في غزة.. العطش يهدد حياة الناجين من نيران الحرب

يواجه الفلسطينيون في غزة أزمة مياه بعد أن قطعت إسرائيل الخطوط الرئيسية المغذية للقطاع منذ أن أطلقت حربها المدمرة على الفلسطينيين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأصبحت أزمة المياه تتعمق بشكل متسارع منذ بداية حرب غير مسبوقة على غزة، قطعت خلالها إسرائيل جميع الإمدادات من كهرباء وماء وعلاج ووقود، وباتت الأوضاع الإنسانية فيها مأساوية.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن الوضع الإنساني في قطاع غزة كارثي ويزداد سوءا كل لحظة، وإن المدنيين في القطاع يتحملون التكلفة الإنسانية الباهظة خاصة النساء والأطفال.
وفي وصفها لما يجري، قالت “ما نراه في غزة لم نشهده أثناء وجودنا الدائم منذ 1967، فالتدمير طال البنى التحتية للمياه والمياه العادمة، حيث خرج معظمها من الخدمة مما ينبئ بكارثة بيئية”.
وأضافت في بيان “الحصول على نقطة ماء نظيفة للشرب أو رغيف خبز في غزة رحلة محفوفة بالأخطار، وتستمر ساعات”.
سكان غزة يلجؤون إلى مياه البحر للاستحمام رغم خطورتها pic.twitter.com/7JT9kH3JDC
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) November 8, 2023
سلاح أقوى من النار
أزمة المياه هذه تعمدت إسرائيل فرضها على غزة منذ بداية الحرب، وأصبحت سلاحا أقوى من النار ضد سكان القطاع.
وتشير إلى ذلك عمليات قصف نفذتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت مركبات لتوزيع المياه وخزانات فوق أسطح بنايات ومؤسسات صحية كان آخرها، يوم الأحد، في مستشفى الرنتيسي للأطفال وسط مدينة غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة “إسرائيل تعمدت استهداف خزانات المياه والطاقة الشمسية في مستشفى الرنتيسي، وتُعرّض حياة نحو 7 آلاف مريض وطاقم طبي ونازحين داخل المستشفى للموت عطشا”.
من جانبها، حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أمس الثلاثاء، من شح المياه في قطاع غزة، وسياسة إسرائيل التي تستخدم العقاب الجماعي وقطع إمدادات المياه للضغط على المدنيين لتهجيرهم من منازلهم وأماكن سكناهم.
وأضافت في بيان “الاحتلال قطع كل إمدادات المياه عن القطاع، وخصوصا عن مدينة غزة وشمالها، ما دفع المواطنين إلى شرب مياه غير صالحة بعد أن قام جيشه بقصف ما تبقى من خزانات مياه بصواريخ وطائرات أمريكية”.
ودعت حماس الأمم المتحدة والأطراف الدولية ذات العلاقة إلى “وقف هذه الجريمة ضد الإنسانية التي تُفضي إلى إبادة جماعية، والعمل بشكل فوري على إعادة إمدادات المياه”.
أهالي غزة يضطرون إلى شرب مياه البحر مع استمرار الحصار والعدوان الإسرائيلي على القطاع.. لكن ما أضرارها؟ pic.twitter.com/yiJ2vP9YfO
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) November 8, 2023
كيف يتعايش الفلسطينيون؟
هذه الأزمة دفعت الفلسطينيين إلى شرب مياه ملوثة يتم استخراجها من آبار قريبة من البحر وأماكن مياه الصرف الصحي.
وقال نائب مدير الرعاية الصحية الفلسطينية رامي العبادلة “سكان غزة يشربون مياها ملوثة، فالمياه مقطوعة بشكل تام، والجيش الإسرائيلي قطع 3 خطوط مياه عن القطاع”.
ويتم رصد نحو 1000 حالة يوميا ما بين الإسهال والجدري والتهابات الجهاز التنفسي والتسمم بسبب المياه الملوثة، بينما سُجلت 1000 حالة خلال 6 أشهر سابقا، وفق العبادلة.
وتُستخرج هذه المياه من الآبار عبر مولدات كهرباء صغيرة تم تحويلها من العمل بالبنزين إلى غاز الطهي، فلا يوجد أي كميات وقود حاليا في القطاع لكن الغاز موجود بكميات محدودة جدا ستنفد خلال أيام قليلة.
ولا تتوفر هذه المياه إلا في مناطق محدودة، لذلك يتوجه آلاف الفلسطينيين يوميا إلى محطات بعيدة عن مناطق سكنهم أو نزوحهم، ويقفون في طوابير طويلة جدا لتعبئة غالونات (الغالون 17 لترا) في عملية تستمر ساعات.
ولا يمكن لأي فلسطيني أن يحصل على المياه والخبز في يوم واحد، فكل طابور يستمر ما لا يقل عن 6-8 ساعات، لذلك يتوزع أفراد الأسرة الواحدة للحصول على احتياجاتهم.
ولكن هذا الحل لا يتوفر للجميع، فهناك مناطق يصعب الخروج منها للحصول على المياه بسبب الخشية من التعرض للقصف.
هؤلاء بدأوا أخيرا يعتمدون على العصائر والمياه الغازية المتبقية في بعض المتاجر، واستخدامها بديلا لمياه الشرب، ولكن هذه المشروبات لا تتوفر إلا بكميات قليلة.
كل هذه المؤشرات تدل على أن العطش سيكون مصير الفلسطينيين خلال أيام قليلة فقط، خاصة في مدينة غزة ومحافظة شمال القطاع التي لم تصل إليها أي كميات من المساعدات الإنسانية التي دخلت عبر معبر رفح الحدودي مع مصر.
ومنذ 33 يوما، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، استُشهد فيها 10328 بينهم 4237 طفلا و2719 امرأة، وأصيب نحو 26 ألفا، كما استُشهد 163 فلسطينيا واعتُقل 2215 في الضفة الغربية، حسب مصادر رسمية.
حياة تفتقر لأبسط المتطلبات الإنسانية.. فلسطينيون يعانون عدم وجود مياه نظيفة للشرب في قطاع غزة pic.twitter.com/NRCvQuhBTn
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) November 7, 2023