بعد معارك انتخابية محتدمة وأزمة غلاء.. ليز تراس على أعتاب السلطة في بريطانيا

وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس على أعتاب السلطة في بريطانيا (رويترز)

بعد صيف من الحملات الانتخابية وشبه الفراغ في السلطة وسط أزمة غلاء معيشة، ينتهي السباق إلى رئاسة الحكومة البريطانية اليوم الجمعة، وتبدو ليز تراس الأوفر حظًّا في مواجهة ريشي سوناك.

ولم تؤد التجمعات واستطلاعات الرأي إلى شيء سوى تأكيد الفارق الكبير بين وزيرة الخارجية (47 عاما) ووزير المال السابق (42 عاما) داخل حزب المحافظين الذي سيصوت أعضاؤه بالبريد أو عبر الإنترنت قبل الساعة 16.00 بتوقيت غرينتش.

وشهدت الحملة الانتخابية معركة محتدمة بين المرشحين المحافظين لخلافة بوريس جونسون المستقيل، وهما الوزيرة المتمرسة ليز تراس، وريشي سوناك وزير المال السابق ذو الخبرة السياسية المحدودة الذي اعتمد الصراحة في نهجه دون أن يتمكن دائمًا من إيصال رسائله.

وأظهرت استطلاعات الرأي تقدّمًا كبيرًا لتراس بفارق 32 نقطة، لدى أعضاء حزب المحافظين الذي سينتخبون اليوم الجمعة زعيمهم الجديد على أن تُعلن النتيجة يوم الاثنين.

ليز تراس وريشي سوناك وصراع محتدم على رئاسة الوزراء في بريطانيا (رويترز)

ثالث سيدة في المنصب

وستعلن النتيجة ظهر يوم الاثنين، وإذا لم تحدث مفاجأة فستصبح ليز تراس رابع رئيس للحكومة منذ الاستفتاء على بريكست، وثالثة امرأة تشغل هذا المنصب بعد مارغريت تاتشر وتيريزا ماي.

وستتولى ليز المنصب خلفا لبوريس جونسون الذي أجبر على الاستقالة في أوائل يوليو/ تموز، بسبب سلسلة فضائح، وسيقدم بوريس جونسون يوم الثلاثاء استقالته إلى الملكة إليزابيث الثانية.

وينتظر البريطانيون هذا الاستحقاق، لمعالجة ارتفاع رسوم الكهرباء التي تخنق المنازل والمدارس والمستشفيات والشركات، مما يؤدي إلى نزاعات اجتماعية غير مسبوقة منذ سنوات تاتشر (1979-1990).

وقال المحلل السياسي جون كيرتس “ستكون مفاجأة كبيرة إذا لم تفز، مشيرا إلى ما وصفه “بالتقدم المتراكم في استطلاعات الرأي وقدرة تراس على جذب أعضاء حزب المحافظين سياسيا وتقديم رسالة واضحة لهم”.

والسياسية المخضرمة ليز تراس، التي ظلت تنتقل من منصب وزاري إلى آخر منذ 10 سنوات، نجحت في إقناع قاعدة الحزب بوعد بتخفيضات ضريبية ضخمة وتبني لهجة قاسية جدا ضد النقابات.

وأدى ذلك إلى تشبيهها بمارغريت تاتشر “أيقونة التيار المحافظ” على الرغم من أن منافسها يعمل على انتزاع هذا الإرث بتقديم نفسه على أنه مدافع عن الحذر في الميزانية.

وواجه (ريشي سوناك) -وهو حفيد مهاجرين هنود وسيصبح أول رئيس وزراء غير أبيض في البلاد إذا حدثت مفاجأة- صعوبة في تغيير صورته التي تظهر أنه “تكنوقراطي ثري وبارع في إلقاء الدروس وخائن تمكن من تسريع سقوط بوريس جونسون باستقالته من الحكومة” في أوائل يوليو/تموز.

وما زال جزء من قاعدة الحزب يشعر بالأسف لرحيل جونسون، وتتراوح هذه القاعدة بين 160 و200 ألف شخص أي (نحو 0.3%) من السكان ويشكل الذكور والمسنون والبيض نسبة عليا منها، وسيقررون من سيكون رئيس الوزراء المقبل.

ولم يكشف الحزب يوما عدد أفراده الدقيق، لدرجة أن موقعًا إخباريًّا يلاحقه قضائيا لمزيد من الشفافية.

رئيس الحكومة الـ15

وسيقدم بوريس جونسون يوم الثلاثاء استقالته إلى الملكة إليزابيث الثانية في مقر إقامتها الصيفي في اسكتلندا، في سابقة للملكة البالغة من العمر 96 عامًا التي تواجه صعوبة في التنقل ولن تسافر إلى لندن.

وسيتبعه خلفه الذي سيكون رئيس الحكومة الـ15 في عهد الملكة المستمر منذ 70 عاما، قبل أن يعود إلى لندن لإلقاء خطابه الأول أمام مقر الحكومة في داونينغ ستريت ويشكل حكومته ويواجه زعيم المعارضة (كير ستارمر) للمرة الأولى الأربعاء في البرلمان.

ويبدو أن هذه المهمة ستكون صعبة في ظل انقسام الغالبية بسبب الفضائح وفي بلد يواجه تطلعات اسكتلندا للاستقلال وخلافات ما بعد بريكست في أيرلندا الشمالية.

واتخذت أزمة تكلفة المعيشة منعطفًا دراماتيكيًّا مع الإعلان عن زيادة بنسبة 80% في كلفة الطاقة المنزلية في أكتوبر/تشرين الأول مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم الذي يبلغ اليوم أكثر من 10%، إلى 22% وفق أسوأ التوقعات.

ومن وسائل النقل إلى عمال البريد وعمال الموانئ والمحامين، استمرت الإضرابات في الانتشار، في حين وعدت ليز بتخفيضات ضريبية ضخمة بدلًا من المساعدات المباشرة، وقالت إنها تريد الحد من الحق في الإضراب.

لكن ليز المرشحة للفوز، وعدت أمس الخميس “بالدعم الفوري” للأسر التي تواجه صعوبات لكنها لم تذكر تفاصيل بهذا الشأن.

وكان بوريس جونسون غائبا خلال الصيف إذ أمضى إجازة في سلوفينيا ثم في اليونان، ورفض استبعاد العودة إلى السياسة ويبدو وجوده مربكًا، لكنه وعد بأن يقدم “الدعم الكامل” لخليفته.

المصدر : الفرنسية

إعلان