يحيى حسين عبد الهادي للجزيرة مباشر: عملية طوفان الأقصى “مذهلة” وهذا رأيي في أحمد الطنطاوي

أشاد مؤسس الحركة المدنية في مصر المهندس يحيى حسين عبد الهادي بعملية “طوفان الأقصى” وقدرة المقاومة المذهلة على الحفاظ على سريتها وابتكار الحلول رغم حصار قطاع غزة.
ولكن عبد الهادي أبدى قلقه، في حوار مع موقع الجزيرة مباشر، من التداعيات التي قد تنجم عن عملية طوفان الأقصى.
وقال إن هناك تداعيات فورية معتادة بدأت بالفعل بالقصف والتدمير الإسرائيلي لكل مظاهر الحياة في غزة بمساندة وتأييد وإعلام غربي مُجحف، مع استمرار “الموقف المخزي للنظام الرسمي العربي”، على حد قوله.
وأبدى السياسي المصري قلقه من احتمال أن ينتهز البعض الفرصةَ لتنفيذ صفقة القرن، مضيفا أن ما أُشيع عن تفاصيلها “مرعب ومُهين ومرفوض، ونأمل ألا يكون حقيقيا”.
وعن الانتخابات الرئاسية في مصر، أوضح عبد الهادي أنها مناسبة مهمة في الدول الطبيعية لتثبت مبدأ سيادة الشعب، وهي مهمة كذلك في الدول الاستبدادية لـ”فضح الممارسات الديكتاتورية”.
وأعرب عن اعتقاده بأن الانتخابات الرئاسية في مصر مسرحية، لكن مرشحه في هذه الانتخابات أحمد الطنطاوي “مرشح جاد”.
وقال مؤسس الحركة المدنية في مصر إن عدم اتفاق الحركة على مرشح رئاسي واحد في هذه الانتخابات هو أمر طبيعي جدا في هذه المرحلة.
وفي ما يلي نص الحوار:
كيف تابعتَ عملية طوفان الأقصى وما تبعها من إعلان الحرب من جانب إسرائيل؟
الجديد في عملية طوفان الأقصى هو حجمها والقدرة المذهلة على الاحتفاظ بِسرّيتها وابتكار الحلول، رغم ظروف الحصار التعجيزية التي يعيش فيها سكان غزة منذ أكثر من نصف قرن.
وما تقييمك للتداعيات المتوقعة خلال الأيام المقبلة؟
التداعيات تنقسم إلى: تداعيات فورية معتادة بدأت بالفعل بالقصف والتدمير الإسرائيلي لكل مظاهر الحياة في غزة، بمساندة تأييد وإعلام غربي مُجحف، مع استمرار الموقف المخزي للنظام الرسمي العربي.
أما التداعيات الآجلة فغير مؤكدة، وقد تحدث باتساع رقعة المعارك بانضمام أطراف أخرى.
لكن ما يستوجب القلق فعلا هو احتمال أن ينتهز البعض الفرصة لتنفيذ صفقة القرن، التي كان النظام المصري هو أول من أعلن عنها وباركها، ولم يصدُر أي توضيح رسمي لها فيما بعد، وما أُشيع عن تفاصيلها مرعب ومُهين ومرفوض، ونأمل ألا يكون حقيقيا.

