبادلة بينها شرطا لضمان الحقوق والحريات وسيادة القانون.

من جانبها نبهت نقابة الصحفيين التونسيين إلى ما وصفته “بخطورة مشروع الدستور الجديد”، واعتبرته بغير المستجيب لحريات الصحافة والتعبير.

وقالت إن المشروع “يتضمن دسترة لحرية الصحافة والتعبير مع فتح المجال أمام التراجع عن جوهر هذه الحرية بمقتضى عبارات فضفاضة مثل الآداب العامة والأمن القومي والصحة العمومية”.

وأشارت إلى أنه يلغي الهيئات الدستورية ومنها هيئة الاتصال السمعي البصري بما يفتح المجال أمام السلطة التنفيذية بالتدخل المباشر في قطاع الإعلام عبر منح إجازات البث وسحبها وتسليط العقوبات.

وأوضحت أن ذلك يتعارض مع مكاسب الثورة والمعايير الدولية وتعديل الإعلام بطريقة تشاركية وعبر هيئات دستورية مستقلة وفاعلة ويرجعه إلى مربع هيمنة السلطة ومحاولة توظيفه وضرب استقلاليته.

وقالت إن المشروع لم يضمن الفصل بين السلطات، مع منح رئيس الجمهورية صلاحيات مطلقة دون تقييد أو رقابة من أي جهة أخرى.

ورفضت النقابة مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء ونبهت من ” من خطورته لعدم استجابته لمبادئ حرية الصحافة والتعبير والحقوق والحريات واستقلالية القضاء والفصل بين السلطات والتوازن فيما بينها”.

وفي ذات السياق دعا (حزب الإرادة الشعبية) الشعب التونسي وأحزابه ومنظماته وقواه الحية “لرفض الدستور الجديد الذي قَدَّمَهُ قائد انقلاب 25 يوليو ومقاطعة الاستفتاء عليه”.

وقال إن أي موقف آخر غير الرفض والمقاطعة يعني عمليا “اعترافا بالانقلاب الباطل ومراسيمه الباطلة وهيئة الانتخابات المعينة من طرفه والتي فقدت شرعيتها بسيطرة قائد الانقلاب عليها، بحسب البيان.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات