يخوضون حربا قانونية.. مناصرو فلسطين يواصلون التظاهر في بريطانيا رغم محاولات ترهيبهم
يتكرر ذات المشهد كل سبت في قلب العاصمة البريطانية لندن منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة. يحتشد آلاف المتظاهرين، وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية، ويرفعون شعارات تناصر غزة، وتتوالى الخطب في ميدان “الطرف الأغر” في لندن تطالبة بوقف الحرب، وتندد بالقصف الإسرائيلي المستمر الذي حصد أرواح آلاف المدنيين في غزة.
مشهد يزعج بعض المنظمات والشخصيات في بريطانيا، إذ لا تقبل أن يكون الصوت المناصر لفلسطين، والمنتقد لإسرائيل، قويا ومسموعا إلى هذا الحد. ومن ثم تحاول محاصرة هذا الصوت بكل الطرق الممكنة، ومنها الطرق القانونية.
فقد وجهت مجموعة من المحامين في إنجلترا خطابا إلى قائد الشرطة البريطانية، مارك رولي، تطالب فيه بفرض قيود على أعداد المشاركين في المظاهرات الداعمة لغزة، ومدتها، والطرق التي تسير فيها.
وأشارت دورية “جويش كورنيكال” الأسبوعية، وهي أقدم الدوريات اليهودية في بريطانيا، إلى أن “حملة مناهضة معاداة السامية” قامت بتنظيم كتابة هذا الخطاب، وأن المحامين الذين وقعوا عليه استندوا إلى قانون النظام العام الصادر عام 1986، الذي يتيح للشرطة حق تقييد المظاهرات “إذا كانت تؤدي إلى فوضى عامة”، أو “اضطراب مؤثر في حياة المجتمع”.
وحسب رؤية هؤلاء المحامين، فإن الشرطة البريطانية لا تملك العدد الكافي من القوات للسيطرة على المظاهرات بشكلها الحالي، وبالتالي عليها اللجوء إلى فرض قيود على المظاهرات لضمان قدرتها على العمل بفاعلية لفرض الأمن والنظام، وحماية المجتمع اليهودي في لندن.
عصا القانون
لكن على الجانب الآخر وجه أكثر من 250 من المحامين وأساتذة القانون رسالة إلى رئيس الحكومة البريطانية، ريشي سوناك، يطالبون فيها بالعمل على وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وشددوا على أن الحكومة البريطانية “يجب أن تتخذ خطوات عاجلة” لضمان امتثالها لالتزاماتها بموجب اتفاقيات جنيف بعدم تشجيع أو مساعدة انتهاكات القانون الإنساني الدولي من قبل دول أخرى.
وأوضح عدنان حميدان، نائب رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، في حوار مع الجزيرة مباشر أن “هناك محاولة لاستخدام عصا القانون للتضييق على المظاهرات المناصرة لفلسطين من قبل وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، ومجموعات مناصرة لإسرائيل. غير أن الادعاء العام البريطاني أكد أنه لا يمكن تجريم رفع العلم الفلسطيني أو تجريم شعار “فلسطين حرة من النهر إلى البحر”، لأن هذا يعبر عن رغبة في التحرر ورفض التمييز الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني”.
وأضاف حميدان أنه “لا يوجد في القانون ما يمنع ترديد هتافات تطالب بالحرية لفلسطين إلا إذا قدرت الشرطة أن هناك جريمة كراهية مصاحبة للهتافات لارتباطها بمكان بذاته، كأن يتم مثلا ترديد الهتافات أمام كنيس يهودي أو أن تتوجه المظاهرات لحي يسكنه اليهود. هنا قد تتدخل الشرطة لمنع الاشتباك أو وقوع جرائم كراهية”.
وقال حميدان إنه قبل تنظيم أي مظاهرة يتم الاجتماع مع الشرطة والنقابات، وتحديد مسار المظاهرة وتوقيت بدايتها ونهايتها. “ولم يصدر أي تصريح رسمي من الشرطة يقول إن المظاهرات تنتهك القانون. غير أن وزيرة الداخلية البريطانية لا تكف عن تحريض الشرطة على المتظاهرين بدعوى إثارة الكراهية، مع ملاحظة أن الشرطة لا تخضع لسلطة وزيرة الداخلية، هذا في الوقت الذي يطالب فيه المتظاهرون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة”.
يشار إلى أن هناك مجموعة من مكاتب المحاماة الكبيرة في بريطانيا تقدم خدمات قانونية للمتظاهرين. ويقوم محامون متطوعون من هذه المكاتب بمرافقة المظاهرات المناصرة لفلسطين، وتوزيع إرشادات قانونية على المتظاهرين، وتقديم النصح القانوني لمن يُعتقل منهم.
وتواصل مجموعة من المنظمات البريطانية الدعوة إلى التظاهر لنصرة فلسطين، رغم حملات التحريض على المظاهرات، ومنها المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، وحملة التضامن مع فلسطين، ومنظمة أصدقاء الأقصى، والرابطة الإسلامية في بريطانيا، وتحالف “أوقفوا الحرب”، وتحالف “أوقفوا التسليح النووي”.
ودعت هذه المنظمات إلى مظاهرة مليونية لنصرة غزة والمطالبة بوقف الحرب يوم السبت 11 نوفمبر، وهو يوم الذكرى في بريطانيا، إذ تحيي بريطانيا في هذا اليوم من كل عام ذكرى من فقدوا أرواحهم في الحروب.