إذا انتقلنا إلى مصر، ما حجم الأهمية التي تمثلها الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر برأيك؟
في الدول الطبيعية، تكون الانتخابات الرئاسية مناسبة مهمة لتغيير السياسات أو دعمها، وتأكيد وترسيخ مبدأ أن السيادة للشعب، وأن الرئيس ليس إلا موظفا لديه، إن شاء جدَّد له وإن شاء عزله.
أما في الدول ذات الحكم الاستبدادي، فإن الأهمية الحقيقية لما يُسمى الانتخابات الرئاسية هي أنها فرصة لفضح ديكتاتورية النظام، عبر ممارساته التي تزداد فضائحية وغباء مع الزمن، وهو ما يبدو واضحا وجليّا في النسخة الحالية.
لماذا عجزت الحركة المدنية على الاتفاق على مرشح واحد والالتفاف حوله، ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟
أعتقد أن عدم الاتفاق على مرشح واحد في هذه المرحلة شيء طبيعي وليس عجزا، فطبيعة الحركة أنها تحالف بين قوى متفقة على عنوان عريض، وهو السعي إلى دولة مدنية ديمقراطية، ولكنها مختلفة في مسارات الوصول لهذا الهدف، أي اختلاف في التكتيكات لا الهدف الاستراتيجي.
ثم إن الحركة تحالف سياسي وليست تحالفا انتخابيا، ومن ثم فطبيعي مثلا أن تميل عشرة أحزاب إلى مرشح ويرى حزب واحد أن مرشحا آخر أقرب إلى برنامجه. الأمر يتعلق بطبيعة التحالف بين قوَى سياسية متباينة من اليمين إلى اليسار مرورا بالوسط، وليس عجزا.
ولكن في المرحلة التالية، أي بعد إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات القائمة النهائية للمرشحين، سيكون هناك حديث آخر.
هل ترشح أكثر من شخص من داخل الحركة المدنية يُفيد المعارضة أم يضرها؟
بلا شك، فإن ترشح مرشح واحد كان سيكون أكثر إفادة، لكن الوضع الحالي ليس ضارا بالحركة، فهناك اتفاق مُعلَن بين داعمي المرشحين الثلاثة على عدم السماح بأي تجاوزات بينية في الدعاية بحق أي منهم. وقد اتفق الجميع في المؤتمر الصحفي الأخير على إدانة انتهاكات السلطة ضد أي من المرشحين، بمن فيهم من هم من خارج الحركة.
بل إن الحركة أوصت عناصرها بعدم المساس بالمواطنين الذين تحشدهم السلطة قهرا أمام مقار الشهر العقاري لتعويق حصول مرشحينا على التوكيلات باعتبارهم ضحايا لا جناة.

من الذي يرشحه المهندس يحيى في الانتخابات المقبلة؟ ولماذا؟
نجحت في تحرير توكيل للأستاذ أحمد الطنطاوي، وقد كان رأيي ولا يزال أن هذه الانتخابات مسرحية هزلية ولكن من جانب السلطة فقط. أما الطنطاوي وحملته فيدخلون المعركة جادين تماما وبمنتهى الجسارة والإباء، ويكسبون لمصر على الأرض مساحات جديدة كل لحظة، وأعاد تذكير قطاعات كبيرة من المصريين بأن الرئيس كائن بشري يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، موظف خادم لهم وليس سيدا عليهم، يحاسبونه ولا يحاسبهم، يُقدس الدستور والقانون ويخضع لهما، وهي بديهيات رسخت السلطة الحالية عكسها طوال السنوات الماضية، ولو لم يفعل أحمد الطنطاوي غير تذكير الناس بهذه البديهيات لكان ذلك سببا كافيا لتأييده.
كيف يُقيّم المهندس يحيى مخرجات الحوار الوطني؟
كان رأيي، الذي عبَّرت عنه في مقال بعنوان (العار والحوار) منذ حوالي عام، وهو أحد المقالات الثلاثة التي أحاكَم بها حاليا، أنه لا يجوز أن يبدأ الحوار قبل التخلص من عار امتلاء السجون بعشرات الآلاف من السجناء السياسيين، وإلا تحوَّل إلى نقاش بين سجان وأسير، وهو ما لم يحدث، بل أُضيف إلى ذلك خطوطٌ حمراء أفرغت الحوار من معناه، لذلك لم أتابع هذه الجلسات، ولَم أكترث بمخرجاتها، وبالتالي لا أستطيع تقييمها.
في ملف المعتقلين السياسيين، هل ترى بوادر في الأفق لتعديل مدة الحبس الاحتياطي؟
طالما بقيت هذه السلطة فلا يرجى منها أي تعديل لصالح حقوق الإنسان. أي تعديل هو اضطرار للتحايل على انتقادات خارجية، سرعان ما تلتف عليه بقوانين جديدة تفرغ التعديلات من مضمونها، مثلما حدث مع إلغاء حالة الطوارئ. العقيدة الراسخة لدى هذه السلطة هي أن امتلاء السجون بالمعارضين إنقاذ للوطن.
ما حجم المخاوف التي تنتابك انتظارا لجلسة ٩ نوفمبر/تشرين الثاني المخصَّصة للحكم في أحدث الاتهامات الموجَّهة إليك؟
لا تنتابني أي مخاوف، ولا أشغل بالي بما سيحدث، ما يشغلني فقط هو الثبات على ما أراه حقا، وأن أقاوم الفسدةَ والمستبدين ما حيِيت، وحتى من القبر سألاحقهم.