“بعنا رزقنا وما عدنا نتحمل”.. رحلة عذاب “غير مجانية” لمرضى الأورام في صبراتة الليبية (فيديو)

رصدت كاميرا الجزيرة مباشر معاناة المرضى الليبيين داخل المعهد القومي لعلاج الأورام في مدينة صبراتة الساحلية الواقعة غرب العاصمة طرابلس والقريبة من الحدود مع تونس.

ونقلت جولة الكاميرا رحلة عذاب “غير مجانية” يعيشها مرضى السرطان كل 21 يومًا حيث يتلقون الجرعات والأدوية المكملة التي تبدأ أسعارها من 550 دينارًا (110 دولارات) إلى 20 ألفًا (4000 دولار) بحسب عدد الجرعات ونوع الحالة.

جميع الصور خاصة للجزيرة مباشر

عذاب “غير مجاني”

وبين ضعف الإمكانات وتحمّل المريض عبء تكلفة الدواء، تتفاقم المعاناة وتتسع، فمن لم يوفر ثمن الجرعات في موعدها يلجأ إلى بيع ممتلكاته، فإن لم يجد يضطر إلى الاستدانة إلى أجل غير مسمى إن لم يدركه الموت.

تشيد إحدى المريضات بالمعاملة الطيبة داخل المعهد لكنه لا يوفر لها مجانًا الجرعات الـ8 المحددة لها والتي تتكلف الواحدة منها نحو ألف دينار، بالإضافة إلى حبوب علاجية مكمّلة تتكلف 520 دينارًا كل 17 يومًا.

إلى تونس

ويشير مريض آخر إلى أن الإبر كلفّته في البداية 1500 دينار (300 دولار) إلى أن وصل 5 آلاف دينار (1000 دولار)، مؤكدًا عدم صرف أي أدوية مجانية، مردفًا “الله يكون في عون الناس”.

واضطرت مريضة ثالثة إلى التفكير أبعد من ذلك بعدما ازدادت حالتها سوءًا جراء ورم في الدماغ كلّفها علاجه قرابة 20 ألف دينار، فما كان من زوجها إلا أن يتجه كل أسبوع إلى تونس القريبة من صبراتة لصرف الدواء مجانًا عن طريق السفارة، رغم صعوبة الرحلة.

“بِعنا رزقنا”

أما المريض الرابع الذي التقته كاميرا الجزيرة، فوجّه نداءً لحكومة عبد الحميد الدبيبة ووزير الصحة وقال متحسرًا “نبغي علاج، نبغي دواء، كيف أنت راقد ببيتك واحنا تعبانين؟”.

يقول المريض إنه اشترى أدوية بنحو 4 آلاف دينار، مردفًا “تعبنا بالإبر، تعبنا بالحياة، تعبنا بالدنيا كلها. بعنا رزقنا، بعنا دنيتنا، دخلنا في سلفيات، كلنا تعبنا، كلنا ما عدنا نتحمل”.

ميدان طبي متعثر

ورغم إشارة المدير التنفيذي للمعهد إلى الدعم الذي تقدمه وزارة الصحة وفق الإمكانات المتاحة لها ومحاولة المعهد توفير بعض أصناف الأدوية، إلا أنه أرجع سبب المشكلة الرئيسي إلى الميدان الطبي الذي تعثر فترة طويلة بسبب الحرب وبالتالي لم يقم بدوره في إحضار الطلبيات وتوفير العلاجات والأدوية المصاحبة أو ما يسمى بالعلاج الثاني أو المكمّل.

وأضاف المسؤول للجزيرة مباشر، أن المعهد يضطر في أغلب الأحيان إلى شراء الأدوية المطلوبة مما ترتب عليه تراكم الديون، بالإضافة إلى أن قسم الأنسجة -على سبيل المثال- لا تتوافر فيه بعض الصبغات المناعية لو توَرّد إلى المعهد فيضطر المريض إلى إجراء فحص العينات في المراكز الخارجية والخاصة.

واختتم بمناشدة وزارة الصحة ورئاسة الوزراء بالنظر إلى معهد الأورام والاهتمام بأحوال المرضى في ربوع ليبيا.

محاولات إيجاد حلول

ويعد المعهد القومي لعلاج الأورام بصبراتة أحد أهم المستشفيات المتخصصة في علاج الأورام، وتُكافح السلطات الليبية من أجل إيجاد حلول لما يواجهه مرضى الأورام في البلاد في ظل النقص الحاد في تأمين الأدوية لعلاجهم في وقت تساهم الجهود الأهلية والخيرية في التخفيف قليلًا من العجز الحكومي.

وقبل أشهر قليلة، ناقشت وزارة الصحة خطة حكومية لتحسين وتطوير علاج أمراض الأورام وتطوير العلاج في المستشفيات الليبية ووضع قاعدة بيانات مشتركة بين المراكز الصحية، وأعطت أولوية لتوفير المشغلات بالمعامل بكل أنواعها بهدف التشخيص والعلاج، وخصوصًا بنوك الدم ومراكز زراعة نخاع العظام التي يعاني بعضها توقفًا في ظل نقص المعدات.

وفي مارس/آذار الماضي، أجرى وفد من وزارة الصحة زيارة إلى “مركز الطب العالمي” في مصر للتعاقد معه لعلاج مرضى الأورام الليبيين باستخدام الجراحة الإشعاعية الجاما نايف، وتقنية المسح الذري.

وأبدى المركز المصري استعداده لاستقبال مرضى الأورام والزراعات المختلفة بموجب الاتفاقيات المبرمة سابقًا بين وزارتي الصحة الليبية والمصرية.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان